اخر المقالات

مجلة المنبر الخمسينى ترحب بك وتتمنى وقت ممتع فى دارسة كلمة الرب يسوع وكل عام وانتم بخير عام 2020 مليان باحسانات الرب عليك والخير والسلام على حياتك +أخبار المجمع+ +حفل افتتاح كنيسة خمسينية بالمنيا في مساء الأحد 29/ 10 / 2017، وبمشيئة الرب الصالحة، احتفل المجمع الخمسيني بمصر بافتتاح الكنيسة الخمسينية بالمنيا، للعبادة والصلاة، +أخبار المجمع+ وكان ذلك بحضور رئيس المجمع، القس عاطف فؤاد، ونائب رئيس المجمع القس إبراهيم حنا، وسكرتير المجمع القس ميلاد يوسف، والقس برنس لطيف من اللجنة التنفيذية، إلى جانب القس نبيل سعيد، راعي الكنيسة. وكان قد مضى على إغلاق هذه الكنيسة حوالي 22 عاماً.. +أخبار المجمع+ وقد تفضل مشكوراً بحضور حفل الإفتتاح: كل من: العميد أشرف جمال، عضو مجلس النواب عن دائرة المنيا، وفضيلة الشيخ محمود جمعة، أمين بيت العائلة بالمنيا، والأب بولس نصيف، من قيادات بيت العائلة، والعمدة عادل أبو العلا، نيابة عن أخيه اللواء شادي أبو العلا عضو مجلس النواب عن دائرة المنيا. والقس خليل إبراهيم، نائب رئيس مجمع النعمة.. +أخبار المجمع+ وقد ألقى العظة في هذا الحفل القس عاطف فؤاد، وهي من ( مزمور 132: 14) والآية التي تقول: «هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا». فتحدث عن السكنى الإلهية والبركات المترتبة عليها في أربع نقاط، وردت في المزمور، وهي: 1- طعامها أبارك بركة. 2- مساكينها أشبع خبزاً. 3- كهنتها ألبس عزاً. 4- أتقياؤها يهتفون هتافاً.

أرشيف المجلة

تأمل ..

دروس من حادثة الهروب الي مصر
 المحرر ..
     
جاء الطفل يسوع إلى بلادنا، بصحبة أمه القديسة العذراء مريم، ويوسف الرجل البار. جاءوا هرباً من بطش هيرودس الملك الشرير، الذي أراد قتل الصبي، ظناً منه أنه إذا عاش فسيكون ملكاً   على اليهودية بدلاً عنه. وقد نتج عن محاولة قتل الصبي يسوع، قتل أطفال بيت لحم وكل  تخومها. (مت 16:2) وقد جاءت العائلة المقدسة إلى بلادنا، وتنقلت بين ربوعها من الشمال إلى الجنوب، حتى وصلت جنوباً إلى جبل قسقام بالقوصية (وهو المكان الذي صار فيما بعد الدير المحرق). وهناك ظهر الملاك ليوسف وأمره بأن يعود بالصبي وأمه إلى أرض إسرائيل " لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي " ( مت2: 20) . فعادوا بعد أن قضوا في مصر نحو أربع سنوات.. 
   وهروب العائلة المقدسة إلى مصر نتعلم منه عدة دروس نافعة. لأن كل ماهو متعلق بحياة ربنا يسوع المسيح، فيه من الدروس ماهو عظيم الفائده لنا ، ويحتاج أن نتأمله من أجل فائدتنا . فتعالوا نتأمل أهم الدروس التي تحملها لنا قصة الهروب في النقاط التالية:

(1) مخطط الشيطان: 
 فهو الذي أوعز الى هيرودس بقتل الصبي يسوع ، مصوراً له أنه سوف يغتصب منه عرش ملكه بعد أن يكبر، وهو الأمر الذي لم يكن له وجود على الإطلاق في فكر المسيح، أو في قصد الله. فقد أعلن رب المجد قائلاً:  "  مملكتي ليست من هذا العالم "  (يو 36:19).. ولكن الشيطان استغل إنزعاج هيرودس من المولود ملك اليهود، واستخدمه كمطية طوعاء لكي ينفذ غرضه الشرير بقتل يسوع الصبي.. ومن أجل الوصول إلى هذا الغرض أرسل هيرودس وقتل جميع الأطفال في بيت لحم وكل تخومها ، حتى يكون الطفل يسوع واحداً من هؤلاء الأطفال! .. ولكن يسوع مع عائلته كانوا قد غادروا بيت لحم ، وذهبوا إلى مصر..  
       هذا هو مخطط الشيطان ، الذي قال عنه رب المجد : " ذاك كان قتالاً للناس منذ البدء " (يو44:8) .. وقد حاول قتل يسوع في طفولته ولم ينجح في ذلك ، ولكنه لم يهدأ طوال حياة المسيح على الأرض، وظل مقاوماً ومهاجماً له حتى أهاج عليه أعداءه فصلبوه!!.. إنه عدو شخصي للرب يسوع . ونحن أتباع الرب يعادينا ويحاربنابلا هوادة . والمطلوب منا، والحالة هكذا، هو اليقظة الروحيه الدائمة ، والصلاة المتواصله إلى الرب ليحمينا من أذيته.. ومع ذلك فلا يجب أن  نخشى الشيطان طالما نحن في حمى قائدنا الظافر، الذي هزمه هزيمة ساحقة في موقعة الصليب!

(2) القضاء الإلهي على الشرير يُجرى في وقته:
    تأنى الله على هيرودس، وتركه ليرتكب جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائمه، وهي مذبحة الأطفال الأبرياء.. وكان يمكن ان يتم القضاء الإلهي عليه قبل إرتكاب هذه المذبحة . ولكن لم يشاء الله ذلك لأنه لابد أن مكيال شر هيرودس لم يكن قد اكتمل بعد.. ولما اكتمل مكياله جاء القضاء عليه ، وانتهت حياته.. لقد تم القضاء عليه في الوقت المحدد من الله، بدون تقديم أو تأخير .. وفي هذا درس لنا ، حتى اذا ما واجهنا ظلماً ، فيجب أن نصير على الظلم والظالم حتى يحين موعد إجراء العدل والقصاص من الظالم ، من قبل الله ..

(3) استعمال وسيلة للنجاة مادام ذلك في الإمكان : 
    وهذا ما تم تدبيره من قبل الله ، فأرسل ملاكه إلى يوسف في حُلم وأمره بأن ياخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر، لأن    هيردوس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه .   ( مت2:  13).. وكان من الممكن أن يحفظ الله ابنه فلا تصل اليه أيدي الغدر .. وهذا ما  حدث مع المسيح في ما بعد ، ولم يفلح أعداؤه في إيقاع الضرر به ،لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد ( لو4: 29 ويو 8: 59).. لقد كانت إرادة الله أن تهرب العائلة المقدسة إلى مصر ، ليعطينا درساً مهماً في كيفية التصرف في المواقف المشابهة ، وهو عدم التهاون أو التقاعس إزاء ما يواجهنا من أخطار. فلو كان أمامنا خطر يهددنا، من أي نوع ، فعلينا أن لانتردد في إستعمال ما هو متاح أمامنا من وسائل تكفل لنا النجاة ، واضعين في اعتبارنا أن أي وسيلة تحمل لنا إبعاد خطر أو جلب منفعة هي من ترتيب الله الصالح لنا . وهذا هو مبدأ الأخذ بالأسباب ، مع الإتكال الكامل على عناية الله الحافظة ، حيث أن يد الله هي الحافظة للمتكلين عليه ، وتمتد لنجاتهم من الضيقات والأخطار، إما بالوسائل التي يرتبها للنجاة ،أو بطرق معجزية !!       

(4) العائلة المقدسة في طريق الآلام :
    قلما نفكر في المتاعب الهائلة التي عانى منها كل من الطفل يسوع وأمه العذراء القديسة مريم ويوسف البار ، في عملية هروبهم إلى مصر، وإقامتهم فيها، ثم عودتهم ثانية إلى موطنهم الأصلي .. فلنا أن نتصور كيف خرجت العائلة الصغيرة من بيت لحم ليلاً في طريقها إلى مصر، حيث نرى العذراء ومعها الطفل يسوع فوق ظهر حمار ، يقوده يوسف الرجل المسن .. كم كانت الرحلة شاقة وهم يسيرون عبر صحراء سيناء الشاسعة ، حتى وصلوا إلى داخل مصر ، وكانوا يتنقلون من مكان إلى مكان ، يعانون التشرد وعدم الإستقرار، حتى جاءهم الأمر الإلهي بالعودة إلى أرض إسرائيل بعد قضاء نحو أربع سنوات في بلادنا، قضوها في ظروف صعبة ، وأخيراً عادوا إلى وطنهم، وسكنوا في مدينة الناصرة.
     فماذا يريد الرب يسوع ان يقول لنا من خلال المعاناة التي جاز فيها مع عائلته الصغيرة ؟ إنه يريد أن يقول: إنني عشت على الأرض متالماً، وكنت سبباً لآلام عائلتي الصغيرة ، وكذلك سأكون سبباً في آلام عائلتي الكبيرة ، كل اتباعي عبر كل العصور.. ونحن اتباعه يتعين علينا ، وقد قبلناه مخلصاً ورباً على حياتنا أن لانتذمر من شركتنا في آلامه، بل بالحري نصبر شاكرين .  وسوف نختبر،   ونحن في وسط الآلام ، التعزيات والبركات التي يفيض بها الرب على حياتنا. وهذه تجعلنا مبتهجين بفرح لا يُنطق به ومجيد (1 بط 1: 8 )  ثم لايجب أن ننسى المجد الذي ينتظرنا بعد إنتهاء رحلة الحياة الحاضرة. " إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه"( رو8 : 17).                                        

(5 ) زيارة مباركة إلى مصر وشعبها :                                                                              
    لقد بارك المسيح مصر، أرضاً وشعباً ، ذبقدومه اليها والتنقل بين ربوعها .. وكان من الممكن له أن يلجا إلى مكان أو بلد آخر، ولكن بدلاًمن ذلك نجده يلجأ إلى بلادنا المصرية ، بصحبة أمه القديسة العذراء ، والرجل البار يوسف .وكانت الأسرة المقدسة تتنقل من مكان إلى آخر داخل البلاد، فتحل البركات في أماكن تواجدهم، بل أن بلادنا كلها قد تباركت بسببهم  

لقد كانت مصر غارقة في وثنيتها في ذلك الزمان ، ولم يكن المصريون قد عرفوا الإله الحقيقي بعد ، فجاء المسيح واضعاً قدميه في أرض مصر، معلناُ أنها قد صارت له .. وقد انتشرت الكرازة بإنجيل المسيح فيما بعد ، وصار كثيرون من المصريين للمسيح في وقت وجيز نسبياً ، وعمت البركات  الإلهية كل أرجاء بلادنا.. فشكراً لك سيدنا المبارك على هذه الزيارة التي بها باركت بلادنا..                                                                          

القضاء النهائى على الشيطان ومملكته

القس : عزيز مرجان
( رئيس المجمع الخمسيني بمصر )
" ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح الهاوية ، وسلسلة عظيمة على يده ، فقبض على التنين ، الحية القديمة ، الذى هو ابليس والشيطان ، وقيده الف سنة . وطرحه فى الهاوية وأغلق عليه لكى لا يضل الأمم فى ما بعد ، حتى تتم الألف السنة . وبعد ذلك لابد أن يُحل زماناً يسيراً ( رؤ 20 : 1ـ 3 )  
    رأى يوحنا هذا الملاك نازلاُ من السماء . وهذه الرؤيا تكملة للرؤيا التى رأها فى (رؤ19) عن المعصرة ، والقبض على الوحش والنبي الكذاب .. جاء هذا الملاك ومعه مفتاح الهاوية . ومعروف أن مفتاح الهاوية مع الرب يسوع ، كما قال في (رؤ1: 18) " ولي مفتاح الهاوية والموت " . فالواضح هنا أن الرب يسوع قد أعطى هذا المفتاح للملاك . وقوله :"سلسلة عظيمة على يده " ، وهي التى سيقيد بها الشيطان ، فلا نقدر أن نصفها بأنها سلسلة حديدية أو نحاسية مثلاً ، أو من أي معدن آخر ، لأن الشيطان روح ، لكن نصف هذه السلاسل ونسميها كما سماها بطرس فى ( 2 بط 2 : 4 ) " لأنه إن كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا ، بل فى سلاسل الظلام طرحهم ... " إذاً نرى هنا أن السلاسل ليست سلاسل مادية ، بل سُميت بالوحي ، كما قرأنا ،"سلاسل الظلام"
      ويعلن الرائي أيضاً أن الشيطان بعد تمام الألف سنة سيخرج من سجنه ، ليعيد نشاطه مرة أخرى في تضليل العالم ، لكنه سيجد نفسه بدون
مساعدين له .. وقيل انه سيُحل " زماناً يسيراً " . فلن يسمح له الرب بمدة أطول ، لكي لا يتمادى في غيه وضلاله .. وسيأتي الكلام بالتفصيل عن هذا الأمر.
    " ثم متى تمت الألف السنة يحل الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم الذين فى أربع زوايا الأرض : جوج وماجوج ، ليجمعهم للحرب ، الذين عددهم مثل رمل البحر " ( رؤ 20 : 7،8)
      لقد ذكر لنا الرائي فيما سبق ، أن الشيطان لابد أن يُحل زماناً يسيراً بعد الألف سنة ، وهنا يقول :" متى تمت الألف سنة ، يُحل الشيطان " فمدة الألف سنة هذه كان الشيطان مسجوناً ومقيداً , وبعد أن تستريح الأرض من شره هذه المدة ، يُحل ليزاول نشاطه الأول . لكن من هم الذين سيزاول نشاطه معهم ؟ انه يخرج ليضل الأمم ويجمعهم للحرب . وقد ينسى الأشرار مدة الألف سنة التى فيها استراحوا من الشيطان ، وكان يملك عليهم الرب يسوع . وللأسف يستجيبون لإغراءاته وسيخضعون له ، ويجتمعون للحرب . بهذا نعرف أنه قبل الألف سنة مباشرة ستكون معركة هرمجدون الوارد ذكرها فى ( رؤ 16:16)  " فجمعهم إلى الموضع الذى يدعى بالعبرانية هرمجدون " . ثم هذه المعركة الثانية ستكون بعد الملك الألفي وهي المسماة بجوج وماجوج ، وهي الدول الشرقية المعروفة في هذا الوقت . وسوف يقود هذه المعركة بنفسه بعد أن يُحل من سجنه ..
     " فصعدوا على عرض الأرض ، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة ، فنزلت نار من عند الله وأكلتهم " ( رؤ 20: 9)               إن الشيطان استطاع بسرعة فائقة أن يقنع جيوشاً كثيرة كرمل البحر ، بالحرب ضد اتباع الرب وضد البقية التقية وينسيهم مُلك الرب على الأرض وعز الملك الألفى .. وبعد أن كان الشيطان مقيداً مدة الألف سنة ، يخرج بعد إتمام هذه المدة ، عالماً أن له زماناً يسيراً ، فيقوم للعمل بكل جهده . ويصعدون على الأرض ، وهي الأرض المقدسة ، ويحيطون بمعسكر القديسين ، والمدينة المحبوبة ، أورشليم الأرضية ، لأن كل الكنيسة تكون قد اختُطفت قبل الألف سنة . وهذه المعركة بعد انتهاء الألف سنة مباشرة . فيكون موقع المعركة منطقة الشرق الأوسط . لكن الله لن يترك شعبه ." فنزلت نار من عند الله فى السماء وأكلتهم " فهو الذي سيحارب عنهم وهم صامتون . ولن يحدث تصادم بين جيش العدو وجيش الله ، لأنه سوف يتدخل سريعاً ويحسم الأمر لصالح شعبه ..وإبليس الذي كان يضلهم ، طرح في بحيرة النار والكبريت ، حيث الوحش والنبي الكذاب، وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبد الأبدين "(رؤ 20 10) 
   لقد أنهى الرب المعركة بالنار التى أكلت كل جيوش العدو وهم من الأمم الذين أضـــــلهم الشيطان ، والمشار اليهم بـ جوج وماجوج (عدد 8) لكن الله لن يترك إبليس الذى كان مقــــــــيداً مـــــــدة الألف سنة ، وخرج زماناً يسيراً ، وأنتهت المدة بانتهاء هذه الحرب ، وسوف يعود الرب ويقبض على ابليس ويطرحه فى بحيرة النار والكـــــبريـــت ، طرحاً أبدياً لأنه سيعذبه فى النـــــــــــــار إلى أـبـــــــــــــد الآبدين ، هو وأتباعه : الوحش والنبى الكــــــــــذاب . ولن يكون لإبليس عمل مرة أخرى ، بل سينتهي إلى الأبد ، إذ سيكون فى بحيرة النار هــــــــــــــــــــــــــــو وجنوده ، هذا هو الشيطان ، الحية القديمة.هذا  هو مصيره النهائي ومعه كل تابعيه ..   

الرب الديان العادل

 د. شهدي جاد
" قد جاهدت الجهاد الحسن ، أكملت السعى ، حفظت الإيمان . وأخيراً قد وُضع لى إكليل البر ، الذي يهبه لي في ذلك اليوم ، الرب الديان العادل "( 2 تى 4 : 7 ، 8 )
من خلال هذه الآية ، عزيزي القارئ أسأل سؤالاً بريئاً مع الرجاء أن لا تتسرع فى الإجابة إلا بعد تفكير عميق ، ودراسة متأنية . وهذا السؤال هو : هل سيقف المؤمن أمام الرب كالديان العادل ، أم سيقف أمام الرب للمكافأة؟ مع الوضع فى الإعتبار أن الآية موضوع تأملنا يوصف الرب فيها كالديان العادل ، رغم إنه يعطى مكافآت ؟! وأنت تسأل كيف هذا ، ألم يقل الكتاب فى (رو8: 1) " إنه لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع ؟ " نعم ، وأن المؤمن لايأتي إلى دينونة ، بل قد انتقل من الموت الى الحياة . ولماذا يذكر الكتاب أن المؤمن سيقف أمام الرب كالديان العادل ، ولماذا منظر الدينونة هذا ؟
    أما من جهة الآية السابقة فقد استُغلت من الكثيرين ، بل استخدموها كرخصة لحياة اللامبالاة والتراخي وارتكاب أشباه الشرور ، بل وأحياناً الكبائر بحجة أن المؤمن لن يقف أمام المسيح كالديان إطلاقاً ، ولكنه فقط سيقف لبعض الحسابات . ومهما كانت أعماله رديئة أو شريرة ، فلا خوف من ذلك ، فالنعمة كفيلة بأن تغطي كل العيوب ، وسيُحرم المؤمن فقط من بعض الأكاليل ، لكنه فى النهاية سيكون من العروس ، وسيجلس مع المسيح على العرش على أي حال !!
     وبذلك منحت لي هذه الآية مطلق الحرية ، وإستخدام حق الفيتو ضد أي أحكام تصدر عليّ ، عقاباً على أفعالي المشينة، ولهذا تشجعني بطريقة غير مباشرة على الإستهانة بالخطية وفعلها ! ألم يقل الكتاب : " القلب أخدع من كل شئ وهو نجيس ، من يعرفه ؟" ( إر 17 : 9 ) ... وقبل أن ندخل في تفسيرنا لهذه الآية ، أذكر القارئ العزيز بحقيقة لابد أن تُوضع فى الإعتبار لدارسي الكتاب وهى : إنه من أخطر الأمور على الإطلاق استخدام آية أو آيتين لتثبيت تعاليم أو عقيدة ،قد تكون سبباً في سقوط كثيرين !!.   
   على سبيل المثال فى ( يو 3 : 17 ) : لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم ، بل ليخلص به العالم ".. فلو فسرنا هذه الآية بنفس الطريقة الحرفية ، مثل الآيات السابقة لخرجنا بنتيجة غريبة عن الحق الكتابي ، وهي أن الابن لن يدين أحداً من العالم ، وأن كل العالم سيخُلص دون أي شروط . ولكن مع قراءتنا لبعض الآيات في أمكان أخرى من الكتاب ، لإستقامت الأمور مثل :
·         " الآب لا يدين أحداً ، بل قد أعطى كل الدينونة للابن "
·         " الله الآن يأمر جميع الناس فى كل مكان أن يتوبوا ... لأنه أقام يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل ، برجل قد عينه .. " (أع 17 : 30 ، 31 )
·         أما الآية التى تقول :" إذاً لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع " (رو 8 : 1 ) فلكي يتمتع بها المؤمن ، وتنطبق عليه ، هناك شرطان :
  أولاً: أن يكون المؤمن في المسيح . وقبل ما تندفع وتقول : وهل هناك مؤمن مولود من الله، لا ينطبق عليه هذا الشرط: إنه  في المسيح ؟ . للأسف نعم وألف نعم !.. هل تستطيع أن تجيبني عن هذه الأسئلة ، وبضمير صالح قدام الله ؟
    * هل كل مؤمن مولود من الله ، ولكنه أحب العالم الحاضرـ وهذا من السهل جدا ًـ وبالتالي أصبح عدواً لله - كما قال الكتاب : " لا تحبوا العالم " . فهل هذا يكون فى المسيح ؟. أو كل مؤمن بدأ بالروح ثم أكمل بالجسد ، هل يكون فى المسيح ؟
    أو هل كل مؤمن رافض أن يغسل رجليه بانتظام ، عن طريق كلمة الله ، وحكم الرب عليه ، في حالة عدم غسل رجليه ، هو :" إن لم أغسلك ليس لك معي نصيب " . هل هذا المؤمن يستحق أن يكون فى المسيح ؟ .
    * هل كل مؤمن لم يقمع الجسد ويستعبده . وبهذا أصبح مرفوضاً ، هل يستحق أن يكون فى المسيح ؟.
    * ألم تسأل نفسك ، عزيزي القارئ : أن بولس الرسول الذي أختُطف إلى السماء الثالثة ، ما هي المؤهلات التي جعلت شخصاً ، وهو على الأرض حي يرزق ، يُختطف إلى السماء الثالثة ، غير أنه في المسيح . فقد قال :" أعرف إنساناً فى المسيح "( 2 كو 12 : 2 )
    ثانياً : وهو واضح وضوح الشمس : أن الذين لا شئ من الدينونة عليهم ، لابد أن يكونوا " السالكين ليس حسب الجسد ، بل حسب الروح " وهذا شرط أساسي أيضا . نعم عزيزي القارئ فمع تأكدنا أن الشرط الأساسي لغفران خطايانا ، وربح الحياة الأبدية ، هو بالإيمان بكفاية عمل المسيح على الصليب ، إلا أن هناك مؤهلات أخرى يحتاجها المؤمن وهو على الأرض .. وهو في طريقه إلى الأبدية ، لكي لا تكون وقفته أمام كرسي المسيح مخزية ، وتدان أعماله أمام الرب الديان العادل..
    لأجل ذلك يطّوب يوحنا الرسول الأموات ، ولكن من نوعية خاصة ، وهم الذين يموتون في الرب ، ويكمل قائلاً : نعم يقول الروح :" لكي يستريحوا من أتعابهم ، وأعمالهم تتبعهم " ( رؤ 14 : 13 )
    لهذا يجب ، عزيزي القارئ ، أن تعرف وتتيقن تماماً من أن أعمالك وسلوكك سوف تقف بهما أمام الديان ساعة الحساب ، نعم ستقف في ميدان الدينونة والحساب ، وستُمحص كل أعمالك وتدان . ولن تجد لك منقذاً في حالة ثبوت التهم عليك وإدانتك ، وخسارتك لكل شئ ، سوى اسمك المكتوب في سفر الحياة ، لأن الكتاب يقول : " سيدان الأموات ( وليس بعضهم ) بحسب ما هو مكتوب فى أسفارهم كأعمالهم ( رؤ 20 : 12) لتذهب بعد ذلك إلى الأرض الجديدة ، حيث شعوب المخلصين . ويكون الرب بهذا قد رحمك من العذاب الأبدي . وهنا تظهر كفاية عمل المسيح المخلص . ولكن خسارتك ستكون مفجعة لأنك لن تكون من العروس ، والتي سيمشي شعوب المخلصين بنورها في الأبدية !
     طبعاً هناك شواهد كتابية لا حصر لها فى كلمة الله أمام : لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح ، لكي تنضبط الأمور ومنها : " لأن الله يُحضر كل عمل إلى الدينونة ، على كل خفي ، إن كان خيراً أو شراً "(جا 12 : 14 ) .. و " بل قد أتيتم إلى مدينة الله الحي ، أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة ، وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات ، وإلي الله ديان الجميع " ( عب 12 : 23 ) .. نعم انه ديان كل الأرض . ( تك 18 : 25 )
    ألم ينذر الرسول يعقوب المؤمنين ويحذرهم من السلوك المشين حتى أبسط الأمور الحياتية . هناك شاهدان هما : " لا يئن بعضكم على بعض ، هوذا الديان واقف على الباب " ( يع 5 : 9 ) .. " لتكن نعمكم نعم ولاكم لا، لئلا تقعوا تحت دينونة " ( يع 5 : 12 ) .. نعم بل أن بولس الرسول يذهب أكثر من هـــــــذا مـــــنإنذار شديد اللهجة إلى درجة التهديد من جهة المصير الأبدي ، قائلاً عن الأسقف وشروط رسامته :" أن لا يكون حديث الإيمان لئــــــــــلا يتصلف . فيسقط في دينونة إبليس " ( 1 تي 3 : 6 )
     وهذه الآية قد تكون سبباً في قلق البعض ، لما تحمله من إمكانية هلاك المؤمن المرتد . وبصراحة شديدة كنت أتحاشى الخوض فى هذه المسألة .. وإني أسألك ، عزيزي القارئ  : ما هي دينونة إبليس ؟ لا تتسرع وتقول أنها الكبرياء ، لأنها خطية إبليس ، وليست دينونة إبليس .. وبعد مراجعة عدة ترجمات أصلية وجدناها الطرح فى بحيرة النار والكبريت ، وياللهول !!
     ثم ألم ينذر أيضاً الرسول بولس كل من يزعج الأخوة في غلاطية قائلاً : " ولكنني أثق بكم في الرب أنكم لا تفتكرون شيئاً آخر، ولكن الذي يزعجكم سيحمل الدينونة أي مـــــــــن كان "  ( غل 5 : 10 ) ( أي نوع من الناس) .. هل الرب سيدين شعبه ؟ صدقني نعم ذُكـــــــرت في   ( عب 10 : 30 ) " فأننا نعرف الذي قال لي الإنتقام ، أنا أجازي يقول الرب ، وأيضاً الرب يدين شعبه "
      عزيزي .. لن ينفع الندم بعد فوات الأوان . دم المسيح هو الأساس لا جدال فى هذا ، وهو الطريق إلي السماء . ولا يوجد ثمن لخلاصنا إلا هو ولكن الله قدوس ، وسيُحضر كل عمل إلي الدينونة .. لأتتهاون ، ولا تيأس .. الطريق طويل ، والمعركة قائمة .. لا تعط فرصة لاستباحة الخطية بحجة أنك لن تأتي إلى دينونة ، فهذا في منتهى الخطورة .. جهادنا سيستمر حتى الدم ضد الخطية .. ولا تنس ، ولا يبعد عن بالك لحظة انك ستقف أمام كرسي المسيح للمحاسبة .. !
  

" وسُمع له من أجل تقواه " (عب 5: 7 )

 القس / عطية كامل
 تُعتبر الآية السابعة من الأصحاح الخامس في الرسالة إلى العبرانيين ، والتي تقول عن المسيح له المجد ما نصه " الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات للقادر أن يخلصه من الموت ، وسُمع له من أجل تقواه " من الآيات التي يقف أمامها القارئ للكلمة الإلهية متحيراً ويسأل:     لماذا يصرخ المسيح بشدة ويبكي دامعاً إلى الآب لكي يخلصه من الموت ؟!، وأي موت هذا الذي أراد له المجد الخلاص منه ؟! ، وهل هناك في دائرة الموت ما جعله يصلي كل هذه الصلوات ، ويصرخ كل هذا الصراخ الشديد وبدموع ، للنجاة منه ؟!، ثم لماذا كانت الإجابة مرهونة بتقواه ؟ لأن النص الإلهي يقول : " ... وقد لبى الله طلبه إكراماً لتقواه " ( الترجمة التفسيرية ) أو :" ... وسُمعت صلاته بسبب تقواه " ( الترجمة العربية المبسطة)
    إن كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير ، من حق القارئ أن يسألها ، وواجب الشارح أن يجيبه إجابة مقنعة بأدلة وبراهين واضحة ، ولاسيما أن المسيح لم يكن يصرخ بشدة وتضرع طالباً بدموع أن لا يموت ، بل أن يُخلص ويخرج من الموت بعـــــد مــــــــــوته ، أو "يُنجى من سلطانه " ، حسب تعبير أ. م . سيتبس ، في شرحه للعبرانيين . والنجاة من الموت تكون دائماً وأبداً بالقيامة وفي هذا يقول الكتاب المقدس الدراسي :" إن الآب أنقذه من الموت بالقيامة . وهذا ما يؤكده هاملتون سميث بالقول "سُمع له إذ أقيم من الأموات ". أما المستر . ف . ب هول فيقول: " ... أنه لم يُنقذ من الموت ، بل مات فعلاً ، ولكن سُمع له بخلاصه من قبضة الموت بالقيامة " . أما وارين ورسبي فيشرح النص قائلاً :" ... لقد كان يصلي لأجل القيامة من الموت ، وقد سمع الله صلاته ..
     وهنا تظهر الحقيقة الصادمة ، وهي أن القيامة من الأموات كانت مطلب المسيح الهام والوحيد من صلوات خاصة وسرية ، وهو لأجل هذا صرخ كثيراً إلى الآب وبكى بدموع سخينة ، وقدم الطلبات والتضرعاتبأن يخلص من الموت ، ويقوم تاركاً هذه   الدائرة الكئيبة والمظلمة !. أما المفاجأة فكانت أن قيامته من الموت كانت مرهونة بتقواه فقد استجاب الآب صلاته ، وأقامه من الموت لأنه كان تقياً !!
    إن هذه الآية ( عب 5 : 7) تكشف لنا السر العظيم وراء ثقة المسيح الشديدة ، والتي تظهر في الأناجيل واضحة من جهة قيامته . فهو يقول لليهود مثلاً ، وهو موقن ومتأكد ؛ " ... انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه ... " ( يو 2 : 19) . وكان يقول عن هيكل جسده ، كما يقول الكتاب فى ( يو 2 : 21 )
     ومن هذه الآية ( عب 5 : 7 ) نعرف شيئاً لم توضحه لنا الأناجيل عن حياة المسيح قبل الصليب والقيامة ، وهو صراخه إلي الآب ، وكان شديداً ، ودموعه وطلباته وتضرعاته اليه ، لكي يقيمه من الموت . وقد استمر هذا كله حتى سُمع له ، وتيقن أن الآب سيقيمه ، لا لأجل صراخه ودموعه و .... و .... فقط ، ولكن أيضاً لأنه كان تقياً !! كما نلاحظ أن تقوى المسيح كانت من نوعية تعترف بها السماء ، لا تقوى سطحية قشرية أو زائفة . وليس ذلك فقط ، بل نلاحظ أيضاًإن الرب له المجد، لم يقدم طلباً بل طلبات، ولم يقدم تضرعاً ، بل تضرعات. وكان ذلك بصراخ شديد، وليس مجرد صرخة ودموع . وواضح من النص إنها كانت دموعاً غزيرة !!
     وهنا أقول : إن كان الإنسان الكامل لم يسلم نفسه للموت ، إلا بعد تيقنه من القيامة . فمساكين أولئك الذين يظنون أن قيامتهم حتمية ، رغم كل ما فيهم من أمور ، هُم أدري الناس بها !! .. نعم توجد قيامة للأثمة ( أع 24 : 15 ) . ولكني أتحدث هنا عن القيامة من الأموات ، وهي ليست متاحة للكل ، لأن كثيرين سيمسكهم الموت إلى آخر لحظة . أما المسيح ومن يشابهونه عملياً فلا ... ( أع 2 : 23 و 24 )
     ولقد وضع الرسول بل وعرّف أن للقيامة شروطها ، فكتب يقول ، وهو من هو بولس العظيم !! .. " لأعرفه ، وقوة قيامته ، وشركة آلامه متشبهاً بموته ، لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات " ( فى 3 : 10 ، 11 ) . فبولس العظيم لا يدّعي أن قيامته حتمية ، كما يدعي البعض ، بل رسم لنفسه ، بوحي من الله ، طريقاً طويلاً وشاقاً ، وعزم على السير فيه ، ثم يقول    بتواضع:" لعلي ابلغ إلى قيامة الأموات !! " .. أه يا بولس العظيم من قوم يقولون بقيامة أولى عامة لجميع المخلّصين ، وبلا شروطك يا بولس ويا للاسف ..
     وهنا أنقل ما كتبه علم الرئاسة أبو اسحق ابراهيم ولد الثناء ، ابن صفي الدولة ، أبي الفضائل ، كاتب قيصر ، العلامة  (هكذ كتب اسمه أبناء جيله) : " والذي كان ملماً باللغات القبطية والعربية واليونانية والسريانية والعبرانية . وكتب في القرن الثالث عشر يقول : " ... لا يقوم في هذه القيامة الأولى ، إلا أبرار الدعوة المسيحية فقط " كما قال : " هذه القيامة لا يُدعى اليها الا الفائزون السعداء .. واكمل قائلاً : وأما من سواهم ، باراً كان أو فاجراً ، فإنما يقوم في القيامة العامة "
     فعجباً لكم يا من أخفيتم شروطاً وضعها الله للقيامة الأولى ، وجعلتموها مسخاً يشمل الجميع ، مع أنكم تضعون شروطاً لم يضعها الله لكي ما يتقدم أحدهم إلى مائدتكم وخبزكم المكسور . فمائدتكم لها شروطها ، أما القيامة الأولى والتي قال فيها الوحي : " مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى " . فهي بلا شروط ، بلا بوابة ، وأسفاه !! ..     وعن هذا ايضاً يكتب دانيال كارم في شرحهلرسالتي تسالونيكي قائلاً : " سيختبر البعض قيامة أفضل من البعض الآخر" كما يقول :  " أراد بولس قيامة أفضل " (عب 11:  35 ) .أراد بولس ان يشارك في القيامة الأولى وهذا أمر يتطلب الكثير من الجهد. كان يسعى نحو الهدف ، فلن يبلغ القيامة الأولى المباركة أحد من الكسالى !! ( أنتهي كلام دانيال كارم )
     عزيزي : إن صرخات الإنسان الكامل ودموعه وتضرعاته ، إلى جانب تقواه ، كانت طريقه إلى قيامته الفريدة ، كما أن معرفة أكثر للمسيح وقوة قيامته ، ومشاركته في آلامه ، والتشبه بموته ، كانت طريق بولس ليقول فقط : " لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات " . أما يوحنا حبيب المسيح ، فلقد طوب أصحاب القيامة الأولى ، كما وضع لها شروطها في ( رؤ 20 : 4ـ 6 ) ولك أن تقرأها لنفسك ، لعلك تكون من الفائزين .. أمين .. 

النبوات بنهاية مدينة بابل،وكيف تحققت ؟ !

الدكتور القس / صفاء داؤد 
كانت مدينة  " بابل " سيدة المدائن . يقسمها نهر الفرات . وتعتبر حلقة الوصل والمركز التجاري الهام بين الشرق والغرب . بلغت مساحتها 196 ميلاً مربعاً . ومحيطها 56 ميلاً , ويحيط بها سوران , يبلغ ارتفاع السور الخارجي 100متراً  وعرضه 24 متراً ،  ويكفي لسير ست عربات مركبات حديدية متجاورة , وعمق أساساته 12 متراً . وعلى السور 250 برجاً للمراقبة , وبه 100 بوابة من خشب الأرز المغشى بالنحاس اللامع . وسورها الداخلي مبني بالقوالب الملونة , التي تمثل مناظر لصيد النمور والأسود . واشتهرت بابل بحدائقها المعلقة وهي إحدى عجائب الدنيا السبع ..!      وتقدمت بابل في العلوم، واخترعت الألف باء للكتابة , وتقدمت في علوم الحساب والهندسة . ومن عظمتها خشي " هيرودوت " ان يصفها لئلا يكذبه الناس .. ورغم هذه العظمة , فقد تنبأ عنها كل من " إشعياء " و" إرميا " بالخراب الأبدي في وصف تفصيلي للغاية . ويمكن تتبع النبوات كالآتي : لم ينس الرب ما فعله " نبوخذ نصر " إذ خرّب مدينة أورشليم , وسلب الآنية المقدسة , وخرّب الهيكل , بالإضافة إلى شرور بابل الأخرى . ولذلك جاءت النبوات بمعاقبتها :" واكافئ بابل وكل ارض الكلدانيين على كل شرهم الذي فعلوه في صهيون , أمام عيونكم , يقول الرب " ( إر 51 : 24 ) . وتوعدها قائلاً: " فلو صعدت بابل إلى السماوات , 
ولو حصنت علياء عزها , فمن عندى يأتي عليها الناهبون , يقول الرب " ( 51 : 53 ) وحدد إشعياء بأن الخراب سيحل ببابل على يد مملكة فارس ومادي , وتنبأ قائلاً : " قد اعلنت لى رؤيا قاسية : ... اصعدي ياعيلام حاصري يا مادي " (إش 21 :2 ) . وحدد إشعياء اسم الملك ( كورش ) الذى سيكتسح " بابل " وسيصرح ببناء أورشليم وتجديد الهيكل : " القائل عن كورش : راعىيّ ، فكل مسرته يتمم . ويقول عن أورشليم : ستُبنى ، وللهيكل : ستؤسس " ( إش 44 : 28 )  ويصف هيرودوت حصار المدينة فيقول : " وهكذا زحف الماديون والفارسيون على بابل بزعامة كورش . وعندما طاف كورش وكبار قواده حول المدينة ، ورأوا استحالة خضوع هذهالأسوار لكل آلات الحرب المعروفة  آنذاك ، فضلاً عن الحاجز المائي المنيع ، لم يغير رأيه ، بل أمر بحصار دقيق لها .. وأحاطوها لمدة سنتين .. والأمر العجيب أن رجال " بابل " خشوا الخروج من المدينة لفك الحصار ، تماماً كما تنبأ إرميا النبي : " كف جبابرة بابل عن الحرب ، وجلسوا فى الحصون . نضبت شجاعتهم . صاروا نساءاً " (إر 51 : 30 ) . ويذكر " زينوفون " المؤرخ أن كورش دعا ملك بابل للمغادرة الفردية فأبى .. كيف اقتحم " كورش " بابل ؟ . لقد هرب من مدينة بابل رجلان وأنضما إلى جيش فارس ، فأستعان بهما كورش ، ووضع خطة لإقتحام المدينة . فطلب كورش من جنوده حفر خندق ضخم جداً . وفي الليلة السابقة من تشرين الأول 539 ق . م ، تم تحويل مجرى نهر الفرات ، وتحققت نبوة إرميا : " هكذا قال الرب ... انشف بحرها وأجفف ينبوعها " ( إر 51 : 36 ) . وأقتحمت قوات فارس المدينة عبر مجرى النهر الأصلي.     كيف تم الهجوم على المدينة الحصينة ؟ . فى ليلة كان فيها البابليون يقيمون حفلاً لإلهتهم , يرقصون ويسكرون ويضحكون على اعدائهم الواقفين عاجزين خارج الأسوار الحصينة , دون ان ينتبهوا الى " كورش " الذي حـــــــــــّول مجرى النهر , ويسرع بجيشه الجرار الى داخل المدينة . وفوجئ أهل بابل بجنود كورش داخل المدينة, وداخل البهو الملكي , بحسب ماصوّر إرميا النبي من قبل : " قد حلف رب الجنود بنفسه : إنى لأملانك أناساً كالغوغاء , فيرفعون عليك جلبة " ( إر 51 :14 ) ويقول هيرودوت : " بعد ان حفر كورش خندقاً عظيماً , وأنجز هذا العمل الهندسي العظيم , فى ليلة كان فيها البابليون غارقين فى سكرهم وبطرهم وأفراحهم , ظناً منهم ان مدينتهم أمنع من عُقاب الجو ! " ( العُقاب طائر من كواسر الطيور , قوي المغالب , حاد البصر ) تنبأ إرميا قائلاً : " يركض عداء للقاء عداء , ومخبر للقاء مخبر , ليخبر ملك بابل بأن مدينته قد أحذت عن أقصى " ( إر 51 : 31 ) .. وفعلاً تمت هذه النبوة , إذ اقتحم " كورش " مجرى النهر من طرفيه فى وقت واحد , فركض المخبرون من الجانبين ليخبروا الملك . وكل عداء يخبر عداء آخر , لتصل الرسالة بأسرع ما يمكن إلى الملك . وأمام قصر الملك التقى المخبران , فأحدهما جاء من طرف , والآخر جاء من الطرف الآخر لمجرى النهر .
   لو أغلق البابليون أبواب النهر النحاسية قبل هجوم كورش , لفشل الهجوم . ولكنهاتركت مفتوحة لأنه لم يتوقع أهل بابل أن كورش سيحول مجرى النهر . وبهذا تحققت نبوة إشعياء النبي عندما قال : " لأفتح أمامه  ( امام كورش ) المصراعين ( أبواب القصر ) والأبواب لا تغلق ( أبواب النهر النحاسية ) " (إش 45 :1 ) والأمر المدهش أن إرميا النبي قد أكد نبوة إشعياء هذه , إذ كتب كل الشرور الآتية على بابل , وأرسل سرايا ابن نيريا إلى بابل , وأمره أن يقرأ كل هذه الشرور , وأوصاه قائلاً : " يكون إذا فرغت من قراءة هذا السفر , انك تربط به حجراً وتطرحه إلى وسط الفرات وتقول : هكذا تغرق بابل ولا تقوم من الشر الذي أنا جالبه عليها " ( إر 51 : 63 , 64) والمدينة لم تقم لها قائمة بعد . وكم من المدن خربت , وأعيد تجديدها مثل أورشليم وروما وغيرهما , أما بابل فلم تُجدد , رغم أن كورش سكن بها , وأراد أن يحييها ولكن خلفاءه اختاروا غيرها . ورغم أن الإسكندر كان يتمنى اعادتها إلى مجدها , ولكنه وجد التكلفة باهظة . كما تصارع خلفاء الإسكندر , وجرت المعارك بينهم على أرض بابل . فنهبتها الجيوش المتحاربة وأكملت خرابها ! وتحققت النبوات بأن " بابل " ستظل خراباً الى الأبد , لا يسكنها إلا بنات آوي ,اى الذئاب , ولا يقيم فيها راعي أو إعرابي .. لماذا ؟ لأنه نتج عن ذلك تحويل النهر إلى برك ومستنقعات , ولم تعد أرضها صالحة للزراعة , فلا تنمو فيها حتى الاعشاب التي تجذب الرعاة . وحدث ما صوره إشعياء تماماً : " وتصير بابل بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين كتقليب الله سدوم وعمورة . ولا تعُمر إلى الأبد , ولاتسكن الى دور فدور , ولايخيّم هناك إعرابي , ولايربض هناك رعاة , بل تربض هناك وحوش القفر ... وتصيح بنات آوي في قصورهم " ( إش 13 : 19 – 22 )  فى سنة 1956 كتب " أندرو بارو " فى كتابه " بابل والعهد القديم " يقول : " فبسبب اقتراب المدينة من بغداد , يتدفق إليها السياح كل يوم , وبصورة عامة يخيب ظنهم كثيراً , وبصوت واحد يقولون : انه لا يوجد شئ لرؤيته " تؤكد النبوات بأن " بابل " لن تعمر إلى الأبد . وها قد مرّت عشرات القرون , وتقف النبوات ضد تعمير " بابل " كالجبل الشامخ , تعظ غير المؤمنين وتناديهم أن يصدقوا الكتاب المقدس وكل حرف فيه , وأن يأتوا إلى رب الكتاب , حتى ينالوا النهاية الصالحة ..

وداعاً للكابة ( 2 )

الأب باسيليوس
راعي كاتدرائية الكاثوليك بالمنيا
    
الرب يسوع نفسه كإنسان ، تعرّض في وقت من الأوقات للحظات حزن وكآبة ، بل وشعر وكأن الله قد تركه حين قال : " إلهي إلهي لماذا تركتني ؟ " ( مت 27 : 46 ) . نعم قد تمر بلحظات ضيق أو معاناة وتطلب العون من الله ، ولا تجده . لكن انتظر ، لا تجعل نظارتك محدودة ، لأنها ليست النهاية ، فبعد آلام الرب يسوع ، كانت هناك القيامة . فآمن أن الرب إلي جوارك ، حتي إذا لم يستجب لك اليوم ولا الغد ولا بعد فترة طويلة .. ثق أنه يرعاك ولن ينساك ..
أكمل معي كلمات المزمور : " يرد نفسي. يهديني إلي سبل البر "
    كثيراً ما يتجاوز الإنسان الحدود التي تفصل بين الخطأ والصواب . فتكون لحظة قاتلة للنفس ، وينتج عنها أن يبتعد الإنسان عن الرب . ويشعر بصعوبة العودة اليه ، لأنه لا يجد دافعاً داخلياً يشجعه على العودة ، بل ليس لديه رغبة أن يكمل حياته . لكن الكتاب يقول : " يرد نفسي " أي يعيدك ثانية ... ينقذك ، وحتى ما تحطم داخل نفسك ، يعود صحيحاً مرة أخرى . الرب قادر أن يعوضك الخسارة التي تعرضت لها ، وأن يحول الفشل إلى نجاح ، والهزيمة إلى أنتصار ..
   عزيزي القارئ ...
   * هل وصلت لمرحلة الغرق ، والهبوط إلىالهاوية ، وابتعدت عن الرب ، وتسير وراء إبليس مسلوب الإرادة .. وتتساءل هل لك أنت أيضاً أن يرد الله نفسك ؟ !!
   أقول لك : نعم ، لأن الكلمة تعلن : " لأنك لن تترك نفسي في الهاوية " ( مز 16 : 10 ) .. " عصاك وعكازك هما يعزيانني " العصا للحماية ، أما العكاز فهو أطول من العصا وينتهي نهاية مقوسة . ويستخدمها الراعي لينتشل الخروف عندما يسقط في حفرة . كما تعلن الكلمة : " الذي يفدي من الحفرة حياتك " ( مز 103 : 4 ) . الرب يشتريك من جديد ، حتى اذا بعت أنت نفسك   لإبليس !!  
  وساوس الشيطان تسبب الكآبة : احذر أن تكون من النوع الذي يفكر ويتوقع الأمور السيئة فالإنسان كما شعر في نفسه هكذا هو  ( أم 23 : 7 ) .
     اذا شعرت بمخاوف من مرض معين ، وامتلأت بهذه الفكرة . سوف تتعرض لهذا المرض ، لأنك لم تصدق كلام الكتاب حين يعلن : " انما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي " الرحمة : تعني الإشفاق ، والمواساة والمسامحة .. آمن وثق أن خيراً ورحمة لك ، ليس اليوم فقط أو غد ، فالكلمة تعلن : " كل أيام حياتي " لا تقل أن لك احتياجات كثيرة وتشعر أن الرب لا يسددها ، لكن ثق في كلمة الرب حتى ولو بدا لك أن لا شئ يتحقق .. الرب يعرف كل احتياجاتك قبل ان تطلبها ، فالكلمة تعلن : " لأن أباكم يعلم ما تحتاجون اليه ، قبل أن تسألوه " ( مت 6 : 8 )
  الرب يعرفك باسمك ، وسيعاملك حسب ظروفك وطباعك ، وحسب احتياجاتك ، سيتعامل معك حسب ما يناسب شخصيتك .
  احذر التفكير المستمر في الغد ...
  أكثر شئ يجلب للإنسان الكآبة ، هو التفكير في الغد ، فهو يُدخل القلق والكآبة إلى قلبك ، فالكلمة تعلن : " يكفي اليوم شره " ( مت 6 : 34 ) .. تذكر معي عندما كانـــت النــــــسوة ذاهبـــــــــات إلـــــــــى القـــــــــــبر، فيلحظة القيامة ، كانت نفوسهن كئيبة . هل تعلم لماذا ؟ كن يفكّرن من يدحرج لهن الحجر عن باب القبر ؟ من سيحل هذه المشكلة ؟ لكن عندما وصلن إلي القبر ، وجدن الحجر قد دُحرج والقبر فارغ ! ( لو 24 : 2 ) . فلا تشغل نفسك بالغد ، لأن الرب قادر أن يدبره ..     قارئي الحبيب .. هل لك احتياج يصعب على الرب تحقيقه ؟ الرب يعلم كل ما تحتاج اليه ، لكن ربما تحتاج إلى شئ يراه الرب غير صالح لك ، أو ربما ليس هو التوقيت المناسب له . فثق أن الراعي يحملك ، فالكلمة تعلن : " الرب يرعاني " لم يقل صديق أو أخ أو أب ، لكن شخص واحد فقط قادر أن يرعاك . ويحفظك ويدبر كل حياتك . ضع همومك واحتياجاتك ومخاوفك بين يديه ، وثق أن عطاء الرب ليس مجرد عطاء ، لكنه فيض . فالكلمة تعلن : " فيملأ الهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع " ( في 4 : 19 ) . هل تمر بلحظات تشعر فيها انك وحيد ، لا تجد احداً بجوارك ، ولا تجد من يسمعك ؟ ! اذا شعرت بهذا الشعور ، اعلم أن العيب فيك ، فقد دخلت الكآبة إلى نفسك ، لأنك حولتعينيك عن الشخص الوحيد القادر أن يعطي الراحة لنفسك المتعبة ، وبدأت تبحث عنها بين البشر . لكن تذكر معي كلمات داود النبي : " أرفع عينيّ إلى الجبال من حيث يأتي عوني ، معونتي من عند الرب " ( مز 121 : 1 ) . الرب وحده الذي يعين ، فلا تنتظر شيئاً من انسان ..
   الرب يعرف كل احساسك ، كل نقائصك واحتياجاتك ، وضعفاتك ، ويشعر بمشكلتك .. لا تعتقد أن الرب يغفل عنك أو أنه للحظة ينساك ولا يرعاك ، فالكلمة تعلن : " انه لا ينعس ولا ينام حافظ اسرائيل " ( مز 121 : 4 )
والآن قارئي الحبيب ..
اذا كان داخلك خوف .. فشل .. كآبة .. عدم اطمئنان .. ارفض هذا الشعور ، انتهر روح الكآبة ، لانه من إبليس ، واعــــــــــــلم أن الرب معك لأنه يرعاك فلن يعوزك شئ.. 
صلاة :
   إلهي ... لقد كسر اليأس قلبي .. واهتزت ثقتي في حبك لي .. واستغل إبليس ضيقي وضعفي .. حتي شعرت أن راحتي في الموت !  إلهي .. لقد أبتعدت عنك بعيداً .. وسرت وراء إبليس مسلوب الإرادة .. لكني أثق انك قادر ان ترد نفسي اليك ..  إلهي .. لا تجعل الظروف القاسية تنسيني محبتك لي .. اجعلني أرى أنها ليست النهاية ...اجعلني لا أفكر في الغد .. واثقاً أن عطاءك يفوق كل الحدود .. إلهي .. أنا أثق أنك قادر أن تعوضني ما فات .. أثق أنك سوف تحول الفشل إلى نجاح .. آمين 

حقائق ايماننا المسيحى

حياة المؤمن
تبدأ حياة المؤمن الجديدة من لحظة الميلاد الثاني ، الذي فيه يتم التغيير من النقيض إلى النقيض ، فمن إنسان خاطئ مذنب بالطبيعة والفعل ، إلى إنسان آخر مبرر من كل ذنب ، ومحرر من كل سلطان الشيطان والخطية . ويبدو التغيير واضحاً للناس فيما يلاحظونه من إتجاه جديد للإنسان الذي تم تجديده ... وتُجرى عملية التجديد عندما يأتي الإنسان الخاطئ إلى المسيح المخلص ، مؤمناً به ، طالباً منه الغفران لخطاياه . فتُغفر خطاياه على أساس عمل الفادي على الصليب . ثم تتم عملية تجديد الخاطئ ، أو ولادته من فوق بعمل الروح القدس . ( يو 3 : 8 ) . حيث يقوم الروح بخلق إنسان جديد في الداخل ,,. فتعالوا نتامل في بعض النقاط المتعلقة بحياة المؤمن مع الرب :    
أولاً : لا وجود للإنسان العتيق بعد التجديد ، والأدلة هي :
1 - يقول الرسول بولس : " اذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة : الأشياء العتيقة قد مضت ، هوذا الكل قد صار جديداً " ( 2كو 5 : 17 ) . هنا الكلام واضح كل الوضوح ، وهو أن من هو في المسيح قد صار خليقة جديدة ، بعد أن مضت الأشياء العتيقة كلها . وهذا يعني أنه لا يوجد في المؤمن ما يسمى بـ " الإنسان العتيق " أو الطبيعة الموروثة من آدم ، لأن العتيق قد صُلب مع المسيح . وعن هذا يقول الرسول : " عالمين هذا : أن إنساننا العتيق قد صُلب معه ليبطل جسد الخطية " ( رو 6 : 6 ) .  ويقول عنه أيضاً :  " إذ مات الذي كنا ممسكين فيه "
( رو 7 : 6 ) .. إذاً فإنساننا العتيق حسب قول الرسول، قد صُلب ومات مع المسيح ، وهذا هو طريق قيامتنا معه بإنساننا الجديد . فلا قيامة مع المسيح الا بالموت معه . وهذا ما عناه الرسول بقوله : " لأنكم قد متم للناموس بجسد المسيح ، لكي تصيروا لآخر للذي أقيم من الأموات " ( رو 7 : 6 ) . فلا صحة للقول أن الإنسان العتيق يعيش بداخل كل مؤمن ، قد مات وقام مع المسيح . 2- اما قول أصحاب فكرة  الحياة الازدواجية في المؤمن ، بأن المؤمن مادام غير معصوم من الخطأ ، فلابد من وجود الطبيعة القديمة بداخله كما هي . فأقول: إننا كمؤمنين فعلاً غير معصومين ،
ولكن ليس لأن طبيعتنا القديمة لم تمت ، بل لأننا بشر نعيش بأجساد مادية . ونتفاعل مع العالم المحيط بنا . وهذا العالم قد وُضع في الشرير . فأجسادنا لها غرائز طبيعية خلقها الله فينا لإستعمالها في المجالات المخصصة لها . والشيطان يحاربنا , مستخدماً إياها محركاً فينا رغبات وشهوات مختلفة . ووسائله فى الحرب ضدنا تكون عن طريق حواسنا , فيعمل على إثارة هذه الحواس ( من نظر وسمع ولمس ) .. وإثارة هذه الحواس مرتبطة بأجسادنا المادية كبشر قد تعودنا على أفكار وأفعال أشياء خاطئة من طبيعتنا الموروثة من آدم , أو مايسمى أيضاً بــ " الإنسان العتيق " . وذلك كان قبل حدوث التجديد ..   وعن هذا الأمر يقول الراحل القس / صموئيل مشرقي في كتابه " التقديس الحقيقي " صفحة 79 , ما يلي : " لاشك أن وجود الطبيعة الفاسدة في البشر , قد درب الطبيعة البشرية على الإنحراف للشر, واستخدام كل أعضاء الجسم فى فعل الخطية . فالفكر مثلاً قد تدرب على التصورات الباطلة التى تنجسه , والعين قد تدربت على النظر إلى المناظر الشريرة . وأصبحت كل أعضاء الجسم آلات إثم  للخطية " (رو 6: 13)    ثانياً: ضرورة الإمتلاء بالروح القدس: وهذا الإمتلاء يؤدي إلى الإنتصار على شهوات الجسد، فبالروح نستطيع أن نميت أعمال الجسد (رو 8 : 13 ) , وبالروح لا نجعل شهوة الجسد تكتمل ( غلا 5 : 16 ) . وبذلك يكون السلوك الروحي للمؤمن ظاهراً، متمثلاً في ثمر الروح بما فيه من فضائل وخصال طيبة .. وهذه هي الأعمال الصالحة المؤسسة على إيمان حقيقي ، والتي يراها الناس فيمجدوا الآب السماوي بسببها .. أنها القداسة العملية التي يحضنا الكتاب عليها في قوله : " بل نظير القدوس الذي دعاكم ، كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة " ( 1 بط 1 : 15 ) أنظر أيضاً ( عب 12 : 14 ) . وأننا يمكننا أن نعيش حياة التقديس التام ، الذي يدعونا اليه الكتاب المقدس ، اذا ما كنا ممتلئين من الروح القدس ، لابسين سلاح الله الكامل ، محاربين اشداء في ميدان الحرب الروحية ، بدون تراخِ في الجهاد الموضوع أمامنا . ( عب 12 : 1 )  

ركن الشباب

الشباب والطموح

      الطموح جزء لا يتجزأ من حياتنا ، ويتعلق بأنشطتنا المختلفة ، ويرتبط دائماً بآمال وتطلعات الإنسان نحو مستقبل أفضل ... والطموح قوة هائلة ، قد تكون إيجابية بناءة ، أو قد تكون سلبية مدمرة ! . فهذه القوة مثل الديناميت ، الذي قد يُستعمل في أغراض نافعة مثل شق الصخور لإنشاء وتعبيد الطرق من خلالها ، وقد يُستعمل في أغراض أخري ضارة كالقتل والتدمير.. ! . إذاً الأمر يحتاج أن يتوفر لدينا الدافع النبيل والمستقيم ، ليكون الطموح من النوع المفيد والبناء ..   
     ويكون الطموح في أعلى درجاته في مرحلة الشباب . وهذا شئ حسن ومطلوب ، مادام الدافع يكون نزيهاً ، والسلوك مستقيماً . ومن أمثلة ذلك أذكر: طالب العلم الذي يدفعه طموحه إلى النجاح والتفوق ..  وما يقال عن الطالب يقال عن أصحاب المهن المختلفة , الذين يتطلعون إلى تحقيق نجاحات عالية في المهن والمجالات التي يعملون بها. وهذا أمر لاغبار عليه , ماداموا يسلكون طرقاً مستقيمة ولا ينحرفون.  ولكن في بعض الحالات يكون الطموح قوة دافعة للوصول إلى غاية , بدون اعتبار للوسيلة الموصلة إليها , وهل تتفق مع الضمير والأخلاق أم لا ؟ ! " .. وهذا هو مبدأ " ميكافللي " الذى كان شعاره : " الغاية تبرر الوسيلة ! " . وكأمثلة لذلك أذكر : التاجر الذى يريد الربح السريع , ولا مانع عنده من الغش والتدليس والطمع .. والشخص الذي يقوم بالعمل أو الإتجار في أشياء يجرمها القانون , ولا يكترث بخطورة ما يفعله مادام سيجني من وراء ذلك أرباحاً طائلة .. والموظف الذى يتقاضى رشاوى فى مقابل عمل أشياء مخالفة للقانون والضمير , وهدفه هو تكوين ثروة , أو الوصول إلى مستوى عالِ من المعيشة .. وهناك من يتبع أسلوب الإلتواء والخديعة والنصب من أجل الحصول علي المال والثراء ؛ ومثال ذلك نجده في جيحزي غلام اليشع النبي ، فقد أسرع جرياً وراء نعمان السرياني . وحصل منه ، بطريق الكذب والخداع ، على مال كثير , لأنه كان يهدف لأن يكون صاحب أملاك واسعة وأن يكون له عبيد وجوارِ ، يخدمونه مع أسرته .. ولكنه لم يهنأ بما كان يحلم به ، إذ تنبأ عليه اليشع بضربة البرص هو ونسله .. وتحققت النبؤة فى الحال !  ( أقرأ 2 ملوك ص 5 ) .. هؤلاء وأمثالهم يكون لديهم طموح يحركه الشيطان ويوجهه نحو التدمير.. ولذا أوجه لك عزيزي الشاب الطموح بعض النصائح فيما يلي :
1 ـ هل أنت على علاقة سليمة مع الله ؟ . اذا كان الامر كذلك ، فهذا يحصنك ضد أي إنحراف .. فإذ كنت مرتبطاً بالرب ، فذلك يحول دون الزيغان عن الحق . ولا تنس أن النجاح فى أي مجال من مجالات الحياة ، هو من الله . فعندما تعمل رضاه وتتكل عليه ، فهو يضمن لك تحقيق ما تصبو إليه من أهداف .. فقد قيل عن الله : " لا يمنع خيراً عن السالكين بالكمال " ( مز 84 : 11 ) وأيضاً يقول الكتاب : " وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً " ( تك 39 : 2 ) . فعندما تكون فى معية الله ، يعطيك النجاح الذي تأمله ، بل أكثر جداً مما تطلب أو تفتكر !!
2 - وأنت تسعى لتحقيق هدفك ، لا تكن لاهثاً، بل سر بهدوء وتؤدة ، وبخطوات ثابتة متزنة .. لا داعي للهرولة ، حتى ولو كان سيرك مستقيماً ومشروعاً ..الهدوء يجعل أمورك مرتبة ومتسقة مع الواقع .. ولا تنس أن جسدك الذى تتحرك وتعمل به ، إذا أجهدته عضلياً وذهنياً أكثر من اللازم ، فهو يصاب بالإنهاك . فلا تجهد نفسك إلى حد الإفراط .. أعمل ، لكن بهدوء وتركيز مع أخذ ما يلزم من الراحة ليستعيد جسدك طاقته ونشاطه من جديد .. وضع أمامك دائماً كلام الكتاب فى هذا الصدد : " حفنة راحة خير من حفنتي تعب وقبض الريح " ( جا 4 : 6 )
3 - إذا أصابك فشل من أي نوع ، وأنت تسعى فهذا شئ طبيعي . فالحياة ليست كلها فشل تام أو نجاح تام . بل كل نجاح لا يخلو من نقاط فشل . وقديماً قالوا " لكل جواد كبوة " . فالحصان مهما كانت قوته ، فلابد من عثرته ! .. فلا تستسلم لأي فشل يصيبك ، بل قم من جديد ، معتمداً على ذراع الرب . وأعزم على مواصلة نشاطك ، مرة أخرى . فالمرء إذ استسلم لروح الفشل ، فأنه يفقد ديناميكية الحركة التي تدفعه للعمل والنشاط .. وعليك أن تضع أمامك قول الرسول بولس " لأن الله لم يعطنا روح الفشل ، بل روح القوة والمحبة والنصح " ( 2 تي 1 : 7 ) .
    أطلب من الله أن يملأك بروحه ، فهو يقويك ويرشدك ، كما تطلب منه أن يذلل أمامك الصعاب والعقبات ، وينصرك على المعوقات والمفشلات .        

هل أنت شخص متميز؟

                                        القس/ ثروت ثابت، راعي الكنيسة الإنجيلية بالعباسية -القاهرة
     
 لقد خلقنا الله متميزين ومتفردين، كل واحد عن الآخر، وله في ذلك هدف، لكن ما يدهشني فعلاً هو ميل الكثير منا إلى النمطية وتقليد الآخرين، للدرجة التي فيها تُمحى الشخصية وتذوب تمامًا في الشخصية المراد تقليدها، كذلك ، وفى مرات عديدة ، نجد أن  المؤسسات المنوط بها عملية التربية كالأسرة، والمدرسة، والكنيسة تعمل دون أن تدري على قتل كل عناصر التميز والإبداع وذلك بكونها ترفض أي اختلاف في الرأي أو أي تجديد أو تغيير  وتسعى جاهدة لفرض السيطرة والهيمنة ، والأكثر من ذلك فبعض هذه المؤسسات تحكم على هؤلاء المتميزين والمبدعين بأنهم شواذ أو مجانين يجب إبعادهم وعزلهم حتى لا يفسدوا الآخرين ..
 لذا لا تندهشوا ولا تستغربوا  إن خلا مجتمعنا وكنيستنا من المتميزين والمبدعين، ومن الأعمال المتميزة ذات الإبداعات العالية والرفيعة ، وذلك لأننا شعب يهوى النمطية ويرغب في التقليد وقولبة نفسه في قوالب جامدة لا يريد الخروج منها أبدًا، والأدهى من ذلك إننا لم نكتف بقولبة أنفسنا، لكننا نريد أن نقولب الآخرين أيضًا (أولادنا –تلاميذنا ) ليكونوا شبهنا تمامًا،  بدلاً من الحرص على تميزهم وتفردهم، والذي يظهر عظمة وروعة الخالق جل شأنه !! .
      مما لاشك فيه أن التميز هو الطريق الصحيح الوحيد للتقدم والرقي والوصول بالإنسان والإنسانية للصورة الجميلة التي أرادها له الله الخالق المتميز المبدع !! . لكن وللأسف الشديد فكثيرون منا يمجدون الماضي ويعبدون القديم والموروث رغم علمهم بعدم مناسبته للعصر، ولا يرغبون في ترك ما اعتادوا عليه وألفوه رغم إدراكهم بأنه مميت ومدمر وقاتل لكل شيء ، لذلك كان قول الرب عن أبناء الملكوت " من أجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلاً رب بيت يخرج من كنزه جددًا وعتقاء "( مت 13: 52). وكان سؤاله للرجل الذي ظل على البركة مطروحاً  في بيت حسدا لمدة 38 سنة ، ( في إنجيل يوحنا الإصحاح الخامس) : " أتريد أن تبرأ ؟ "  بمعنى هل تريد أن تترك هذا الوضع الذي اعتدته والفته واسترحت له - تسول ودخل بلا عمل ولا تعب ولا كفاح بل إنتظار سلبي  للناس أو الملائكة !! - حتى صار ذلك جزءاً أصيلاً من برنامج حياتك اليومي ؟
      عزيزي القارئ هل أصبحت مستريحاً لما أنت عليه مثل هذا المريض؟ ، هل أصبحت في تصالح  وألفة مع المعتاد والشائع والمتعارف عليه ؟ هل أنت تقول دائمًا إنه لافائدة ؟ هل أنت من السلبيين المنتظرين غيرهم يقوم بدورهم ؟ ، هل أنت مع المنادين بأن تغيير الحال من المحال؟ ، هل أنت مع المثل الشائع من فات قديمه تاه ؟.. إن الصوت لك  اليوم ، أتريد أن تبرأ ؟  أتريد أن تكون متميزاً ؟!.