لماذا القلق؟!
جيهان فليمون ...
أصبح كل ما حولنا اليوم يثير المخاوف ويؤدى للقلق ويجعل
لدينا العديد من علامات الاستفهام، التى لا تجد لها حلولاً، فيزداد الخوف والتوتر
لدى الكثيرين، قد يصل فى بعض الاوقات، مع كثرة الضغوط، الى حالة من الهلع. مما
يؤدى للعديد من الامراض، التى تصيب جسم الانسان.. ان الاطباء يفصحون عن ان معظم
الامراض التى يعانى منها الناس، ترجع الى التوتر والقلق الذى يصيب الإنسان، أى
لأسباب نفسية.
ولكن كيف يمكن مواجهة ذلك القلق وتحطيمه؟ وكيف نحيا فى
سلام رغم الظروف الصعبة وكثرة الضغوط والتحديات التى تقابلنا فى هذه الأيام؟
الكثير منا يقلق، من اجل المستقبل، المعيشة، الماديات، الأولاد، والمشكلات وغيرها
من التحديات، التى تواجه الانسان. فكيف نتجنب القلق حتى لايقضى علينا؟
لا يستطيع
الانسان أن يقضى على القلق، من ذاته، واتكاله على قدراته. يحاول الكثيرون
التغلب على ما يسبب القلق، ولكن ذلك يكون، لفترة ما، ثم يعاودهم القلق مرة اخرى..
ولكن كيف يمكن للإنسان ان ينعم بالهدوء والطمأنينة والسلام؟. دعونا نتذكر كلام
الله لنا (يو34:14) "سلاماً اترك لكم سلامى اعطيكم ليس كما يعطى العالم
اعطيكم انا". هذا ما تركه الرب يسوع لنا، بعد أن عاش فى الجسد على الأرض
مجرباً مثلنا.
*
من أين يأتى القلق؟
هل من المشكلات وكثرة الضغوط والتحديات، التى تواجه
الإنسان فى عمله، أو مع أسرته، أو الظروف الاقتصادية، أم أحوال البلاد... وما الى
غير ذلك. أم يأتى القلق من طريقة التفكير، فى تلك الضغوط؟
إن الطريقة،التى
يفكر بها الإنسان، هى التى تحدد مدى قلقه، فمن الطبيعى أن يقلق الإنسان من
أى خطر يداهمه، مما يجعله يفكر بطريقة ايجابية فى كيفية تلافى ذلك الخطر، ويحدد
كيفية التعامل مع تلك المشكلات ويكون أكثر واقعية، فى اختيار الحلول الممكنة، حتى
لا يحدث ما لا تحمد عقباه.
لكن اذا استمر القلق وسيطر، على تفكيرك وجعل بداخلك
العديد من المخاوف المستقبلية التى قد لا تحدث، فلابد ان تدرك أن تفكيرك سلبى،
وليس ايجابياً. تذكر دائما، ان ابليس يفهم جيداً شخصيتك، ويريد دائما أن يهدد
سلامك. ويختار ذهنك، ليكون هو أرض المعركة. ومن هنا يبدأ فى بس المخاوف، وزحف
الفكر السلبى لك تجاه نفسك والآخرين والله. ان كلمة الله تخبرنا بأن : "ابليس
خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو" (1بط8:5) لذلك اصحوا واستيقظوا
لذلك العدو المدمر ولا تعطوه مكاناً، أى فرصة )أف4:27).
*
الصلاة تطرد القلق :
قد لا تستطيع أن تحكى لأحد من النـاس عن مخاوفك، ومدى
القلق الذى بداخلك، وما هى الأسباب والتفاصيل، ولكن تذكر ان هناك صديق الزق من
الاخ، ينتظرك دائما ويريد ان يسمع صوتك ولا يوجد شخص امين مثله، فهو رب المجد كلى
القدرة، وله السلطان. يستطيع ان يقف امام التلاديات، ولديه الحلول لكل المشكلات،
حتى وان سمح بها فقد اخبرنا بالضيق الذى سيكون ولكن أخبرنا بالغلبة (يو33:16) فى
العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا انا قد غلبت العالم. فهو يستطيع ان يمنحك السلام
والغلبة وسط الضيقات والمتاعب والمشكلات والضغوط المتنوعة ويزيل عنك كل قلق، فهو
لا يريدك ان تهتم وتقلق ابداً (فى6:4) "لا تهتموا بشئ بل فى كل شئ بالصلاة
والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله". ولا تنس مع الشكر ولا يمكن ان
تشكر الا، بثقتك فى الهك انه يهتم بك، ويعتنى بأمور حياتك، ومن هنا تجد سلام الله
الذى يفوق كل عقل يحفظ قلبك وافكارك. فقط عليك ان تأتى الى الله واثقا فيه، وتلقى
بحملك عليه وبكل ما يقلقك، ويفقدك سلامك. بالصلاة والتسليم الكامل، لمشيئته تتخلص
من الهموم التى تسبب لك القلق (بط7:5) "ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتنى
بكم". فالصلاة تعينك على التعبير بأمانة عما يشغل نفسك، ومواجهة المشكلة
الحقيقية والارشاد الى الحلول الممكنة، كما تشعرك بانك لست وحيدا فى مشكلاتك
وهمومك.
*
ثبت نظرك على من لا يتغير :
عندما تتعرض لظروف تطرأعلى حياتك، من شأنها ان تغيير
الكثير، فى مجرى حياتك، كما تفسد كل التخطيط الذى وضعته لنفسك، مما يجعلك تضطرب
وتقلق، ويخيل لك ان الحياة سوف تتوقف، ثبت نظرك على رب المجد الذى لا يتغير، سوف
يتكون لديك الرجاء، حتى وان كنت فقدت او خسرت الكثير، لكنه يستطيع ان يسندك ويخرج
من الفشل نجاحاً، ويجعلك تواصل العزف، حتى ولو انقطع أحد الأوتار، فسر العزف ليس
فى الأوتار ولكن فى من خلق اليد التى تعزف على الأوتار، فلا تستسلم، بل واصل
الحياة، وثبت نظرك على من لا يتغير.
*
تمسك بوعود الله وقاوم ابليس :
حتى تتجنب القلق، عليك ان تحصن ذهنك تماما (أرض المعركة)
بوعد الله لك، من خلال كلمة الله فتمتلئ نفسك، بالطمأنينة والهدوء، لا تعط ابليس مكاناً،
بل قاومه، فيهرب وتفشل كل خططة، ولا تنس أن هذا يحتاج الى أن تدرب نفسك على تلك
المقاومة.
تذكر احسانات الرب، ولا تنس ان الله يقوت العصافير،
ويكسى الزنابق، ويرسل الغراب ليقوت ايليا، يجعل فى البحر طريقاً، الريح والبحر
يطيعانه، يحفظ أولاده فى آتون النار وينجى من جب الاسود، ويشبع الجياع ويفجر
ينابيع المياه، يشفى كل مرض، ويقّوم كل ضعف، وبسلطانه يقيم الموتى من القبور،
والأعمى يجعله يبصر.. لقد ترك لنا سلامه،
ووعد بأنه، لن يتركنا، لذا ارسل لنا المعزى، ليسكن فينا ويجعلنا، لا نضطرب ولا
نخاف.