اخر المقالات

مجلة المنبر الخمسينى ترحب بك وتتمنى وقت ممتع فى دارسة كلمة الرب يسوع وكل عام وانتم بخير عام 2020 مليان باحسانات الرب عليك والخير والسلام على حياتك +أخبار المجمع+ +حفل افتتاح كنيسة خمسينية بالمنيا في مساء الأحد 29/ 10 / 2017، وبمشيئة الرب الصالحة، احتفل المجمع الخمسيني بمصر بافتتاح الكنيسة الخمسينية بالمنيا، للعبادة والصلاة، +أخبار المجمع+ وكان ذلك بحضور رئيس المجمع، القس عاطف فؤاد، ونائب رئيس المجمع القس إبراهيم حنا، وسكرتير المجمع القس ميلاد يوسف، والقس برنس لطيف من اللجنة التنفيذية، إلى جانب القس نبيل سعيد، راعي الكنيسة. وكان قد مضى على إغلاق هذه الكنيسة حوالي 22 عاماً.. +أخبار المجمع+ وقد تفضل مشكوراً بحضور حفل الإفتتاح: كل من: العميد أشرف جمال، عضو مجلس النواب عن دائرة المنيا، وفضيلة الشيخ محمود جمعة، أمين بيت العائلة بالمنيا، والأب بولس نصيف، من قيادات بيت العائلة، والعمدة عادل أبو العلا، نيابة عن أخيه اللواء شادي أبو العلا عضو مجلس النواب عن دائرة المنيا. والقس خليل إبراهيم، نائب رئيس مجمع النعمة.. +أخبار المجمع+ وقد ألقى العظة في هذا الحفل القس عاطف فؤاد، وهي من ( مزمور 132: 14) والآية التي تقول: «هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا». فتحدث عن السكنى الإلهية والبركات المترتبة عليها في أربع نقاط، وردت في المزمور، وهي: 1- طعامها أبارك بركة. 2- مساكينها أشبع خبزاً. 3- كهنتها ألبس عزاً. 4- أتقياؤها يهتفون هتافاً.

أرشيف المجلة

تأمل ..

الشجاعة الأدبية ..!

المحرر ..

في بعض رواياته، يتحدث الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ عن "الفتوات" وهم أشخاص متجبرون كانوا يفرضون سيطرتهم على الآخرين بالقوة .. وكان الكل يخضعون لهم، خوفاً من بطشهم! وهؤلاء الفتوات – في روايات الأديب الكبير – هم نماذج لكل الذين يمارسون العنف والقسوة والبلطجة في كل زمان ومكان..

فهل نقول أن سلوكهم العنيف هذا يُعد شجاعة؟.. من الممكن أن تكون الشجاعة دافعاً للسلوك العنيف. ولكن من المؤكد انه توجد معها دوافع أخرى، قد تكون عقداً نفسية، أو ميولاً عدوانية! ومن هنا تبدو السلوكيات ذات الطابع الإجرامي التي يرفضها المجتمع، ويعاقب عليها القانون..

أما الشجاعة الحقة فهي التي تسمي بـ "الشجاعة الأدبية" وهذه تكون باعثة علي المبادئ والمثل العليا، وكل ما هو حق وعدل وما هو بناء.. ونلاحظ أبرز ملامحها فيما يلي :-

أولاً : إحقاق الحق ..

تعمل هذه الشجاعة علي إظهار الحق ومساندته، برغم ما يواجه الشجاع من تحديات وما يتكبده من تضحيات. ويتمثل ذلك في :-

* الشجاع لا يكذب، بل يقول الحق والصدق دائماً. مع أن الصدق ليس أمراً سهلاً، في كل الأحوال، و كثيراً ما يكون النطق به، أمراً بالغ الصعوبة والحرج. ويدخل في هذا النطاق، "الشهادة" التي قد تكون أمام المحكمة، أو أي جهة حكومية، أو جلسة عرفية. فالشجاع يشهد بالحق حتى مع صعوبة ذلك، كأن تكون شهادته ضد أحد أصحاب النفوذ أو ضد أحد الأقارب أو الأصدقاء.. فهو يقول الحق وليحدث ما يحدث!

* الشجاع يعترف بأخطائه إذا أخطأ : .. الخطأ البشري أمر وارد، لأننا بشر ناقصون.. ولكن ليس كلنا يمكننا الاعتراف بأخطائنا، بل الشجاع فقط هو الذي لا يخشى أن يصرح بأنه أخطأ، ولا يجد في ذلك حرجاً! يقول الرسول يعقوب : "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" (يع16:5).

* ويتصدى للأخطاء : الشجاع يتصدي للأخطاء والانحرافات. ولكن لا يكون التصدي بالقوة الغاشمة، بل بكشف الأخطاء ومواجهة أصحابها بدون خوف، ويدخل في هذا المضمار أولئك الذين يتحدثون ويكتبون ضد ما يرونه من ظلم وفساد في المجتمع الذي يعيشون فيه، وهم غير هيابين لأحد!

وفى الكتاب المقدس نجد رجالاً عظاماً، تميزوا بهذه الشجاعة المباركة.. ونذكر منهم على سبيل المثال :-

* إيليا النبي : في التصدي لأخاب ملك إسرائيل، وتوبيخه والتنبؤ عليه بالعقاب الإلهي انظر (1مل18:18 ، 20:21-26).

* يوحنا المعمدان : في توبيخه للملك هيرودس بسبب زواجه الباطل من هيروديا امرأة فيلبس أخيه الذى كان على قيد الحياة! وكانت صرخة المعمدان في وجه الملك : «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ» (مر18:6).

* بطرس الرسول : في شهادته للمسيح، وكيف واجه القادة الدينيين اليهود، ووبخهم ولم يبال بكونهم أصحاب سلطة ونفوذ.. (انظر أع13:3-26 ، 10:4-12).

ثانياً : مواجهة الشدائد :

كلنا كبشر معرضون لأن نجتاز في شدائد من أنواع مختلفة. وهذه تظهر حقيقة كل واحد، إن كان شجاعاً في مواجهتها أم لا .. والشجاعة الحقة هي التي تدفع للصمود والتحدي .. فكم من صعاب هائلة تعترض الإنسان، ولا يمكن الصمود أمامها إلا بقدر كبير من هذه الشجاعة، فهي التي تعطي قوة إرادة دافعة، تتحدي كل الصعاب .. ويتمثل ذلك في كل من ساروا علي درب النجاح المحفوف بالأشواك، والملئ بالعقبات، وهم مصممون علي النجاح بدون ضعف أو تخاذل .. وبكل تأكيد سوف ينجحون .. ويذكر لنا الكتاب المقدس العديد من الأشخاص الذين كانت لهم مواقف صلبة وتحدوا كل الصعاب والعقبات، ونذكر منهم علي سبيل المثال :-

* يوسف البار : الذي واجه شدائد هائلة، ولكنه ثبت ونجح وأثمر، كما جاء عنه في نبوة يعقوب أبيه، إذ قال : "يُوسُفُ، غُصْنُ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، غُصْنُ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ عَلَى عَيْنٍ. أَغْصَانٌ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَوْقَ حَائِطٍ." (تك22:49). لقد أثمر يوسف .. ارتفعت أغصانه فوق حائط المعاناة الصعبة. التي يصفها يعقوب بالقول : "فَمَرَّرَتْهُ وَرَمَتْهُ وَاضْطَهَدَتْهُ أَرْبَابُ السِّهَامِ. 24 وَلكِنْ ثَبَتَتْ بِمَتَانَةٍ قَوْسُهُ، وَتَشَدَّدَتْ سَوَاعِدُ يَدَيْهِ. مِنْ يَدَيْ عَزِيزِ يَعْقُوبَ" (تك23:49-24).

* نحميا القائد : هذا الرجل العظيم الذي تثقل بمهمة صعبة وهي بناء سور مدينة أورشليم المنهدم، وقد قال قولته الشهيرة : "هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا" (نح17:2). لقد تحدي نحميا كل الصعاب، والمقاومة التي واجهته، وكان يشجع رجاله وهم يقومون بالعمل، حتى أنهم كانوا يعملون في البناء وهم مسلحون. لأن أعداءهم كانوا لهم بالمرصاد، وقد حاولوا مراراً إيقاف العمل، ولكن نحميا تحدي كل أعمال المقاومة، من الأعداء. وكان شعاره "إِنَّ إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي" (نح20:2) وقد تم لهذا الرجل (نحميا) النجاح المنشود..

* بولس الرسول : هذا الرجل الذي واجه صعاباً كثيرة، تفوق طاقة البشر. ولكن وسط هذه الصعاب التى تمثلت فى الصراع مع قوى الشر التى كانت تحاول إعاقة بولس عن نشاطه في خدمة سيده، وخلاص النفوس التي مات لأجلها، كان شعار الرسول هو : "وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ" (أع24:20)..

لقد قضي أغلب سني خدمته في السجون والقيود. ولكن هذه لم تعطل كرازته، لأنه كان يري انه، بالمسيح، أقوي من أية معوقات، حيث قال : "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" وقد وصلت الشدائد التي واجهها بولس إلي حد أن قال : "إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ،!" (1كو32:15) ولكن مع هذه الشدائد والضيقات، لم يستكن الرسول ولم يقلل من نشاطه، ولم يكف عن جهاده حتى ختم حياته بالاستشهاد عام 68م .

هذه أبرز ملامح الشجاعة الأدبية.. وكما رأينا فهي قوة تتجه دائماً إلي ما هو حق، وما هو جليل، وما هو عادل.. ليتنا نمتلئ من هذه القوة البناءة .. قوة الشجاعة الأدبية..

كلام الله ام كلام البشر؟

كلام الله ام كلام البشر؟

كانت الثورة الحقيقية في فكر مارتن لوثر في القرن السادس عشر هي تحرير الفكر وإستخدام العقل والتفتيش في كلمة الله وإعتبار إن كل انسان هو مسئول بشخصه أمام الديان فهو يمتلك العقل والحرية والكتاب المقدس بدون وصاية من أحد وهذا ما كانت ومازلت الكنائس التقليدية تحاربه وبشدة لكي تخضع الشعب لسلطة الكهنوت،فمن يملك المعرفة يملك السيادة.

وكان الشعب المسيحي في زمن مارتن لوثر يعتمد كلية على رجال الدين في تحديد ما يجب عمله لنوال الخلاص والحياة الأبدية ،فاهملوا كلمة الله المقدسة.

وجاء مارتن لوثر واحدث ثورة في الفكر المسيحي ، وحرر عبيد الفكر ، وصار من حقك أن تقرا الكتاب المقدس بدون وصاية من كاهن أو شيخ ، وإنعكس هذا التحرر على جميع نواحي الحياة ، فبدأت الثورة الصناعية في أوربا بالتوازي مع الثورة الروحية ، فبدلاً من محاربة جاليليو وحرق كتبه لأنه تجرأ و فكر ،صارت الكنيسة تقبل الأفكار الجديدة ولا تمنعها.

واستمر الحال حتى حدثت انتكاسة جديدة في الفكر المسيحي وصار يقدس السلف ويعتمد على أقوال السابقين ويضعها في مرتبة أعلى من مرتبة النص المقدس ، وصارت كتب البشر تفتح قبل كتب الخالق ، واقتربوا من عمل كتاب مقدس جديد على هامشه تفسير الجلالين .
هذا بالطبع لا يعني إنكار فضل وجهد السابقين في قراءة و تفسير الكتاب ، ولكن كلامهم يجب إن يخضع لفحص مدقق كأي نص بشري قبل الأخذ به والاعتماد عليه وهو أيضاً قابل للنقد والرفض ،يمكن الاخذ به ويمكن تركه ،ولكن يبقى الكتاب المقدس هو ألاساس وحجر الزاوية وباقي الكتب يؤخذ منها ويترك منها ..

وهذه في وجهة نظري هي المشكلة التي تعاني منها بعض الكنائس البروتستانتية والمشكلة ان هولاء هم أكثر من ينتقدون الكنائس التقليدية في هذه النقطة بالذات.

د/ منسي شحاتة

المجيء والظهور .. حدث واحد

المجيء والظهور .. حدث واحد ..

القس / عزيز مرجان ..

إن مجيء المسيح لأخذ الكنيسة علي السحاب، هو مشغولية قلب كل مؤمن ورجائه. ويوحنا يؤكد هذا المعني بكلمة "هوذا" .. إن مجيئه علي السحاب لاختطاف الكنيسة كما ذكر الملاكان في (أع11:1). وهذا المجيء ستراه كل عين، ولن يكون سراً كما يعتقد البعض. وهذا حسب ما صوره أيضاً القديس متي في إنجيله (30:24) بلسان الرب نفسه إذ قال "وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ".


ويؤكد الرب يسوع في (مت27:24) أن مجيئه علي السحاب لن يكون سراً كما يتوهم البعض، إذ في هذا العدد يقول : "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ".. ولكن هناك من يعتقدون أن للمسيح مجيئاً للاختطاف، يعقبه ظهور بعد سبع سنوات الضيقة.. وهذا كلام غير صحيح، لأن المجيء هو الظهور بعينه كما رأينا في الآيات السابقة إن مجيئه ستراه كل عين، فالمعروف أن المجيء هو رجاء الكنيسة وانتظارها كما جاء في (تيطس13:2) "مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" فهنا يؤكد الرسول أن انتظار الكنيسة للمجيء ورجاءها هو في الظهور كما في المجيء أيضاً، فهو معني واحد في لفظين مختلفين..

ويتكلم الرب عن نفس الحدث كما جاء في (مت38:24-41) " لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، 39 وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ" ولوقا يتكلم عن نفس الموضوع : (لو27:17-30) " كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، هكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ".

ونحن نسأل : هل في هذا ما يشير إلي أن هناك حدثين مختلفين، واحد مجيء وآخر ظهور، أم كلاهما حدث واحد بنصين مختلفين؟ فمتى يقول : "مجيء ابن الإنسان" ولوقا يقول : "ظهور ابن الإنسان" فالظهور هو المجيء .. ويؤيد هذا أيضاً بولس في (2تس8:2) " وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ" ويوصي أيضاً بولس تلميذه تيموثاوس في (1تي14:6) " أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ".

ومن المعلوم أن حفظ الوصية يكون هنا علي الأرض إلي يوم مجيء ربنا يسوع المسيح. وقد عبر عنه بولس بالظهور. فالظهور هنا هو المجيء، لأنه كيف يوصي الرسول بحفظ الوصية حتى الظهور الذي سيأتي بعد 7 سنوات من المجيء، كما يقول أصحاب هذا المبدأ؟ هل سيحفظ الوصية وهو مع الرب في مجده إلي الظهور كما يعتقدون؟! كلا، فالمجيء هو الظهور، وهو الرجاء المبارك، وهو انتظار المؤمنين. " مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (تيطس13:2).

من يغلب

من يغلب ...!

د / شهدي جاد ..

"وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى" (مت25:13)

إن ما قاله الرب يسوع

في هذا المثل يوضح بكل يقين، عملية تحدث علي مر العصور، وتحت جنح الظلام، وهي من أصعب العمليات وأعقدها من حيث نتائجها المرعبة!! فإذا ما ترك الإنسان نفسه للانسياق وراء كل ريح تعليم دون التدبر والفحص الجيد لكلمة الله. حتى لو كان المتكلم في مستوي الرسل. لأن شرف البحث عن الحق، يتطلب دائماً اليقظة والفحص المستمر انظر (أع13:17) فليس هناك إنسان تحت الشمس ينفرد بتوكيل التفسير الخاص الأوحد لكلمة الله...


ثم أن الإنسان، منذ فجر التاريخ، يريد أن يبني برجاً رأسه في السماء، من العقيدة البشرية، ومن الجماعة الموحدة في الفكر، مهما كانت نوعيته، وهدفهم هو جرّ أتباع وراءهم (أع30:20) حتى لو كان ثمن ذلك هو لوي الآيات وتطويعها، وضرب الطاعة والخضوع والتلمذة بعرض الحائط، تحت شعار "أكون أو لا أكون".

مع الأخذ في الاعتبار أن الكسل الروحي، يقود الإنسان إلي تجنب البحث المستمر، ومراجعة النفس، وإعادة النظر في المسلمات، التي تجعله مع الوقت مستعبداً للوجبات الجاهزة (آلتيك آوي).

أما الجلوس أمام الكلمة لساعات، والصلاة المستمرة أمام الرب، راجياً نوراً جديداً من كنوز المعرفة فهو أمر مستبعد، لأنه باختصار شديد سيصدمني مع الجماعة التي أنتمي إليها، وسيخرجني من المجمع وستكون الخسارة فادحة!!

ثم انه من السهل والهين أن تكون المرجعية هي البحث في كتب الناس، والذين بدورهم سيكونون الأساس. والدفاع عن أفكارهم هو الهدف الأسمي، حتى لو تعارضت أفكارهم مع فكر الكتاب. فلا مجال إذاً للمقارنة، لأن كلامهم علي كل حال هو الصواب رغم أنف الجميع!! ولنأخذ هنا موضوع "الغلبة" كمثال :

في (رؤ3،2) يعطى الرب سبعة وعود للغالبين. وكل وعد منها مشروط بشرط وهو "من يغلب" ولكن للأسف الشديد، توجد شريحة كبيرة من أحبائنا، تقع عيونهم دائماً على الوعد فقط، دون حتى مجرد التفكير في أهمية الشرط! وإذا سألناهم ما قيمة هذا الشرط؟ تأتى إجابتهم سريعة ومباشرة حسبما تناقلوها من معلميهم، إن كل المؤمنين غالبون، فقط بمجرد الإيمان ودليلهم هو (1يو4:5) " وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا".. لكن لي عدة نقاط :

أولاً : إن كان الرب يخاطب مؤمنين، ويعرف تماماً إنهم غالبون بمجرد الإيمان فقط، فلماذا يضع أمامهم الغلبة كشرط للحصول على البركات والمكانة الأبدية، أما كان من الأجدر أن يقول : لأنكم غلبتم العالم بالإيمان، فستنالون هذه المواعيد؟.

ثانياً : من جهة الآية القائلة : "إن كل من ولد من الله يغلب العالم" وهي مؤهلات لابد أن تتواجد في كل مؤمن. ولكن وحدها لا تكفي (وهذا ما سنوضحه لاحقاً).

ثالثاً : حكاية أن الغلبة التي نغلب بها العالم هي إيماننا فقط، فأني أسألهم سؤالاً بهدوء شديد : يا ترى ما نوعية هذا الإيمان، وهل كل المؤمنين يستخدمونه بمستوي واحد وبجدارة؟ وإن كان الأمر كذلك، فلماذا عاتب الرب تلاميذه في احدي المرات قائلاً : "كيف لا إيمان لكم؟!" ولأحدهم قال : "لماذا شككت يا قليل الإيمان؟" وللبعض : "عظيم إيمانك!".

إذاً هناك درجات ومستويات متفاوتة في هذا النوع من الإيمان. ولذلك فمن المستحيل أن الشخص الذي لا إيمان له أن يغلب العالم. رغم أنه مخلص ومغسول بدم المسيح!

رابعاً : نقولها بصراحة، ودون مجاملة : الإيمان وحده لا يكفي! وقبل ما تتهمني بالكفر، والجهل وعدم الفهم، أرجو أن تتقبل مني هذه الأدلة القاطعة، ومن الكتاب المقدس، مثلاً : يقول الكتاب عن رجال العهد القديم، إنهم " الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَْفٍ" (عب33:11). ونسأل واحد مثل يشوع : لماذا استطعت أن تسقط أسوار أريحا بالإيمان. ولم تستطع أن تنتصر علي عاى، ألم يكن عندك نفس الإيمان؟ يقول، بل وأكثر، إذاً ما السبب في انكساركم، وعدم انتصاركم؟ تأتي الإجابة : الخيانة هي السبب "في وسطك حرام يا إسرائيل" وإذاً ما قيمة الإيمان دون حالة أدبية منضبطة، وطاعة كاملة لكلام الرب..

فإذا قيل هذا كان في العهد القديم، لأن مواعيدهم كانت أرضية، أقول : تعال بنا إلي العهد الجديد، يوحنا نفسه الذي قال أن الغلبة التي نغلب بها العالم، "هي إيماننا" عاد وشرح الغلبة بمفهومها الكامل قائلاً : "وهم غلبوه بدم الخروف، وبكلمة شهادتهم، ولم يحبوا حياتهم حتى الموت!".

فان كان دم الخروف هو الأساس، ولكن الثمن الباهظ الذي تكلفوه هو أنهم لم يحبوا حياتهم حتى الموت! وبهذا تكتمل الصورة عن الغلبة دون اللجوء إلي عقيدة الآية الواحدة..

وبروح المحبة أهمس في أذن كل معلم أوكله الله علي رعيته، أن لا يستميت في الدفاع عن تعاليم الناس التي تقود، بطريقة غير مباشرة، إلي التهاون واللامبالاة.. اتقوا الله في تعاليمكم، فكل النفوس التي تسير خلفكم، وتثق فيكم، هي قطيع الرب، وستُحاسبون عنها. فلقد غررتم بها، وهدفكم الدفين، الذي ربما لا تشعرون به، هو تخدير ضمائر الناس لكي تكونوا محبوبين من الجميع، وأنتم لا تعلمون أنكم بذلك تقودوهم إلي الهلاك. مع الأخذ في الاعتبار أن طبيعة البشر تميل إلي الفوضى والاستهتار، والحصول علي كل شيء دون مقابل، حتى أنهم يحبون هذا النوع من المعلمين المستحكة مسامعهم!

لقد قال ذهبي الفم قديماً لسامعيه : "سأظل أجلدكم بالسياط حتى تتخلوا عن رزائلكم! ثم أن "كَلاَمُ الْحُكَمَاءِ كَالْمَنَاسِيسِ، وَكَأَوْتَادٍ مُنْغَرِزَةٍ" (جا11:12).

وفي (مت20:20-22) نجد أن أم ابني زبدي (يعقوب ويوحنا) قد تبنت نفس الفكرة، وهي الجلوس علي العرش دون تكلفة. ولكن كان رد الرب سريعاً وقوياً وصادماً لهذا الفكر الانتهازي. فقال لأبني زبدي : " أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟" ورغم إجابتهما بالإيجاب، إلا أن الرب كان وعده لهما : ان الجلوس عن اليمين واليسار هو للذين أعد لهم من قبل الآب.. ولكن كيف؟.

يقول ذهبي الفم : "إن الإعداد هنا ليس منحة، ولكن تجهيز حسب درجة الأمانة والجهاد. وان الرب مثل حكم المباراة في إعلان النتيجة، ثم استطرد قائلاً : "من المؤكد أن الجلوس عن اليمين واليسار لم يكن من نصيب هذين التلميذين، لوجود من هما أجدر منهما. وفي رأيي أنا، فان بولس وبطرس هما المحتمل جلوسهما عن يمين ويسار المسيح الملك.. فالأول حمل في جسده سمات الرب يسوع، والثاني صلب منكس الرأس!.

كلمة أخيرة :

يا أحبائي، كفاكم قعوداً في هذا الجبل، تحركوا للأمام .. امتلكوا الأرض .. اتركوا الأوهام .. ابحثوا عن الحقائق المذخرة في كلمة الله .. ابحثوا أيضاً عن الطريق .. واحترزوا من أن تنخدعوا، وتجدوا أنفسكم بين عشية وضحاها داخل سجن حديدي مؤبد من الاستعباد لعقيدة البشر، وتعاليم الناس. فبأي منطق، وبأي عقل أقبل فكر بشري، مر عليه عشرات السنين، وكأنه من المسلمات! وأكفر كل شخص يختلف معي! تعالوا معنا ننفتح علي كلمة الله، ونركع كل يوم أمام الرب.. وهو كفيل بان يفتح ذهننا لنفهم الكتب".