اخر المقالات

مجلة المنبر الخمسينى ترحب بك وتتمنى وقت ممتع فى دارسة كلمة الرب يسوع وكل عام وانتم بخير عام 2020 مليان باحسانات الرب عليك والخير والسلام على حياتك +أخبار المجمع+ +حفل افتتاح كنيسة خمسينية بالمنيا في مساء الأحد 29/ 10 / 2017، وبمشيئة الرب الصالحة، احتفل المجمع الخمسيني بمصر بافتتاح الكنيسة الخمسينية بالمنيا، للعبادة والصلاة، +أخبار المجمع+ وكان ذلك بحضور رئيس المجمع، القس عاطف فؤاد، ونائب رئيس المجمع القس إبراهيم حنا، وسكرتير المجمع القس ميلاد يوسف، والقس برنس لطيف من اللجنة التنفيذية، إلى جانب القس نبيل سعيد، راعي الكنيسة. وكان قد مضى على إغلاق هذه الكنيسة حوالي 22 عاماً.. +أخبار المجمع+ وقد تفضل مشكوراً بحضور حفل الإفتتاح: كل من: العميد أشرف جمال، عضو مجلس النواب عن دائرة المنيا، وفضيلة الشيخ محمود جمعة، أمين بيت العائلة بالمنيا، والأب بولس نصيف، من قيادات بيت العائلة، والعمدة عادل أبو العلا، نيابة عن أخيه اللواء شادي أبو العلا عضو مجلس النواب عن دائرة المنيا. والقس خليل إبراهيم، نائب رئيس مجمع النعمة.. +أخبار المجمع+ وقد ألقى العظة في هذا الحفل القس عاطف فؤاد، وهي من ( مزمور 132: 14) والآية التي تقول: «هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا». فتحدث عن السكنى الإلهية والبركات المترتبة عليها في أربع نقاط، وردت في المزمور، وهي: 1- طعامها أبارك بركة. 2- مساكينها أشبع خبزاً. 3- كهنتها ألبس عزاً. 4- أتقياؤها يهتفون هتافاً.

أرشيف المجلة

تأمل..

أن تـُحب قريبك كنفسك
 المحرر
يتضمن الناموس الإلهي وصيتين هما الأعظم فى كل وصايا الناموس، التى تحتوى على (613) وصية. وقد قال عنهما رب المجد يسوع : "بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء" (مت40:22) .. والوصيتان العظميان هما : "تُحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هى الوصية الأولى والعظمى، والثانية مثلها : تُحب قريبك كنفسك" (مت37:22-39) و( لو27:10).



وهاتان الوصيتان مرتبطتان لا تنفكان، بمعنى انه لا يصلح حفظ وتطبيق إحداهما دون الأخرى .. ومهم أن نعرف أن الحفظ والتطبيق العملي للوصيتين، تبرزه الوصية الثانية، وهى محبة القريب كالنفس. فعندما نُحب القريب، فبذلك نبرهن على أننا نحب الرب .. يقول الرسول يوحنا : "لأن من لا يحب أخاه الذى أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذى لم يبصره؟" (1يو20:4). فمن يقول أنه يُحب الله فقط، وليس فى قلبه محبة لأخيه الإنسان، فمحبته باطلة..
وعندما طرح الرجل الناموسى، على المسيح، سؤاله القائل : "من هو قريبى؟" (لو29:10). فلابد إن ما كان فى مخيلة هذا الرجل، هو المعنى الضيق لكلمة "القريب". ولكن المسيح أجابه بمثل "السامرى الصالح" الشهير، والذى أوضح فيه أن كلمة القريب، ليست بالمعنى الضيق والمحدود، بل بالمعنى الواسع الشامل لكل بنى الإنسان .. وخلاصة مثل السامرى الصالح هى :
إن انساناً يهودياً كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا. وفى الطريق خرج عليه قطّاع ُطرق، وسلبوا ما معه من مال ونزعوا عنه ثيابه، وأصابوه بجروح بالغة. وتركوه بين الحياة والموت. وبينما هو فى هذه الحالة، مر به رجلان من رجال الدين اليهودى، أحدهما كاهن والآخر لاوى ولم يعملا له شيئاً. وأخيراً جاء رجل سامرى (والسامريون- بالنسبة لليهود- هم أعداء)           ولكن هذا السامرى تحنن على الرجل المصاب، فقام بتضميد جراحه، ثم أركبه على دابته وأوصله الى فندق ليقيم فيه حتى
يتم شفاؤه، وتكفل بكل نفقات علاجه وإقامته. (لو30:10-35).
وعقّب المسيح على المثل بسؤاله لصاحب سؤال : "من هو قريبى؟" قائلاً له : "فأى هؤلاء الثلاثة ترى صار قريباً للذى وقع بين اللصوص؟ "ولم يشاء الرجل اليهودى الناموسى أن ينطق اسم "السامرى" عدوه، فقال : "الذى صنع معه الرحمة" فقال له يسوع : "اذهب أنت أيضاً واصنع هكذا"، أى عليك أن ترى فى أى انسان له حاجة للمساعدة، أياً كانت جنسيته أو ديانته، هو قريب لك، وعليك أن تحبه كنفسك، فتمد له يد المساعدة، وتصنع معه الرحمة. وبذلك تطبق الوصيه الخاصة بمحبة القريب، والتى تبرهن أيضاً على محبة الرب من كل القلب .. والمحبة للقريب هنا، كما أوضحها الرب يسوع، هى التى تأخذ الشكل العملى التطبيقى، وليست مجرد مشاعر العطف والحنان والإشفاق. وقد تمثلت هذه المحبة فى ما قام به الرجل السامرى نحو الإنسان الذى وقع بين اللصوص، إذ دفعه حنوه عليه إلى القيام باسعافه، ثم حمله ووضعه على دابته وأوصله الى الفندق، وقام بكل ما يلزمه من نفقات ..
هذا هو المبدأ الذى وضعه الرب يسوع؛ انه مبدأ المحبة العملية لجميع البشر، على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم واتجاهاتهم، بل إن هذه المحبة من شأنها أن تمتد لتشمل حتى الأعداء .. يقول المسيح : "وأما أنا فأقول لكم : أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم  ويطردونكم" (مت44:5). ويقول الرسول بولس : "فإن جاع عدوك فاطعمه، وان عطش فاسقه" (رو20:12). هذه هى المحبة المسيحية الحقيقية .. والتى تتميز بالعطاء والبذل للجميع، حتى لمن لا يستحقون ..
  ويوجد أمران هما الأساس لهذه المحبة الباذلة المضحية :-
الأول : إن إلهنا أحب العالم أجمع. وبرهان ذلك انه "بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو16:3). وأيضاً هو يهتم بالناس جميعاً، فهو الرازق لهم، والمعتنى بهم، وحياتهم فى يده. ولقد عبر المسيح عن محبة الآب السماوى لعموم البشر بقوله : "فانه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" (مت45:5). فهو يرزق الناس جميعاً بمن فيهم الأشرار، القائلين له "أبعد عنا، بمعرفة طرقك لا نُسر" هذه هى طبيعة الله، التى تتجلى فيها محبته بوضوح فى معاملته الصالحة مع الناس جميعاً، أبراراً وخطاة. بل انه كثيراً ما يعامل الخاطئ بغنى لطفه، ويتمهل عليه، معطياً إياه فرصة كافية. وذلك لكى يقتاده إلى التوبة، لكى ينجو من الدينونة ويحصل على هبة الحياة الأبدية (رو4:2).
والمؤمنون هم أولاد الله، ويجب أن يتشبهوا بأبيهم السماوى وهذا ما قاله الرسول بولس : "كونوا متمثلين بالله كأولاد أحباء" (أف1:5). إن الآب السماوى، الذى نحن مولودون منه، يريد أن تظهر طبيعته، التى هى محبة، فينا، فنحب الناس جميعاً، كما أحبهم هو...
الثانى : إن البشر جميعهم أخوة، فمع تنوعهم وتوزعهم فى كل بقاع الأرض إلا أن أصلهم واحد .. أليس أب واحد وأم واحدة لكل الجنس البشرى؟!. يقول الرسول بولس : "وصنع (أى الله) من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض" (أع26:17).ولذا فإن الطبيعة الآدمية هى القاسم المشترك لكل من يعيشون على أرضنا .. فالنظرة المسيحية للبشرية هى أننا جميعاً أخوة واقرباء. ولذا فأنا - كإنسان -  يتعين علىّ ان أحب كل أخ لى فى الإنسانية. ومن هذا المنطلق يكون إحسانى ومساعدتى له، متى رأيته فى حاجة الى ذلك ..
مطلوب أن تتوفر لدينا المحبة التى تدفع على العطاء للآخرين، كما فعل السامرى الصالح بإحسانه إلى إنسان عدو له. وبهذا نحن نكمل الناموس، (مع إننا لسنا تحت سلطته، بل تحت النعمة) .. وفى هذا الصدد يقول : الرسول بولس : "لأن، لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، لا تشته، وان كانت وصية اخرى هى مجموعه فى هذا الكلمة : أن تُحب قريبك كنفسك .. فالمحبة هى تكميل الناموس" (رو9:13-10) .. (أنظر ايضا غل 5 : 14)

أصحاب المُلك مع المسيح


القس / عزيز مرجان..
رئيس المجمع الخمسينى بمصر.
"ورأيت عروشاً فجلسوا عليها، وأعطُوا حكماً. ورأيت نفوس الذين قُتلوا من أجل شهادة يسوع ومن أجل كلمة الله، والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته، ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى أيديهم فعاشوا وملكوا مع المسيح الف سنة" (رؤ4:20) ...

بعد أن يُطرح الشيطان فى الهاوية وعند بداية الملك الألفى، يرى الرائى عروشاً .. وهذه الفئة الجالسة على العروش هم من تحدث عنهم الرب يسوع فى انجيل (متى28:19). "فقال لهم يسوع : الحق أقول لكم انكم أنتم الذين تبعتمونى، فى التجديد، متى جلس ابن الإنسان على كرسى مجده، تجلسون أنتم أيضاً على أثنى عشر كرسياً تدينون أسباط اسرائيل الاثنى عشر" لكن لا ننسى انه يقول "عروشاً" وكأنه لم يحدد العدد انه اثنى عشر، فنفهم من ذلك انه سيضم اليهم الفئة التى تحدث عنها بولس فى (1كو2:6-3) : "ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم، ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة؟" وهنا يذكر بولس أن القديسين سيدينون العالم، ثم يقول : "سيدينون ملائكة". وفى (مت19) يقول : "تدينون أسباط اسرائيل الاثنى عشر" فيظهر من ذلك أن الغالبين الذين هم على مستوى الرسل، هم الذين سوف يجلسون على هذه العروش ليحكموا وهو أيضاً إتمام الوعد المذكور فى (رؤ26:2-27) "من يغلب ويحفظ أعمالى حتى النهاية، فسأعطيه سلطاناً على الأمم، فيرعاهم بقضيب من حديد".
هذه هى الفئة الأولى. ثم رأى يوحنا فئة ثانية اذ يقول : "ورأيت نفوس الذين قُتلوا من أجل شهادة يسوع، ومن أجل كلمة الله" ..
هذه مجموعة الشهداء الذين قُتلوا من أجل أمرين : أ- شهادة يسوع .. ب- كلمة الله، ولقد صرح الرائى فى (رؤ9:6)، فى الختم الخامس قائلاً : "ورأيت تحت المذبح نفوس الذين قُتلوا من أجل كلمة الله، ومن أجل الشهادة التى كانت عندهم". وفى (عدد 11) "قيل لهم أن يستريحوا زماناً يسيراً أيضاً حتى يكمل العبيد رفقاؤهم، وأخوتهم أيضاً، العتيدون أن يُقتلوا" هؤلاء هم الشهداء الذين استشهدوا على مدى تاريخ الكنيسة. ثم رأى يوحنا مجموعة ثالثة يقول عنها : "والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته، ولم يقبلوا السمة على جباههم. هؤلاء يقول عنهم؛ إنهم غلبوه بدم الخروف، وبكلمة شهادتهم"، ثم يقول عن الفئات الثلاث السابقة : "فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة" أى قاموا من الموت. وهو هنا يتكلم عن القيامة الأولى، التى تسبق الملك الألفى، وتؤكد انه مُلك حقيقى. وهذه القيامة الأولى يتحدث عنها الرسول بولس فى (1تس15:4-17) : "فاننا نقول لكم هذا بكلمة الرب : إننا نحن الأحياء الباقين الى مجئ الرب، لا نسبق الراقدين. لان الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات فى المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم فى السحب لملاقاة الرب فى الهواء". وأيضاً يقول الرسول فى (1كو51:15-52) "هوذا سر أقوله لكم : لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير، فى لحظة فى طرفة عين، عند البوق الأخير، فانه سيبوق فيُقام الأموات عديمى فساد، ونحن نتغير".

مفاجأة في امستردام!


في عام 1995، وفي أحد مؤتمرات الخادم الأمريكي المعروف بيللي جراهام، في أمستردام بهولندا، وكان حاضراً ما لا يقل عن 5000 خادم وراعي كنيسة من مختلف الجنسيات في العالم .. وقد مرت أيام المؤتمر في تسبيح وتعليم وعظات إلي أن جاء اليوم الأخير في المؤتمر.
وقد وقف بيللي جراهام علي المنبر في الليلة الأخيرة، وفوجئ الجميع بأنه قد قدم عظة خلاصية، مع أن هذا المؤتمر مخصص للخدام ورعاة الكنائس، بل وبعد العظة طلب من الجميع الوقوف، وقدم الدعوة للحاضرين قائلاً : "من يريد أن يسلم حياته للمسيح فليتقدم إلي الأمام" .. وكانت المفاجأة بأنه قد صلي وسلم حياته للمسيح أكثر من 500 خادم وراع .. يا للصدق! لقد كانوا صادقين وخاضعين لصوت الرب .. هل من فاهم لرسالة الحياة؟!

يسري فوزي
خادم الانجيل

الباكورة (1)



د / شهدي جاد ..
كلمة تثير الحساسية الشديدة لدى الكثير من المؤمنين، بل البعض منهم لا يطيق سماعها، والبعض الأخر يتهكم عليها ويستنكرها، والآخر يتجرأ ويعلن على الملأ بعدم وجودها أصلاً فى الكتاب المقدس، وانها من إختراع فئة غير فاهمة .. وسبحان الله!!

وأنا أتساءل بكل إخلاص، هل حقاً الباكورة من اختراع بشرى ليس له وجود فى الايمان المسيحى، وهل الكتاب يخلو تماماً من هذا الفكر؟
ومن الجانب الآخر كيف يقال أن الكتاب يخلو من كلمة وإن كانت غريبة فى نطقها، ولا نتعود على قراءتها، وهى موجودة فى الكتاب حوالى 77 مرة، أى عدد الكمال؟! كلمة باكورة : 14 مرة، وكلمة باكورات : 7 مرات، وكلمة أبكار : 9 مرات، وكلمة بكر : 36 مرة ..
أخى العزيز .. يا من تدرس الكتاب بإخلاص، لا تحكم على الشئ قبل فحصه، والتأكد منه. والذى يقول لك : أين الباكورة فى الكتاب؟ قل له : ذُكرت هى ومشتقاتها 77 مرة .. ولكن أعود وأسأل : ما هو سبب الحساسية الشديدة من نطق هذه الكلمة على الألسنة، ولماذا كل هذا الكُره لها
وصم الأذان عن سماعها؟ هل هناك مبادئ تنادى بها الباكورة، تجعلنى أتجنبها، ومن ثم محاربتها؟ وما هو المكسب الروحى من وراء ذلك؟
لو نظرنا إلى كلمات الوحى الواردة فى (رؤ14) عن صفات الباكورة سنجد القول : انهم لم يتنجسوا مع النساء لأنهم أطهار..
يتبعون الخروف حيثما ذهب .. فى أفواههم لا يجد غش .. لأنهم بلا عيب قدام عرش الله. هل هذه المبادئ والصفات خطرة على حياة المؤمنين حتى لا ننادى بها؟ وبأمانة شديدة أسأل كل معترض : هل الآيات السابقة أنت تعترض عليها لأنها غير مفهومة، أو اعتراضك هو نتيجة لشعورك بالفشل الذريع تجاه هذه الصفات الراقية؟ وبدلاً من إعلان فشلك، ومن ثم توبة حقيقية ورجوع للرب من كل القلب، تستسهل محاربتها، أو الهروب من التفكير فيها ..
وعجبى من بعض الكنائس، والتى تخشى من وقوف من ينادون بالباكورة على منابرها، ومن جهة أخرى يرحبون ببعض الخدام الذين يؤمنون بعقائد تصدت لها الكنيسة الأولى بقيادة القديس اثناسيوس، ويغضون البصر عن تعاليمهم التى لا تتفق مع فكر الكتاب، مثل عدم إيمانهم بولادة المسيح الأزلية من الآب .. ولا يؤمنون بمعمودية الروح القدس، واستمرار المواهب الروحية .. ورغم ذلك، فلا خوف من هؤلاء إطلاقاً .. وهؤلاء هم المعلمون المستحكة مسامعهم والذين يشفون جرح بنت شعبى على عسم، قائلين سلام سلام، وليس سلام.
نعم انه أمر فى منتهى الغرابة ؛ يخافون ويرفضون قبول التعاليم التى تنادى بحياة القداسة والإستعداد والسهر واليقظة الروحية حتى تهئ العروس نفسها .. وأنا أسأل : ما هو الخطر من هذه التعاليم، وهل تقود الناس إلى الإنحلال الأخلاقى والسلوك المشين؟ أم على العكس من ذلك؟
ربما يتصور بعض المعترضين إن الباكورة تضاد تعاليم الخلاص المجانى بالنعمة .. أبداً يا عزيزى، كلا وألف كلا .. ليست هذه ضد مبدأ النعمة، بل بالعكس هى تعظم النعمة، وتتوافق معها ..
والإثنان يسيران معاً فى تناغم ً . مثل الرحمة والحق اللذين التقيا معاً فى صليب المسيح، رغم استحالة التوافق والالتقاء، ظاهرياً. ولكن صليب المسيح هو الذى حل هذه المعضلة ..
نعم يا أعزائى .. فعطايا الله كلها، بلا إستثناء، مشروطة، رغم غناها وفيضها ومجانيتها وسخائها الذى لا يُحد. ولكن بالحقيقة لا تُعطى هباءً، ولكن دائماً تُعطى لمن يقّدرها ويحترمها، ويجلها .. تُعطى بقوانين وشروط ومبادئ إلهية سامية، لا يمكن العبث بها، أو تغافلها، وليست حسب فكر البشر ..
ثم إن فكر الباكورة، هو فكر إلهى، كتابى، يتغلغل عبر صفحات الوحى المقدس بعهديه. فالمؤمنون هم فلاحة الله (1كو3:9) تراهم فى الحقول (يو4)، ثم الغربال (لو22) .. ثم المخزن (مت3) .. وكل حقل الأرض لن يكون له (حصاد) ما لم يكون له باكورة أولاً (الفريك). والرب الذى يقوم بدور الفلاح فى زراعة الأرض، ينتظر دائماً الثمر الثمين : "هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين" (يع7:5). الذى هو الفريك، أو الباكورة.
ولكن متى بدأ الكلام علانية فى الكتاب عن فكر الباكورة الإلهى؟ .. هذا ما نجده فى  (لا23) .. نجد فى هذا الأصحاح باكورتين، لا باكورة واحدة .. الأولى : تشير الى المسيح .. والثانية : للذين هم للمسيح (1كو23:15) .. يقول عن الباكورة الأولى فى (لا9:23-11) : "ثم تأتون بحزمة أولى حصيدكم إلى الكاهن، فيرددها أمام الرب للرضا عنكم. فى غد السبت يرددها الكاهن".
هذه الحزمة الأولى ترمز، بكل تأكيد، الى المسيح فى قيامته، والذى هو باكورة الراقدين. لكن هناك باكورة أخرى، والتى تسمى "باكورة الحصاد" والتى جاء عنها فى نفس الأصحاح (لا15:23-16) : "ثم تحسبون لكم من غد السبت، من يوم إتيانكم بحزمة الترديد، سبعة أسابيع تكون كاملة الى غد السبت السابع تحسبون خمسين يوماً، ثم تقربون تقدمة جديدة للرب، باكورة للرب".. هذه الباكورة هى أبكار الغلات. وهى من نصيب الرب، ويتلوها فى آخر السنة.                (الحصاد) (خر16:23).
ويقول ماكينتوش فى تفسيره (لا23) : "إن الأعداد من 15 الى 17 من هذا الأصحاح تتحدث عن باكورة أخرى غير باكورة حزمة الترديد، وهى ترمز إلى يوم الخمسين الذى يشير الى جمع شعب الله بالروح القدس، فيكون أمام الله فى كرامة المسيح"
ويقول القس صموئيل مشرقى فى كتابه "الباكورة والاختطاف الباكر" الملفت للنظر ان عيد الباكورة غير باقى الأعياد، لأن عيدى الفصح والفطير تما فى أرض مصر والبرية، لكن عيد الباكورة مرتبط بأرض كنعان. فهو دليل على امتلاك أرض كنعان، بعد القضاء على الأعداء وطردهم. وهذا العيد بالذات مشروط بالغلبة على الأعداء" وطبعاً هذا ما نؤمن به، وهو أن الباكورة هى جماعة الغالبين. والمدهش بحق أن هذه التقدمة بالذات، كان يؤتى بها من الحقل مباشرة، لترديدها أمام الله . وهى تختلف عن الحصاد، الذى كان يؤتى به إلى المخازن .. ومعنى ذلك إنه لن يتم الحصاد العام (الإختطاف) قبل أن يأخذ الكاهن العظيم (المسيح) هذه الباكورة من الحقل ليقدمها أمام أبيه ..
أما أوصاف هذه التقدمة فهى عبارة عن فريك مشوى بالنار عليه زيت ولبان .. وهذه أهم معالمها .. فالشى بالنار هو الآلام والضيق، والزيت إشارة الى الملء بالروح القدس، واللبان هو رائحة المسيح فى هذه التقدمة، له كل المجد ..
عزيزى قارئ هذه السطور؛ لا مفر من أن تعرف هذه الحقيقة التى تزداد كل يوم إشراقاً .. أنت مدعو للدخول بسعة لتكون من باكورة الحصاد .. لا يكفيك إنك تمتعت بالخلاص فقط، بل أن تقبل الى معرفة الحق .. أنت مدعو لبذل كل اجتهاد، ولتقدم فى إيمانك فضيلة، وفى الفضيلة معرفة، وفى المعرفة تعفف، وفى التعفف صبراً. (2بط5:1-6).
لا تستعجل الأفراح قبل أن تحزن هنا، ولا تستعجل المكافآت قبل أن تتألم هنا. الهدف عظيم، والطريق وعر، والحرب ضروس ..
هوذا تخت سليمان حوله ستون جباراً من جبابرة اسرائيل، كلهم قابضون سيوفاً، ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه، من هول الليل (نش7:3-8) .. لا هوادة فى الحرب، ولا راحة فى المعركة، وإن كنت تتمتع بالمسيح وهو جالس فى السماء، لكن أنت فى قلب المعركة، وتُحارب من عدو لا يعرف الملل .. يقول العريس للعروس : "هلمى معى من لبنان يا عروس، معى من لبنان، انظرى من رأس أمانة، من رأس شنير وحرمون (جبال عالية رائعة وممتعة!). لكن فى نفس الوقت : "من خدور الأسود ومن جبال النمور" (نش8:4).
ألا تشتاق الى متعة الإنتصار؟ وإلى لذة القتال ضد العدو الآثيم، لتزرع بدموع حتى تحصد بالابتهاج؟.

سنكمل العدد القادم
موضوع الباكورة ..

سلسلة بنورك نرى نوراً (2)


أجساد تحت الحراسة
 القس عطية كامل...

إنها قصة قصيرة جداً، يمر عليها القارئ سريعاُ، وقد يستغرب ويندهش أو يتعجب ويتأمل، أو يتركها ماراُ عليها مرور الكرام. ولكنها، ككل كلمة من الله، مليئة بالتعاليم والأفكار العالية، لمن يتخطى السطحية، منقباُ عن الحق، راغباُ في الطاعة ..

تقول القصة : "ومات أليشع فدفنوه. وكان غزاة موآب تدخل علي الأرض عند دخول السنة. وفيما كانوا يدفنون رجلاٌ إذا بهم قد رأوا الغزاة، فطرحوا الرجل في قبر اليشع، فلما نزل الرجل ومس عظام اليشع، عاش وقام علي رجليه" (2مل20:13-21). والآن يأتي السؤال المهم وهو : هل أقام اليشع هذا الميت؟
والجواب قطعاً لا ... وذلك لأن اليشع نفسه كان ميتاً وظل ميتاً، حتي بعد أن عاش الرجل، وقام علي رجليه ... فكيف قام الرجل إذاً؟ ومن هو الشخص الذي أقامه؟!
والجواب بسيط للغاية : انه الروح القدس الذي رافق اليشع طيلة حياته، ولم يترك جسده عند موته بل ظل حارساً أميناً له، ومرافقاً قويا لعظامه الطاهرة. وقد أراد بإقامته للرجل أن يثبت هذا الحضور وتلك الرفقة، ويا للعجب !!. إن رفقة الروح القدس للمؤمن لا ينهيها الموت بل الخطية!!
فعند الموت يحدث الفرز، فبعض الأجساد يتسلمها الشيطان لإهلاكها، فتخلص أرواحها فقط في يوم الرب يسوع، والبعض الآخر يظل الروح القدس مرافقاً لها إلي لحظة القيامة، وسماع الهتاف وصوت البوق، فيقيمها ممجدة مكرمة، ومتهللة !!. وكمثال عن الفئة الأولي يقول الكتاب عن الأخ الزاني في كورنثوس : "أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1كو5:5).. وأما عن الفئة الأخري فيقول في (رو8 :11) : "وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم" لذا فليكن حرصنا شديداً علي طاعة الله وطهارة أجسادنا التي اتخذها الروح القدس هيكلاً له (1كو6 :19). لأنه لا قيامة ولا مجد لجسد تسلمه الشيطان!! وإن هذا كله يثبته لنا مشهد ذكره الوحي المقدس في سفر الرؤيا الأصحاح الحادي عشر، فبعد خدمة الشاهدين الأمينين، وتصديهما البطولي للوحش ومقاومتهما الشجاعة لتجديفاته، يقول الكتاب في (رؤ7:11-12) : "ومتي تمما شهادتهما، فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حرباً ويغلبهما ويقتلهما، وتكون جثتاهما علي شارع المدينة العظيمة التي تدعي روحياً سدوم ومصر، حيث صلب ربنا أيضا. وينظر أناس من الشعوب والقبائل والألسنة والأمم جثتيهما ثلاثة أيام ونصفاً، ولا يدعون جثتيهما توضعان في قبور. ويشمت بهما الساكنون علي الأرض ويتهللون، ويرسلون هدايا بعضهم لبعض لان هذين النبيين كانا قد عذبا الساكنين علي الأرض. ثم بعد الثلاثة الأيام والنصف دخل فيهما روح حياة من الله، فوقفا علي أرجلهما. ووقع خوف عظيم علي الذين كانوا ينظروهما. وسمعوا صوتاً عظيماً من السماء قائلاً لهما : إصعدا إلي ههنا، فصعدا إلي السماء في السحابة , ونظرهما أعداؤهما".
وهنا نري جثتين لرجلين أمينين إصطف ضدهما الأعداء وتباروا في إهانتهما، بل ومنعوا دفنهما، ولكن لما حانت لحظة قيامهما نلاحظ أن الروح كان حاضراً، فدخل فيهما فوقفا علي أرجلهما. وأما صعودهما إلي السماء فتم كخطوة تالية، وبأمر سماوي مباشر "إصعدا إلي ههنا" فصعدا إلي السماء في السحابة ونظرهما أعداؤهما.
ففي حالة أليشع أثبت الروح القدس حضوره، وأقام الرجل، وأما في حالة الشاهدين فتمجد بإقامتهما .. نعم إن الروح القدس الذي تنازل ورضي أن يسكن في أجسادنا كهيكل له، لن يتركها أبداً لعبث الشيطان عند موتها. بل ستكون تحت نظره إلي لحظة القيامة. ولكن فلنحذر، لأن الكتاب يقول : "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟ إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله، لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1كو16:3-17)
وهنا نري أن إفساد هيكل الله بالزني أو غيره من النجاسات، تكون نتيجته أن يُفسد الله من أفسد جسده بتركه هذا الجسد وتسليمه للشيطان، فيخسر القيامة المجيدة، ويقوم مع أشرار الأرض في القيامة العامة. وسيخلص، ولكن كما بنار (1كو3 :15). وهذه أمور قد نتناولها لاحقاً... ولنحرص جميعاً أن تكون أجسادنا، عند موتنا، تحت رعاية روح الله، وفي حراسته...... 

ركن الشباب


الحـريـة
القس / ثروت ثابت وهبة
راعى الكنيسة الإنجيلية بالعباسية - القاهرة
يسعدني أن التقي بكم، أعزائي الشباب، ولأول مرة، علي صفحات مجلتكم الجميلة، لنفكر معاً في موضوع هام، يشغل بال الكثيرين منكم، إن لم يكن جميعكم ..

تعتبر الحرية من الإحتياجات النفسية الأساسية والضرورية لكل إنسان. فالإنسان منذ مولده، وهو في المهد، يرفض القيود والأقمطة، ويريد أن يكون حراً من كل شئ حتي من لفائفه وأغطيته، والتي تقيه شر البرد. وهكذا عندما يكبر يريد أن يختبر كل شئ بنفسه، حتي لو تعرض للأذي. وكما تعلمون، فكل ممنوع مرغوب..! فيصرخ دائماً في وجه الأسرة، والكنيسة، والمجتمع : أعطوني حريتي!
فتري ما هي الحرية؟ وهل الحرية مطلقة؟. ولو فرض أن هناك حرية مطلقة، إلي أي مدي ستكون مفيدة؟ وهل الله مع حريتنا أم ضدها؟
الله الخالق حر تماماً. وقد خلق الخليقة بكامل حريته وإرادته. والإنسان مخلوق علي صورة الله، لذا فهو حر تماماً، لدرجة إنه يمكن أن يختار أو يرفض تبعية خالقه، له الحق أن يطيعه أو يعصاه ..
لقد تعرض مفهوم  الحرية للتجريف والتحريف، فالبعض اعتقد أن الحرية                      معناها أن أفعل كل ما أريد، وقتما أريد، بلا ضابط أو رابط. لكن بالعودة إلي البداية، وبالأخص سفر التكوين، نستطيع أن نصحح هذا المفهوم، فلقد كانت وصية الله لآدم علي جزئين :
الاول : "من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً" ولم يكن بالجنة شجرة واحدة، بل الكثير جداً من الأشجار. وهنا نري أن البداية ليست المنع لكن السماح .. البداية ليست القيود، بل الحرية والإطلاق. فمن جميع شجر يأكل، أي أنها حرية كبيرة وواسعة. لأن الأصل في الحياة هو الحرية وليس العكس ..
الثاني : "وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" .. انتبه من فضلك، عزيزي القارئ، شجرة واحدة فقط غير مسموح بالأكل منها، مقابل أشجار كثيرة أخري مصرح بالأكل منها. فهل يمكن أن نسمي هذا تعسفاً من الله، أو كبت للحريات؟ بالعكس، فهنا نري إكتمال معني الحرية، برسم حدودها وملامحها في جنة عدن.
فهي ليست حرية مطلقة، لكن لها حدود. والحدود هنا لخيري، لأني لو تعديتها لدمرت نفسي ومن حولي.. "يوم تأكل منها موتاً تموت" أي يوم تتعدي حدودك ستموت.
لقد وضع الله أمام الإنسان الخير والشر، الموت والحياة. كل إنسان حر في اختياراته. وفي نفس الوقت مسئول عن أفعاله، حتي لا يتعدي حدوده، ويدمر نفسه أو غيره. وكما قال نيلسون مانديلا : "خوفنا العميق أن نصير قادرين علي تعدي كل الحدود". الحرية الحقيقة ليست أن تفعل كل ما تريد أو ترغب. فهذا مفهوم قاصر ومراهق للحرية .. هذه ليست الحرية، بل العبودية بعينها..!
الحرية الحقيقية هي القدرة أن تتوقف، وان تمتنع عما تريد. وعما تستطيع فعله .. خلق الله البحار والأنهار والمحيطات، لكي تجري حرة طليقة، لكن في حدود شطوطها، والإ دمرت الحياة بجملتها، كما خلق الله الإنسان وجعل الدم يجري في عروقه كيفما شاء، ولكن في حدود العروق والشرايين فقط، والإ تدمرت حياة الإنسان. وهكذا القطارات تسير كما يحلو لها علي قضبانها. لكن متي خرجت عن ذلك تدمرت بمن فيها! وهكذا السيارات تسير حرة طليقة                   في الشوارع، ولكن في المسارات المحددة والإتجاهات المسموح بها، والإ تدمرت بمن فيها. وهكذا السفن في البحار، والطائرات في الجو .. لا توجد حرية مطلقة، لكن هناك حرية منظمة مسئولة. فهذا ما رسمه الله للحرية، حتي تستمر الحياة .. لذا أدعو أن نتعلم ونقبل، كمصريين، ثقافة إحترام النظم والقواعد ، سواء في البيت، أو الشارع أو الكنيسة أو المدرسة أو العمل. ولنرفع من أذهاننا فكرة أن من يكسر إشارات المرور، ولا يحترم المواعيد، ولا القادة والخدام، هو القوي. ومن يلتزم هو الضعيف. فأبونا آدم لم يحترم قانون الجنة، بل كسره، فجلب علي نفسه وكل نسله المشكلات والآلام التي نعاني منها حتي اليوم. وهكذا عاخان بن كرمي لم يحترم قواعد جماعته، فآذى نفسه وكل أفراد أسرته...
الحرية الحقيقية أن تحترم الحدود والقواعد المنظمة للحياة ، حتى تستمتع بحريتك ولا تضر حرية غيرك ... الحرية الحقيقية كما شرحها الرسول بولس : ألا يتسلط عليّ شئ. ألا تكون عبداً لأى شئ ، بل يكون لديك القدرة أن تقول لذاتك وعاداتك ولذّاتك وشهواتك الخاطئة، لا. وتكون قادراً أن توقفها وقتما تريد ..
الحرية الحقيقية هى أن تكون أنت، بمعونة الروح القدس، الساكن فيك، يكون هو المتحكم والقائد والربان لغرائزك وشهواتك وانفعالاتك .. فى هذه الحالة تكون بحق؛ حراً.. لا عبداً، ملكاً.. لا مملوكاً.. هنا تكون بحق، إنسان، وتستحق تهنئتي وتقديري..

بين الإيمان والعيان ..


د / مارسيل اسحق فرج ..

بين الإيمان والعيان.. وبين المنظور وغير المنظور.. بين الواقع المرئى والواقع اللا مرئى.. يقودنا الروح القدس إلى أبعاد لا منظورة من إيمانيات لها قوتها فى حياتنا اليومية والروحية.. لها رؤية وهدف.. لها عمق وثمر.. فلو تحركنا فى العالم بالعيان، لزلقت خطواتنا فى الحال. وتعبنا.. وها هو آساف يعلنها قبلنا، لما بدأ يرى واقعه بالعيان : "فلما قصدت معرفة هذا إذا هو تعب فى عينى" (مز16:73).

ولكنه لما دخل مقادس الله، ولما انفتحت العين الروحية، نطق بكل عز وقوة "من لى فى السماء ومعك لا أريد شيئاً فى الأرض" (مز25:73). شتان الفرق بين العيان والإيمان.. العيان تعب، والإيمان استغناء.. فلتكن لنا عين روحية تري كل ما هو سماوي وأبدي..لا يغلبها الواقع والعيان.. ترفعنا من الأرضيات إلي السماويات.. عين موجهة نحو الرب وحده لا سواه، فلا يعوزها شئ مع الرب، ولا تنجذب وتجري إلا وراء الرب، ولا تستقر وتهدأ إلا في محضره، ولا ترتاح الا بين يديه.. ولنا في الحق الكتابي ما يؤيدنا في المسير، فيفتح بصيرتنا الروحية أمام وجهه المنير، فيفيض لنا بكلماته التي تشفي العين العليلة..  
* عين الإيمان تتحدى العيان :
فى سفر العدد (ص13) : اثنان من المرسلين لتجسس أرض الموعد، قالا : "إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها"، "أما العشرة الآخرون، وهم الغالبية، فقالوا كنا فى أعيننا كالجراد وهكذا كنا فى أعينهم". الغالبية عيونها غير مفتوحة على الوعد.. والغالبية لم تمتلك الوعد، وذلك لأن عيانها أكبر من إيمانها.. ولكن الأقلية صدقت الوعد وصاحب الوعد.. رأت الواقع، ولكن رؤيتها الإيمانية كانت أقوى من أى عيان.. فالحياة مع الرب تتحدى العيان والمنظور، والتوقعات البشرية... اسمع ما يقول الكتاب : عن هؤلاء العشرة الذين لم يصدقوا الوعد : "مات هؤلاء الرجال الذين أشاعوا المذمة الرديئة على الأرض بالوباء" (عد37:14) لو هزمك العيان فأنت تحكم على نفسك بالموت والوباء الروحى. وهذا ما لا يريده الله لنا. بينما كانت الحياة من نصيب يشوع ابن نون وكالب ابن يفنة اللذان صدقا بعين الإيمان، وتحديا العيان...
* عين العيان تعثر الإيمان :
(مت3) كان يكرز فى برية اليهودية، قائلاً : "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت الله.. الذى يأتى بعدى هو أقوى منى.. سيعمدكم بالروح القدس ونار.." وقد رأى الروح نازلاً مثل حمامة ومستقراً على المسيح إثناء معموديته، انه يوحنا المعمدان، يا لروعة الإيمان..! فقد كان يمهد طريق الرب، حتى قبل أن يراه..
قمة الإيمان أن يخبر عن الرب وتجسده قبل مجيئه. ولكن لما نظر للعيان، وهو فى السجن، أرسل الى الرب يسوع رسالة غريبة من نوعها : "أنت هو الآتى، أم ننتظر آخر؟!". لقد تعثرت عين الإيمان بالعيان. وكان رد الرب عليه "طوبى لمن لا يعثر فىّ".. الرب يحفظنا غير عاثرين إلى مجيئه ثانية.. فلا تدع العيان يعثرك فى الطريق، بل اغلب عيانك بإيمانك، وأسرع نحو الهدف، واركض وراء الرؤية.. بثبات وقوة وفرح..
* عين الإيمان ترى ما لا يرى :
(أيوب5:42) : "بسمع الأذن قد سمعت عنك، وأما الآن قد رأتك عيناى". وسط التجارب المؤلمة، وجه أيوب للرب كلمات تعلن عن ضيقته وكربته، حتى طلب من الرب أن يكف عنه.. لقد ضاقت حوله من كل جهة، فلم ير الرب رؤية واضحة وسط العيان المؤلم. ولكن لما انفتحت عيناه قال : "قد علمت انك تستطيع كل شئ ولا يعسر عليك أمر".
لقد رأى الرب بعد أن صدق فى قدرته وامتلاكه لزمام أموره الزمنية والحاضرة والمستقبلية أيضاً.. لقد رأى الرب وندم عن كل كلمة وجهها الى الرب.. يالعظمة أن يتراءى الرب لعبده أيوب فى وسط مجتمع وثنى لا يعرف الرب تماماً. لما وثق فى قدرته رآه بنفسه.. هللويا.. كانت نتيجة هذا، التعويضات التى منحه الرب إياها..
* عين الإيمان تنقل الجبال :
"من أنت أيها الجبل العظيم أمام زربابل، تصير سهلاً" أمام إيمان مثل حبة خردل ينتقل جبل عظيم.. أمام الإيمان يصير الجبل سهلاً..!. فلا قوة، مهما عظم شأنها، تعترض الرب، ولا أى إنسان يقدر على الوقوف أمامه.. وعمل الرب فى حياتنا.. وثقتنا فى الرب تعطينا السلطان بأن نأمر ونغلب ونمتلك.. فلا يقف إنسان فى وجهنا، لأن معنا الرب القدير..
اجعل عصا موسى فى يدك ليستخدمها الرب لمجد اسمه، فتصنع طريقاً ومسلكاً فى وسط المياه القوية ... فمهما كان العيان حولنا، فالإيمان الذى فينا أعظم مما نراه.. فالإيمان لن يغير واقعك، ولكنك ترى واقعك بعين الرب، فتنال وتمتلك. وحسب إيمانك، حتماً سيكون لك.. 

إنجيل الغضب (2)


الأب باسيليوس..
راعى كاتدرائية الكاثوليك بالمنيا


الديانة الحقيقية ليست مجرد ممارسات روحية، أو تقديم عبادات مظهرية، كما أنها ليست فقط أحكاماً وشرائع جامدة لا تعرف الرحمة. ولكن الكلمة تعلن : "تركتم أثقل الناموس : الحق والرحمة" (مت23:23) ..

* لو كان دخول الملكوت من جانب العدل فقط، أو نال كل إنسان ما يستحق، ما أستحق أحد أن يدخل الملكوت، كلنا فى النهاية خطاة. العدل يعلن : "أجرة الخطية هى موت" (رو23:6) ... كثيراً ما نركز على أخطاء الآخرين، وننسى أن هناك "الرحمة".
* الرحمة هى المكان الوحيد الذى لا يستطيع الشيطان أن يتبعك إليه، لأن إبليس لا يعرف الرحمة، فهو قاسٍ للغاية، وعندما ترحم الآخر فأنت تغلبه.
* إبليس يخاف أن يقترب من منطقة الرحمة، لأنها تعلن عن وجود يسوع فى المكان، وإبليس لا يستطيع أن يتواجد فى مكان تعلن فيه اسم يسوع بإيمان قلبى حقيقى..
* الكلمة تعلن فى الرسالة الى العبرانيين : "وإلى وسيط العهد الجديد يسوع، والى دم رش يتكلم أفضل من هابيل" (عب24:12). دم هابيل يطلب الحق والعدل والانتقام من القاتل، لكن دم يسوع ينادى بالرحمة، عندما أعلن على خشبة الصليب : "يا أبتاه اغفر لهم" (لو34:23).
عزيزي القارئ :
* كم من نفوس تتعرض لآلام نفسية أو روحية، أو ضعف أو إنكسار، نتيجة السقوط أمام خطية محبوبة، أو السقوط فى عادة سيئة، لكن الرب يعرف طبيعة البشر ويشعر بهم، فالكلمة تعلن : "لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثى لضعفاتنا، بل مجرب فى كل شئ مثلنا بلا خطية" (عب15:4).
تذكر معى القديس أغسطينوس القائل : "لقد علّمت الشياطين خطايا!"، فقد وصل لدرجة كبيرة من البعد عن الله، وإرتكاب الخطايا. ورغم ذلك استمرت أمه، سنوات طويلة تمد يد الرحمة له، وتسنده بصلواتها. حتى عاد تائباً..
* هل يحدثك الرب أن تسند ضعف الآخرين وتقويهم؟
هناك من هم تحت الضعف، ويحتاجون لكلمة تشجيع، فعندما ترفعهم، ترتفع وتتشجع معهم. تذكر كلمات الرب يسوع التى قالها للقديس بطرس : "وأنت متى رجعت ثبت إخوتك" (لو32:22).
أيضاً من أسباب غضب الرب يسوع :
* "تنقون خارج الكأس والصحفة" (مت25:23).
خطية يسقط فيها الكثير منا، وهى الإهتمام بالمظهر الخارجى فقط. لقد وبخ الرب الفريسيين الذين يرفعون الشعارات الدينية، ويقولون كلاماً ولا يفعلوه.
* كان عند اليهود ما يسمى بالشريعة الشفهية، التى يتحدد فيها ما يجب على المؤمن أن يفعله، وما لا يجب أن يفعله، لدرجة أن اليهودى المتدين عليه أن يتأكد، قبل أن يأكل بيضة، هل وضعتها الدجاجة يوم السبت أم لا..! وهناك العديد من الأمور المتشابهة لهذا الأمر. هذا ما كان يهم اليهودى المتدين؛ مجرد شعارات وطقوس وممارسات شكلية..
تذكر معى عندما دعا الفريسى الرب يسوع لكى يتغدى عنده : اندهش كثيراً لأن الرب يسوع لم يغتسل أولاً. هناك إعتقاد سائد عند اليهود، أن غسل الأيدى قبل الأكل، ينقى من القذارة الدينية التى قد يكون مارسها الإنسان أثناء اليوم. لكن الرب أعلن لهم : "ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان" (مت11:15). الرب يسوع يكشف لنا ما هى الديانة الحقيقية:
* الديانة الحقيقية علاقة شخصية بينك وبين الله وليست فقط مظاهر التدين التى يراها الناس..
قارئي العزيز :
* هل تصوم لأنك تخاف أراء الناس ؟ هل تحول الصوم إلى الزام. واجب. فرض أو عادة، بدلاً من أن يكون وسيلة للتقرب إلى الله؟
أيضاً وبخ الرب يسوع :
* "الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل" (مت24:23) كثيراً ما ننظر "للبعوضة"، الخطأ الصغير، الذى يفعله الآخرون، بينما لا ننظر لأنفسنا، فهناك الجمل الذى نبتلعه، وكأن الرب يسوع يريد أن ينبهنا أن لكل منا جمل فى حياته، يبتلعه دون أن يظهر للناس!
* هل ترفض التغاضى عـن الخطأ الصغير للآخر، بينما تفعل أنت الخطأ نفسه؟ على الرغم من أن كلمة الرب تعلن : "أخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك (مت5:7).
* الرب يعلن للكتبة والفريسيين : "أنتم الذين تبررون أنفسكم قدام الناس، ولكن الله يعرف قلوبكم" (لو15:16). الرب يحذرنا من الإكتفاء بمظاهر التدين، دون تغيير حقيقى فى القلب..
* التدين الشكلى لا يقودك للملكوت، لأن "ليس كل من يقول لى يارب يارب يدخل ملكوت السماوات" (مت21:7).
* الله لا يهتم بالمظهر الخارجى..
قارئى الحبيب.. ربما ترفع بعض الصلوات، ولك أيضاً ممارساتك الروحية. لكن هل تذكر مثل العذارى الحكيمات والجاهلات، عندما خرجن للقاء العريس؟ جميعهن كن يحملن مصابيح. (مت4:25). لكن المهم هو الزيت الذى ينير المصابيح، أى الأعمال، نعم تصلى، تقرأ فى الكلمة، وتقدم للرب الكثير من وقتك وجهدك، تتكلم عن المحبة، لكن ليس عندك رغبة فى الغفران. فالكلمة تعلن : "هذا الشعب يكرمنى بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عنى بعيداً" (مر6:7).
* تذكر معى صلاة العشار عندما قرع على صدره قائلاً : "اللهم ارحمنى أنا الخاطئ" (لو13:18) كلمات سهلة، نستطيع أن نرددها. لكن العشار قال هذه  الكلمات من قلبه، وكان يعنى بها انه سيعوض كل من ظلمهم، وانه ندم على كل ما فعل..
* كثيرون يتوهمون إنهم مقبولون لدى الله، لأنهم لا يفعلون الأخطاء مثل الآخرين، فالإنسان فى العادة ينتبه الى أخطاء الآخرين ويدقق فيها، حتى يمنحه هذا الشعور الزائف بالتدين، وربما عندما تسأل شخصاً ما عن مشكلته، يستطيع بقوة أن يشرح ويعبر عن مدى معاناته من أخطاء الآخرين، لكن الرب يحذرنا من النظر الى الآخر، والبر الذاتى. "من يظن انه قائم فلينظر أن لا يسقط" (1كو12:10).
* كيف تهربون من دينونة جهنم؟
(مت33:23) الهروب لا يعنى الإبتعاد عن الصلاة أو عن الممارسات الروحية. الفريسيون كانوا ملتزمين جداً  فى تطبيق الشريعة. وربما كانوا أكثر منا التزاماً بالوصايا، لكن الهروب مثلما فعل آدم وحواء، عندما شعرا بأنهما سقطا فى الخطية، تغطيا بأوراق التين. هكذا نحن أيضاً، نهرب من الله ونغطى أنفسنا بأوراق التين. قد تكون الممارسات الدينية أو بعض الأعمال الخيرية، أوراق التين التى تختبئ وراءها، فقد تتصور انك، بسماع عظة، أو بصلاة، يرتاح ضميرك، بينما قلبك بعيد عن الرب..
عزيزى القارئ :
إياك أن تستهتر بكلمة الرب. كيف يكون الحال عندما تقف فى مواجهة مع الديان العادل؟ انه سيأتى يوم ستقف فيه أمام منبر المسيح العادل. فالكلمة تعلن : "لأنه أقام يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل" (أع 31:17) فماذا يكون موقفك يوم المواجهة؟
لا تكن مثل أخوة يوسف، عندما قال لهم : "أنا يوسف أخوكم الذى بعتموه" (تك4:45). يقول الكتاب : "فلم يستطع إخوته أن يجيبوه، لأنهم إرتاعوا منه" (تك3:45).
* كم ستكون ندامة نفوس كثيرة على نعمة الله، التى وهبت لهم، لكنهم رفضوها، سوف تتذكر العظات التى سمعتها، والإنذارات التى كانت توجه اليك، ولم تعطها إهتماماًً. ولكن للأسف بعد فوات الأوان..
* حسناً قال الرب يسوع هذه الكلمات : "يا زكا أسرع" (لو5:19). هذه الكلمات لك أيضاً، أسرع، الوقت يمر، وربما يكون مروره دينونة عليك.
عزيزى القارئ :

راجع نفسك، فكر فى حياتك بجدية وتدقيق، ولا تدع الوقت يفوتك، وتتركك رحمة الرب..