نبوة ، وقوة ، وشفاء..!!
د / مارسيل اسحق
فرج ..
لقد
طرقت أبواباً كثيرة، وحاولت بطرق عديدة. فهي مريضة وتبحث عن الشفاء. ذهبت لأطباء
كثيرين، وأنفقت كل ما عندها، ولكن لم تقدر أن تُشفي من أحد، بل صارت إلى حال
أردأ..!. ظلـت تحت نير المرض 12 سنة. تعاني من نـزف دم. تألـمت كثيراً، وأصابها
الضعف والإعياء. وفي النهاية وصلت للنتيجة التالية "حالة ميئوس منها".
ليس هذا كل ما في الأمر، بل كانت تحت نير الناموس، فان مثل هذه المرأة ليس لها
حقاً في العبادة، لأنها نجسة في حكم الناموس. يعني كمان باب السماء مقفول..!! لقد
انتابها شعور عميق بالألم واليأس، ممتزج بشعور أكبر بالرفض من الناموس والناس..!!
في وسط هذا
الصراع، الداخلي والخارجي، والمشاعر المؤلمة والجروح النفسية العميقة سمعت عن
يسوع..
وكيف للأذن أن
تسمع وسط كل هذه الضغوط والآلام؟ انها
النعمة الغنية، وهو الإله الذي يأتي في الوقت المناسب دائماً لكي يفتح أذنها وسط
الألم واليأس.. وبمجرد أن سمعت جاءت في الجمع.. وها هي تتحدى زحام الجمع الملتفين
حول الرب يسوع، وجاءت من وراء يسوع، لكونها تشعر بالنجاسة والرفض وكل خزي وخجل
ومست هدب ثوبه. (لو44:8) انحنت بكل انكسار القلب وانسحاق الروح.. ولابد انها تعرضت
لصعاب شديدة، وربما سمعت كلاماً جارحاً، وربما تعرضت للدوس بالأقدام..!. ولكنها لم
تبال بكل هذا بل اقتربت من يسوع بكل انكسار وانسحاق "ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ"
(مز17:51).
لقد حرمتها
الشريعة من تقديم العبادة، وهاهى فرصتها قد جاءت لتقدم ذبيحة لله، وهى القلب
المنكسر والروح المنسحقة .. لقد سمعت وجاءت ولمست هُدب ثوبه بكل إنكسـار، لماذا؟
لأنها قالت : "إن مسست ولو هدب ثوبه شفيت".
يا لقوة
الإيمان.. لقد صنعت منها التحديات والصراعات إمرأة قوية، صاحبة كلمة لها سلطان على
حياتها وتحريرها من نير المرض المزمن.. كأنها كانت تتكلم بنبوة علي حياتها
بالشفاء. وحددت أيضاً طريقة الشفاء بكل ثقة ورجاء. ياله من أمر مذهل ..!.. فهل
الثوب يشفى؟!
ليس الثوب في
ذاته يشفي، بل إيمانها بقوة يسوع العظيم. فالكثيرون يلتفون حوله ويلمسون ثيابه.
ولكنها لمست الثوب، وفي قلبها تصديق انها شُفيت بالفعل..!! انظر، لقد قالت
"شُفيت" ولم تقل سوف أشفى.
لقد لمست
الثوب، وفى داخلها إيمان انها قد حصلت علي الشفاء حتى قبل أن تلمسه! لقد رأت مجد
الرب حسب إيمانها وأشواق قلبها المتضع، فحقق لها الرب نبؤتها ومنحها الشفاء من
مرضها. يقول البشير : "وللوقت جف ينبوع دمها". ليتنا يا أخوتي
نمتلك هذا الإيمان الناطق بكلمات نبوية على حياتنا، فنبرأ من أى داء..
لقد كان ايمان
هذه المرأة قوياً حتى انه كان سبباً في خروج قوة من الرب لشفائها.. والكتاب المقدس
يذكر كثيرين من المرضى الذين نالوا بالإيمان شفاءً. ولكن هذه المرأة تميزت عنهم
بايمان عظيم يطلق من الرب قوة شافية. مع انها قامت فقط بلمسة بسيطة للثوب، لكنها
في مكنونها إيمان عميق جداً.. الله لا يريد منا كلاماً كثيراًً. أو وعظاً جميلاً،
أو علماً غزيراً. لكنه يريد منا إيماناً في قدرته العظيمة..
من الذي
لمسني؟ كان هذا هو سؤال الرب يسوع بعد شعوره بالقوة التي خرجت منه.. كان يبحث
عنها.. يريد أن يراها.. يشتاق لسماع صوتها.. "أَرِينِي وَجْهَكِ، أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ، لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ
وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ" (نش 14:2).
وكما اعتدنا
من الرب رقة المشاعر وسمو الحب، كان يشعر بها وبانكسارها وخزيها، كان يعرفها
جيداً. فهو الله كلى المعرفة ولا يخفي عنه شئ!!
ولأنه لا
يقتحم علينا حياتنا أبداً، بل يعطي لنا الحرية الكاملة في الإختيار، يسأل : "من
الذي لمسني؟" فنراه يطرق بسؤاله باب قلب هذه المرأة. وهي أجابت بكامل
حريتها.. لقد طرقت بابه لتُشفي، فطرق باب قلبها ليملك عليها رباً ومخلصاً.. لم
تتأخر، بل أتت في الحال لتقدم له سجوداً اختيارياً منها ليكون المسيح رباً على
حياتها انه سجود يحمل العرفان بالجميل..
عزيزي.. قد يكون في حياتك نزيف.. ليس
بالضرورة دماً، فهناك النزيف الأخطر، نزيف يفقدك حياتك الأبدية. انه نزيف القلب
والفكر والنفس، اذ تكون بعيداً عن الرب، ولا رجاء لك، وتضيع حياتك الأبدية.. الأمر
يحتاج منك أن تقترب من الرب يسوع لتأخذ بالإيمان قوة لإيقاف النزيف في حياتك..
فاطرق بابه يا من طرقت كل الأبواب قبلاً، ووجدتها مغلقة.. انه الباب والطريق والحق،
والحياة.. واسمع صوته الرقيق قائلاً لك : "هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ
أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ" (رؤ8:3).