د. القس / صفاء داود فهمى
إن الاسم المألوف لرئيس الشياطين، هو
"الشيطان" (مت24:10 & لو15:11). وهذا الاسم يأتى ترجمة للكلمة
العبرية، التى تعنى، الخصم أو المقاوم، أو من يعترض طريقك؛ أو المشتكى. (مز6:109).
أما الكلمة اليونانية المقابلة لكلمة
الشيطان فى العهد الجديد هى : satan وهى تشير فى ثلاثة وثلاثين إستخداماً لها فى العهد الجديد إلى
إبليس، الذى تبدو طبيعته الجوهرية فى كونه مقاوماً وعدواً لكل من الله والبشرية..
وهناك كلمة يونانية أخرى للشيطان، وهى
biabolos ومأخوذة من الفعل
اليونانى bizballo بمعنى (أن يتهم وأن يفترى على) وقد استخدمت ثلاثين مرة بهذا
المعنى لتشير إلى الشيطان فى العهد الجديد، وتُرجمت إلى إبليس الذى عًينت هويته بأنه
المشتكى والمفترى على الله والإنسان...
وهناك أسماء أخرى للشيطان، استعملت
بصورة أقل مثل : أبدون وأبوليون وتعنيان : الدمار وأيضاً المخرب (رؤ11:9) ..
وبليعال أو بليار beliar
وهو اسم مستعمل لروح شرير مقتدر. وقد أشير اليه فى أدبيات قمران، ويحمل مضامين ما
هو بطل! "وبلعزبول" (مت24:12 & مر22:3 & لو15:11) وهو اسم ربما
يكون مأخوذاً من معبود وثنى، ويعنى "رب الذباب" (2مل 2:1-6،16) أو معبود
مشابه له يسمى بعل - زبول، ويعنى "رب الروث"!
* كيف سقط
الشيطان وملائكته؟
أجمع الكُتاب والمفسرون لكلمة الله،
على أن سقوطه كان بسبب خطية الكبرياء والتمرد على الله. ويمكن الاستدلال على هذا
الفكر بما قاله الرسول، فى حديثه عن مواصفات إختيار الأسقف "أن لا يكون حديث الإيمان
لئلا يتصلف - أى يتكبر ويعجب بنفسه - فيسقط فى دينونة إبليس" (1تى6:3) ..
وأما سبب كبرياء الشيطان فليس لنا
عليه أى نص واضح فى الكتاب المقدس، غير أن أرجح ما ذهب اليه المفسرون هو أن الله
لما قصد، فى الأزل، أن يخلق الإنسان، أعلن قضاءه للملائكة بأن واحداً من تلك
الطبيعة الإنسانية، سيصير ابنه الأعـز، متحداً مع ابنه الأزلى، فيصير رب الملائكة،
وهم يسجدون له ويصيرون أتباعه وخدمه!!
فالشيطان المسمى ليسيفورس (أى نجم
الصباح) بما إنه واحد من الرتب العالية بين رؤساء الملائكة، لم يحتمل فكرة خدمة
شخص له طبيعة إنسانية، أدنى من طبيعته كملاك أو رئيس ملائكة، فعزم على التمرد على
الله وعصيانه، وجـذب معه جمهوراً كثير العدد من الملائكة الأقل رتبة. وتأكيداً
لهذا الفكر، لا يتحدث الكتاب إطلاقاً عن خلاص الشياطين، والأبالسة، لكونهم عرفوا
المسيح قبلاً، ورفضوا سلطانه عليهم ورفضوا خضوعهم أو خدمتهم له..
* طبيعة الأرواح الشريرة :
يتحدث الكتاب المقدس أيضاً عن جمهور
من الكائنات الروحية الشريرة والمعروفة عموماً بالشياطين demons ويأتى المصطلح من الكلمة اليونانية diamonion وقد استخدمت 63
مرة فى العهد القديم، واستخدم اليونانيون هذا المصطلح للإشارة إلى المعبودات
الصغرى لكن أ صل المصطلح غير معروف على وجه التأكيد. ويميل البعض للإعتقاد بأن أصل
الكلمة قد يعنى العارفين أو العرافين one skn owine وقد تترجم الى كلمة تعنى "الممزقين"
وقد وصفت الشياطين بالأرواح الشريرة poneros (لو 7 : 21، 8 : 2، 11 : 26، أع 19 : 12، 15_ 16) أو بالارواح
النجسة akathaztos (مت 10: 1،12 :
43، أع 5 : 16، رؤ 16 : 13).
وعندما تدعى الشياطين بـ
"الأرواح" فهى إشارة الى طبيعتها الميتافيزيقية كجزء من العالم غير
المنظور وهى تمثل المعبودات الوثنية التى تقدم لها الذبائح، فالمصطلح يوضح صلة
القرابة بين الشياطين والوثنية (1كو19:10-20).
ودعيت الشياطين أيضاً seirim وهو مصطلح يُستخدم
للتعبير عن الماعز الوحشى (إش 13 : 21، 34 : 14) فى إشارة الى التيوس المعبودة
كآلهة، أو الشيطان فى صورة شخص، نصفه الأعلى بشر والأسفل ماعز (لا 17 : 7).
ولا زال تصوير الشيطان بملامح الماعز
أو الجداء، موجوداً حتى اليوم فى اله الرعاة، bod pan كما أن "روح الغواية" أو
الكذب، الواردة فى (1مل9:22-23) من المحتمل أن يكون شيطاناً..
إن إشارات بولس إلى الكائنات الروحية
الشريرة بأنها عروش وسيادات وسلاطين ورؤساء وقوات، تتضمن بلا شك، الحديث عن
الشياطين. ومثل هذه المصطلحات، ربما تشير الى قوتهم ونظامهم الهرمى، وسلطانهم على
هذا العالم.
ولكن ما هى العلاقة بين الشياطين
والشيطان؟ إن الأخير هو القائد والرئيس. ولقد عرفه الفريسيون بأنه : "رئيس
الشياطين" (مت24:12)، كما يشير (مت41:25) إلى إبليس وملائكته.
وحيث أن المصطلح ملاك يعنى "رسولاً" وبالتالى تصبح الشياطين هى المنفذة لإرادة إبليس... وبما أن الأرواح الشريرة هى الملائكة الساقطة، فتكون طبيعتها الميتافيزيقية هى نفسها التى لكل الملائكة، أى أنها كائنات روحية خُلقت من جوهر روحى وليس مادياً طبيعياً، وهى كائنات مقتدرة، ولكنها ليست كلية القدرة. وهى بالتأكيد أعظم قوة وقدرة من الكائنات البشرية. فهى مخلوقة وبالتالى هى محدودة.. خالدة، وأبديتها هى فى النار الأبدية (مت41:25-42).