القس / ثروت ثابت وهبة
راعى
الكنيسة الإنجيلية بالعباسية – القاهرة
أهلاً
بك، عزيزى الشاب، فى ثانى لقاء، عبر مجلتكم الجميلة، لنتحدث سوياً عن موضوع
المستقبل الذى يشغل بالكم، ويثير فى أذهانكم الكثير والكثير من الأسئلة، منها : ما
هو المستقبل. ومتى يبدأ؟ هلى يأتى الينا أم نذهب إليه؟ هل هو الذى يصنعنا أم نحن
الذين نصنعه؟ وكيف يمكننا أن نصنع مستقبلاً جيداً،رغم رداءة الواقع؟ ومن المتحكم
فى صناعة المستقبل، الإنسان، أم الله، أم القدر والمكتوب؟.
نستطيع الإجابة على
كل هذه التساؤلات في هذه السطور القليلة، والتى تحمل خبرات كثيرين، لمئات بل وآلاف
السنين، فى سفر التكوين وغيره من الأسفار. فلقد استطاع كل من نوح، وابراهيم، واسحق،
ويعقوب، ويوسف، وموسى، ويشوع، وجدعون وو ... الخ، وفى العهد الجديد بطرس، وبولس،
ويعقوب، ويوحنا، وتوما وو .. ألخ، بفضل طاعتهم لله، أن يصنعوا لأنفسهم، ولأسرهم،
وللكنيسة، مستقبلاً رائعاً..! رغم رداءة الواقع وفساده وشره، بينما فشل كثيرون،
كانت لهم نفس الظروف، فى صنع مستقبل أفضل، مثل قايين، وحام، وعيسو، وعاخان ابن
كرمى، ويهوذا، وديماس. وكثير من شعب اسرائيل الذين لما جاءهم الرب يسوع ليغفر خطايا
ماضيهم، ويبارك حاضرهم ومستقبلهم بالحياة الأفضل، رفضوه، فقال لهم : "يا
أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن
أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا" (مت37:23).
بادئ ذى بدء نقول،
إنه من ناحية العلم والمعرفة بالمستقبل، فهذا بيد الله وحده، أما صناعة المستقبل فهى
مسئولية الإنسان. الإنسان هو من يصنع مستقبله بنفسه، بمعنى أنه هو الذى يختار
الطريق الذى يسلكه. فالمستقبل لا يُفرض علينا فرضاً، ولا يأتينا، بل نحن الذين
نذهب اليه..
المستقبل الأفضل، على
كل المستويات، لا يحدث ونحن نيام على فراش الكسل، ولا يحدث صدفة أو خبطة حظ، لكنه
صناعة تتطلب تخطيطاً وتنظيماً، وطاعة قلبية لله، وثقه تامة فيه، وفى وعوده وطرقه..
وهذا حدث مع كل من
إبراهيم ونوح، اللذين أطاعا الله، فنجحا، وصنعا لأنفسهما ولعائلاتهما اسماً
ومستقبلاً رائعاً، بالرغم من رداءة الواقع، فابراهيم نشأ فى عائلة وثنية، إذ كان
أبوه تاجر أصنام فى مدينة أور. وكان بها آلهة كثيرة، أشهرها نانار اله القمر،
وزوجته تنحال .. ونوح البار عاش وسط جيل فاسد شرير، أحزن قلب الله، فقرر إبادته
بالطوفان..! لكن نوح وجد نعمة فى عينى الله، وأطاعه، فصنع مستقبلاً أفضل له
ولعائلته. ما أجمل وما أروع الحياة مع الله، والسير حسب كلمته .. المستقبل مضمون،
طالما كنا معه ..
عزيزى الشاب، ربما
تكون ظروفك صعبة، وواقعك مر وأليم للغاية، وأنا أقدر ذلك جيداً. لكن ماذا لو أنك استسلمت
لتلك الظروف، وذاك الواقع الردئ؟. لذلك أدعوك من كل قلبى ألا تستسلم للواقع، مهما
كان شكله ولونه. فكر كيف تنتصر عليه بكل الطرق، خذ خطوة للأمام، كن ايجابياً، تعرف
على قدراتك. وكما آمنت بالله وبقدراته، آمن بنفسك وبقدراتك الممنوحة لك منه ..
انظر لمن نجحوا، رغم مصاعبهم الكثيرة .. تحلى بالصبر والمثابرة .. كن كيوسف الذى
صبر واحتمل الكثير والكثير، حتى السجن. عاش فى المعاناة 13 سنة تقريباً، فصنع
لنفسه ولأسرته، وللعالم مستقبلاً أفضل، إذ أنقذه من المجاعة .. حاول .. وأن، لا قدر
الله، فشلت، فشرف المحاولة يكفيك ..
عزيزى الشاب، هل تعرفت بيسوع المسيح؟ هلى قبلت
عمله من أجلك؟ .. لقد جاءنا الله فى شخص يسوع المسيح، حتى يكون لى حاضر، ومستقبل
أفضل .. قال الرب يسوع : "السارق لا يأتى إلا ليسرق ويذبح ويهلك. وأما أنا
فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل" (يو10:10).