مفهوم الحياة والموت
القس / ثروت ثابت وهبه
راعى الكنيسة الإنجيلية بالعباسيةــ القاهرة .
أهلاً
بكم أعزائى الشباب فى لقاء جديد ، وموضوع جديد يهمنا جميعاً ، كباراً وصغاراً ،
خداماً ومخدومين ، مؤمنين وغير مؤمنين . ألا وهو : مفهوم الحياة والموت .. الكل
يتساءل : هل للحياة معنى ؟ هل للحياة قيمة ؟ هل نحن هنا لننتظر قطار الموت ؟! وكيف
تجعل حياتك مثمرة ومفيدة لمن حولك ؟
الحياة عطية من الله .. وهناك نوعان من
الحياة :
الأول
هو : الحياة الجسدية ، أى ممارسة كل أنشطة الحياة لكن باستقلالية عن إلهه ،
لمجد الذات . فلا يعترفون بوجوده ، وينكرون خيره عليهم .. الحياة بالنسبة
للجسدانيين تتلخص فى : العمل ، والمال ، والزواج ، والأكل ، والشرب ، واللبس ،
والسكن ..
الثانى هو: الحياة الروحية : أى ممارسة كل أنشطة الحياة
كغيرهم ، لكن تحت سيادة الله ، ولمجد اسمه الكريم . فنحن أحياء حقاً طالما كانت
أرواحنا متصلة به . وقد عبر الرب يسوع عن هذه الحقيقة فى مثل الابن الضال فى ( لو
15 : 24 ) . فعندما رجع الابن الضال هتف الأب قائلاً : " لأن ابنى هذا كان
ميتاً فعاش ، وكان ضالاً فوجد " وعبر عن نفس الحقيقة الرسول بولس فقال :
" وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا ، التى سلكتم
فيها قبلاً .. الله الذى هو غنى فى الرحمة ، من أجل
محبته الكثيرة التى أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا ، أحيانا مع المسيح . بالنعمة
أنتم مخلصون ". ( أف 2 : 1 ، 4 ، 5 )
ثم أرجو ألا
ننسى بأن الله خلق الأرض من أجل الإنسان ، وليس الإنسان من أجل الأرض . الله خلق
كل شئ من أجلك ، عزيزى القارئ ، فلا تعش حياتك عبداً للمال أو الممتلكات ، أو
الجاه ، أو السلطان ، بل عش مع الله ، ومن أجله ، فتتمتع بحياتك وتعرف قيمتها
ومعناها ، لأنه لا يمكن إختزال معنى الحياة فى شهادة علمية ، أو وظيفة أو منصب ،
أو مال أو زوج أو زوجة ، أو أطفال ..
أما بخصوص
الموت فالكتاب المقدس يعلم عن ثلاثة أنواع من الموت :
أ ـ الموت الجسدى : أى إنفصال الروح عن الجسد .
وهذا أمر على كل البشر فى كل مكان
ب ـ الموت الروحى : أى إنفصال روح الإنسان عن الله ، مصدر الحياة ، كما حدث مع الابن الضال
، وشعب كنيسة أفسس ، قبل الإيمان ، كما ذكرت ..
جـ ـ
الموت الأبدى أو الموت الثانى : من يرجع ويتوب من أصحاب الموت الروحى ، ويقبل المسيح
، ينجو من هذا الموت ، وينال حياة روحية جديدة . قيامة جديدة ، كما قال الرب يسوع
:" الحق الحق أقول لكم : إن من يسمع كلامى ، ويؤمن بالذى أرسلنى ، فله حياة
أبدية ، ولا يأتى إلى دينونة ، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة .. الحق الحق أقول
لكم أنه تأتى ساعة ، وهى الآن ، حين يسمع الأموات صوت ابن الله ، والسامعون يحيون
" ( يو 5 : 24 ، 2 ) . وبالتالى لا يصبح للموت الجسدى سلطان عليه ، بل يكون
بمثابة الجسر الذى ينقله للعيش المستمر مع الله ..
قال أحدهم :
الموت الجسدى رغم ما فيه من قسوة ، لكنه لا يخلو من نعمة ، بالنسبة للمؤمـن ألا وهى نعمة الوجود الدائم فى حضرة الله .
أما من يرفضون محبة الله ، فسيظلون فى موتهم الروحى ، وسيموتون الموت الجسدى .
وليت الأمر توقف عند هذا الحد ، لأنهم سيواجهون بعد ذلك الموت الثانى ، أو الأبدى
. وعبدة الأوثان ، وجميع الكذبة ، فنصيبهم فى البحيرة المتقدة بنار وكبريت ، الذى
هو الموت الثانى "( رؤ 21 : 8) لذا نقول أن أعظم مأساة فى تاريخ البشرية ،
ليست الموت الجسدى ، بل الموت الروحى
( استقلال الإنسان عن الله ) لأنه إن كان الموت
الجسدى هو إنفصال الروح عن الجسد فالموت الروحى هو إنفصال الإنسان عن الله
، ومقدمة للموت الأبدى ، الذى لا نجاة
منه البتة !
انتبه عزيزى القارئ .. انتبه من فضلك ،
فالأمر خطير لأن عجلة الوقت تسير إلى الأمام ، بلا توقف ، والوقت لا يمكن تخزينه ،
لكن يمكنك تنظيمه .. مجموع أيامك وشهورك ، وسنينك = حياتك . فلا تضيع أى جزء من
حياتك .. لا تقاس الحياة بطولها ، لكن بعمقها وبعرضها فليس المهم السنوات فى حياتك
، لكن الحياة فى سنواتك . فكثيرون دخلوا العالم وخرجوا بلا أى تأثير ، لأنهم عاشوا
لأنفسهم فقط..