" لا تقدرون أن تخدموا الله والمال " ( مت 6 : 24 )
القس / ناصر لطفى
المال يرمز للخير المادي . ولا يوجد
تعارض بين الله وبين أي خير ، أو أي شئ صالح . لان الله هو مصدر كل خير وكل صلاح .
مكتوب " كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبى
الأنوار"( يع 1 : 17) . لكن التعارض الواضح في الآية موضوعنا ، ليس بين
الله والمال، لكنه بين خدمة الله وخدمة المال.لأن الشيطان يريد أن يحارب الله
ويعطل سلطانه وعمل محبته في الإنسان، بأن يوقع الإنسان فى محبة المال. وبذلك يفقده
علاقته وشركته مع الله ..
لقد خلق الله المال والممتلكات وكل شئ لخدمة
الإنسان ، ولم يخلق الإنسان لخدمة هذه الأشياء ، كما هو مكتوب : " وقال
الله : نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طيور السماء
وعلى البهائم ، وعلى كل الأرض ، وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض " (
تك 1 : 26 ) . وحين قال المسيح " لا يقدر أحد أن يخدم سيدين "
أراد أن يبين لنا خطورة سيادة المال ، لأن سيادة المال على من يستعبدون له
ويخدمونه ، تصل مقارنتها بسيادة الله على الذين يخضعون له ويخدمونه ..
لذلك أكد
المسيح قائلاً :" لا تقدرون أن تخدموا الله والمال " وذلك لأن
سيادة المال تتعارض تماماً مع سيادة الله . فمن يسود عليهم المال يؤمنون بفاعليته
وقوته في حياتهم ، وذلك يقودهم إلى الابتعاد تماماً عن الله .. لكن هل لو أختار الإنسان أن
يخدم الله وليس المال ، فهل معنى هذا أنه سيعيش محتاجاً ؟ بالطبع
لا . وأجاب المسيح عن هذا السؤال بكل وضوح قائلاً :" لذك أقول لكم : لا
تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ، ولا لأجسادكم بما تلبسون .. انظروا إلى
طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ، ولا
تجمع إلى مخازن ، وأبوكم السماوي يقوتها ، ألستم أنتم بالحرى أفضل منها ؟!"
فالله يريد
أن يسدد احتياجاتنا عن طريق الإيمان والإلتجاء إليه ، وطلب ملكوته أولاً ، وليس عن
طريق الإعتماد على الأموال والممتلكات التى يصفها الكتاب المقدس بأنها غير يقينية
. ويقول الرسول : " أوص الأغنياء فى الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ، ولا
يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى ، بل على الله الحي الذى يمنحنا كل شئ بغنى
للتمتع " ( 1 تي 6 : 17 ).