أساسيات
الإيمان (10)
فريضة
معمودية الماء
اسحق
جاد اسحق
هذه الفريضة تمارسها كل الكنائس على اختلاف
معتقداتها وتوجهاتها ، ولكن يوجد اختلاف بين الكنائس او المذاهب المسيحية
المختلفة حول هذه الفريضة وفاعليتها ، وكيفية ممارستها ، إلا أن الجميع متفقون من
حيث المبدأ على أهميتها ، كما أمر بها الرب يسوع فى قوله لتلاميذه :" إذهبوا
وتلمذوا جميع الأمم ، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " .( مت 28: 19)..
و بهذا الاسم ( الآب والابن والروح
القدس ) تمارس المعمودية.. وهنا نعرض
للفكر الكتابي الصحيح حول ممارسة المعمودية ، وذلك فيما يلي:
1ـ ماذا تعني
المعمودية بالماء ؟ إنها ترمز إلى إتحادنا بالمسيح فى موته وقيامته . فإذ يُدفن
المؤمن فى ماء المعمودية ، ويخرج منها ، فبهذا يتشبه بالمسيح في موته وقيامته .
يقول الرسول :" فدفنا معه بالمعمودية للموت ، حتى كما أُقيم المسيح من
الأموات ، بمجد الآب ، هكذا نسلك نحن فى جدة الحياة ، لأنه إن كنا قد صرنا متحدين
معه بشبه موته ، نصير أيضاً بقيامته " ( رو 6 : 4 ، 5 ) ومن هنا لابد من
إجراء المعمودية بالتغطيس ، فهذا يعطي معنى الدفن للذى مات إنسانه العتيق ، ثم
القيامة للإنسان الجديد. وهذا يبدو فى الصعود من الماء.
أيضاً تحمل المعمودية معنى الإغتسال والتطهير
من الخطايا ، فقد قال حناينا لشاول الطرسوسى ( بعد أن تم تجديده ) " قم إعتمد واغسل خطاياك " ( أع
22 : 16 ) . ولكن لا يُفهم من هذا أن الماء في حد ذاته
يغسل أو يطهر من الخطايا، بل نجد التركيز كله، في كلمة الله، هو على دم المسيح
الذى يطهر من كل خطية (أنظر مثلاً يو 1: 7 و رؤ 1 : 5 ) .. أما غسل الخطايا
المقصود هنا ، فهو إجراء خارجي كمثال على عملية الغسل والتطهير التى تمت بالداخل .
وهذا ما عناه الرسول بطرس بقوله عن المعمودية بالماء: " لا إزالة وسخ
الجسد ، بل سؤال ضمير صالح من الله بقيامة يسوع المسيح " ( 1 بط 3 : 21)
. مما يعنى أن الإغتسال للجسد ، يجئ بعد أن يكون القلب قد تطهر من الداخل . وهو الأمر الذى يبرز هذه
الحقيقة في منظر ملموس ، أى الغسل بماء العماد..
2ـ الإيمان يسبق المعمودية : يقول المسيح لتلاميذه : " فاذهبوا وتلمذوا جميع
الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " . هنا نجد أن التلمذة
للسيد تأتي أولاً ، فهي الأساس وبعد ذلك يتم تعميد من تتلمذوا، وكذلك قوله له المجد
" من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن"(مر16 :16 ) . فهذا تأكيد
على نفس الحقيقة ، وهى أن الإيمان تليه المعمودية . والمعمودية بدون إيمان لا
فائدة منها على الإطلاق ، بينما الإيمان وحده كاف للخلاص ، ونوال الحياة الأبدية ،
وذلك إذا لم تتح للشخص الذى آمن فرصة ليعمد بالماء . لاحظ قول الرب ، فهو لا يقول " ومن لا يؤمن ويعتمد يدن " بل
قال فقط " ومن لم يؤمن يدن " وفى ذلك إشارة واضحة إلى أن الإيمان هو
الشرط المطلوب للخلاص والنجاة من الدينونة . وعلى هذا المبدأ قبل المسيح اللص
التائب معه في الفردوس بدون أن يُعمد ..
إذاً فالمعمودية تتبع التجديد ، فهي علامة
خارجية تظهر ما تم في الداخل ، ومن الخطأ القول أن مجرد التغطيس فى ماء المعمودية
يخلص ، لأن الخلاص يتم بالإيمان القلبي بالمسيح وبعمله الكفاري الذى تم على الصليب
، ونلاحظ التأكيد على هذه الحقيقة فى جواب فيلبس على سؤال الخصي الحبشي القائل "
هوذا ماء . ماذا يمنع أن أعتمد ؟ " فقال له :" إن كنت تؤمن من كل قلبك
يجوز " وقد عمده فيلبس على أساس إيمانه من كل القلب الذى أعلنه أمامه .
كذلك نجد بطرس فى يوم الخمسين يخاطب الجمهور الذى بكته الروح القدس قائلاً :"
توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا(اع2: 38 ). نفس
الترتيب ، التوبـــــــة، ثـــــم تليها المعمودية.. ولكن من
العجب أن هناك من ينادون بعكس ذلك ،عندما يقولون أن الخلاص يتم للطفل عندما يغطس في ماء المعمودية ، ثم
عليه أن يقدم توبة فيما بعد ، أى عندما يكبر ويصل الى سن المسئولية !!
3ـ ما هو مصير
الأطفال الذين يموتون بدون معمودية ؟
الجواب ببساطة
هو أنهم أبرار ، أطهار ، ومصيرهم هو الحياة الأبدية بدون شك ، كيف لا ، ورب المجد
إعتبر الأطفال مثالاً للداخلين إلى ملكوت الله ؟. ( مر 10 : 14 ).. ولكن هناك رأي
يقول بخلاف ذلك إذ يرى أن عدم غسلهم بماء المعمودية يجعل خطيتهم الموروثة من آدم
عالقة بهم ، ولذا لن يتمتعوا بالحياة الأبدية فى كامل بهجتها !! وهذا الكلام مردود عليه بالقول : إن خطية هؤلاء
الأطفال المولودين بها ، لن يغسلها ماء المعمودية ، كما أوضحنا من قبل ، ولكن لا
شك أنها يتم نقلها عنهم قبيل رحيلهم ، وتوضع على شخص الفادى الكريم .. ثم هل من
المعقول أن الله العادل يعاقب هؤلاء الأبرار،لا لذنب جنوه ، ولكن فقط لأن الموت
إختطفهم قبل أن يتم عمادهم ؟!
توجد ملاحظة أخيرة لابد منها ، وهى أن الأشخاص الذين تم عمادهم في طفولتهم، وعند
بلوغهم سن المسئولية ، قبلوا المسيح مخلصاً ، فلا مانع أن يُعمدوا ثانية ، بناءً على
إيمانهم القلبي هذه المرة ..