الشباب والطموح
الطموح جزء لا يتجزأ من حياتنا ، ويتعلق
بأنشطتنا المختلفة ، ويرتبط دائماً بآمال وتطلعات الإنسان نحو مستقبل أفضل ...
والطموح قوة هائلة ، قد تكون إيجابية بناءة ، أو قد تكون سلبية مدمرة ! . فهذه
القوة مثل الديناميت ، الذي قد يُستعمل في أغراض نافعة مثل شق الصخور لإنشاء
وتعبيد الطرق من خلالها ، وقد يُستعمل في أغراض أخري ضارة كالقتل والتدمير.. ! .
إذاً الأمر يحتاج أن يتوفر لدينا الدافع النبيل والمستقيم ، ليكون الطموح من النوع
المفيد والبناء ..
ويكون الطموح في أعلى درجاته في مرحلة
الشباب . وهذا شئ حسن ومطلوب ، مادام الدافع يكون نزيهاً ، والسلوك مستقيماً . ومن
أمثلة ذلك أذكر: طالب العلم الذي يدفعه طموحه إلى النجاح والتفوق .. وما يقال عن الطالب يقال عن أصحاب المهن
المختلفة , الذين يتطلعون إلى تحقيق نجاحات عالية في المهن والمجالات التي يعملون
بها. وهذا أمر لاغبار عليه , ماداموا يسلكون طرقاً مستقيمة ولا ينحرفون. ولكن
في بعض الحالات يكون الطموح قوة دافعة للوصول إلى غاية , بدون اعتبار للوسيلة
الموصلة إليها , وهل تتفق مع الضمير والأخلاق أم لا ؟ ! " .. وهذا هو مبدأ
" ميكافللي " الذى كان شعاره : " الغاية تبرر الوسيلة ! " .
وكأمثلة لذلك أذكر : التاجر الذى يريد الربح السريع , ولا مانع عنده من الغش
والتدليس والطمع .. والشخص الذي يقوم بالعمل أو الإتجار في أشياء يجرمها القانون ,
ولا يكترث بخطورة ما يفعله مادام سيجني من وراء ذلك أرباحاً طائلة .. والموظف الذى
يتقاضى رشاوى فى مقابل عمل أشياء مخالفة للقانون والضمير , وهدفه هو تكوين ثروة ,
أو الوصول إلى مستوى عالِ من المعيشة .. وهناك من يتبع أسلوب الإلتواء والخديعة
والنصب من أجل الحصول علي المال والثراء ؛ ومثال ذلك نجده في جيحزي غلام اليشع
النبي ، فقد أسرع جرياً وراء نعمان السرياني . وحصل منه ، بطريق الكذب والخداع ،
على مال كثير , لأنه كان يهدف لأن يكون صاحب أملاك واسعة وأن
يكون له عبيد وجوارِ ، يخدمونه مع أسرته .. ولكنه لم يهنأ بما كان يحلم به ، إذ
تنبأ عليه اليشع بضربة البرص هو ونسله .. وتحققت النبؤة فى الحال ! ( أقرأ 2 ملوك ص 5 ) .. هؤلاء وأمثالهم يكون
لديهم طموح يحركه الشيطان ويوجهه نحو التدمير.. ولذا أوجه لك عزيزي الشاب الطموح
بعض النصائح فيما يلي :
1 ـ هل أنت على علاقة سليمة مع الله ؟
. اذا كان الامر كذلك ، فهذا يحصنك ضد أي إنحراف .. فإذ كنت مرتبطاً بالرب ، فذلك
يحول دون الزيغان عن الحق . ولا تنس أن النجاح فى أي مجال من مجالات الحياة ، هو
من الله . فعندما تعمل رضاه وتتكل عليه ، فهو يضمن لك تحقيق ما تصبو إليه من أهداف
.. فقد قيل عن الله : " لا يمنع خيراً عن السالكين بالكمال " ( مز 84 :
11 ) وأيضاً يقول الكتاب : " وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً " (
تك 39 : 2 ) . فعندما تكون فى معية الله ، يعطيك النجاح الذي تأمله ، بل أكثر جداً
مما تطلب أو تفتكر !!
2 - وأنت تسعى لتحقيق هدفك ، لا تكن
لاهثاً، بل سر بهدوء وتؤدة ، وبخطوات ثابتة متزنة .. لا داعي للهرولة ، حتى ولو
كان سيرك مستقيماً ومشروعاً .. الهدوء يجعل أمورك مرتبة ومتسقة مع
الواقع .. ولا تنس أن جسدك الذى تتحرك وتعمل به ، إذا أجهدته عضلياً وذهنياً أكثر
من اللازم ، فهو يصاب بالإنهاك . فلا تجهد نفسك إلى حد الإفراط .. أعمل ، لكن
بهدوء وتركيز مع أخذ ما يلزم من الراحة ليستعيد جسدك طاقته ونشاطه من جديد .. وضع
أمامك دائماً كلام الكتاب فى هذا الصدد : " حفنة راحة خير من حفنتي تعب وقبض
الريح " ( جا 4 : 6 )
3 - إذا أصابك فشل من أي نوع ، وأنت
تسعى فهذا شئ طبيعي . فالحياة ليست كلها فشل تام أو نجاح تام . بل كل نجاح لا يخلو
من نقاط فشل . وقديماً قالوا " لكل جواد كبوة " . فالحصان مهما كانت
قوته ، فلابد من عثرته ! .. فلا تستسلم لأي فشل يصيبك ، بل قم من جديد ، معتمداً
على ذراع الرب . وأعزم على مواصلة نشاطك ، مرة أخرى . فالمرء إذ استسلم لروح الفشل
، فأنه يفقد ديناميكية الحركة التي تدفعه للعمل والنشاط .. وعليك أن تضع أمامك قول
الرسول بولس " لأن الله لم يعطنا روح الفشل ، بل روح القوة والمحبة والنصح
" ( 2 تي 1 : 7 ) .
أطلب
من الله أن يملأك بروحه ، فهو يقويك ويرشدك ، كما تطلب منه أن يذلل أمامك الصعاب
والعقبات ، وينصرك على المعوقات والمفشلات .