الرجل المسكين الحكيم الذي نجى المدينة:
في (جا9: 14و15) نقرأ عن مدينة صغيرة، سكانها
قليلون.
وقد حاصر ملك عظيم هذه المدينة وبنى عليها أبراجاً. وكان بين سكانها
رجل مسكين ولكنه حكيم، وقد استطاع هذا الرجل
بحكمته أن ينجي المدينة من
حصار هذا الملك وجيشه..
يقول
المنتمون للمدرسة الرمزية في تفسير الكتاب المقدس، في تناولهم لهذا النص: إن المدينة الصغيرة وأناسها
القليلون ترمز إلى عالمنا الذي نعيش فيه، وإن
الملك العظيم الذي حاصرها
هو الشيطان، وأما الرجل المسكين الحكيم الذي نجى المدينة،
فيمثل المسيح! ولكن هذا الرأي غير صحيح وذلك للأسباب الاتية:
1-كيف تُوصف هذه الأرض بأنها مدينة صغيرة، وكيف
يقال عن سكانها من البشر، أناس قليلون؟.. إن هذا العالم المتسع الذي نعيش فيه،
ويمتلئ بالبشر، لايناسبه القول بأنه مدينة صغيرة، سكانها قليلون!
2- إن
الذي نجى المدينة من الحصار، قد استعمل حكمته. أما الرب يسوع فقد نجانا من الموت
الأبدي، لا بحكمته، بل بموته مصلوباً بديلاً عنا. فهو الذي أسلم للموت نفسه لكي
نفلت نحن منه.
3- إن
الرجل الحكيم بما أنه مسكين، فلم يذكره أحد. ويعقب سليمان قائلاً: " أما حكمة
المسكين محتقرة " ( جا 9 :16 ) فهل سيدنا يسوع المسيح كانت حكمته محتقرة، أم
على العكس كان الناس يتزاحمون حوله لسماع كلام الحكمة المبهر الخارج من فمه؟!
(انظرلو5: 1، ويو7: 46 ) وهل المسيح لم يذكره أحد أو يذكر الدور الذي قام به تجاه
العالم ؟ أم أننا نجد اسمه الكريم يملأ كل بقاع الأرض، وترتفع راية صليبه عالية
خفاقة في كل مكان، والأحاديث عنه وعن محبته لجنسنا البشري وتضحيته بنفسه من أجلنا
تملأ الدنيا؟! إذاً لا يمكن أبداً أن يكون هذا الرجل المسكين الحكيم المغمور،
مقصوداً به ربنا يسوع المسيح، ولا المدينة وسكانها مقصوداً بها الأرض والبشر..
وأرى إن
هذه القصة الصغيرة قد تكون قصة حقييقية. رواها سليمان ليبين لنا أن الناس لا
يقدرّون المسكين حتى ولو كانت لديه حكمة عظيمة، كهذا الرجل الذي نجى مدينتة
بحكمته، وما أحد ذكره في ما بعد، بل عاش باقي أيام حياته مغموراً منسياً..