الطريق الأمثل لدراسة وفهم كلمة الله
المحرر
يحتوى الكتاب المقدس على تكامل عجيب ، حيث أن الكثير من الحقائق التى وردت
فيه نجدها موزعة في عدة نصوص منه . وعندما نجمع كلاً منها معاً فى إطار واحد نجدها
تكمل بعضها بعضاً . وهذا يجعلنا ، ونحن نبحث عن حقيقة ما ، أن لا نكتفي بمطالعة نص
واحد وردت فيه ، بل لا بد من جمع ما ورد بشأنها فى باقي الأسفار أو الأماكن ، من
أجل الوصول الى المفهوم الصحيح حول الحقيقة التي نريد الوصول اليها .. وهنا أذكر
على سبيل المثال بعضاً من الحقائق التي وردت فى أكثر من نص في الوحى المقدس ، وكيف
انه عندما نجمعها معاً ، تكتمل الصورة الصحيحة عنها :
1- فى ( تك 18 : 12 ) نقرأ عن سارة بأنها عندما سمعت
إعلان الرب عن إعطائها نسلاً ، ضحكت قائلة " أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت
؟! " مما يعنى عدم تصديقها . ولكن عند ذكر سارة في سحابة الشهود يقول
عنها الوحى : " بالايمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل
، وبعد وقت السن ولدت ، اذ حسبت الذي وعد صادقاً " ( عب 11 : 11 ) . ومن
هنا ندرك أنها آمنت بالوعد الإلهى بعد أن كانت متشككة ، وأن إيمانها هو الذى أعطى
لجهازها التناسلي ، الذى كان في حالة موت ، أن يستعيد حيويته وقدرته ويتهيأ للقيام
بمهام الحمل والولادة !
2- وفى ( تك 22 : 10 ) نقرأ عن إبراهيم عندما عزم على
تقديم اسحق ابنه على المذبح ، اطاعة لأمر الرب ، ففى هذا الموقف لا نتبين حقيقة
شعور ابراهيم ، ولــــكن عـــندما نقرأ عنه فى سحابة الشهود يتضح لنا أنه كان ينوي ذبح ابنه بالفعل ، وبدون
تردد ! لأنه كان على يقين بأن الله قادر على أن يقيمه من الموت ! ( عب 11 : 17 ـ
19 ) . وبذلك يتضح لنا عمق وقوة وروعة إيمان ابراهيم !
3- وفي ( 2 صم
24 : 1 ) يقول الكتاب : " وعاد فحمي غضب الرب على إسرائيل ، فأهاج عليهم
داود قائلاً :" امض وأحص إسرائيل ويهوذا " . ولكن فى ( 1 أخ 21 : 1 )
يقول :" ووقف الشيطان ضد إسرائيل ، وأغوى داود ليحصي إسرائيل " .
وعندما نجمع النصين معاً ، نخرج بنتيجة مفادها أن الشيطان أوعز لداود بفكرة إحصاء
الشعب ، والرب سمح له بذلك ، وداود نفذ الخطة . وهذا يعني أن الشيطان يخطط للشر ،
ولكن لا يستطيع الوصول إلى مبتغاه الشرير بدون السماح الإلهي له ..
4- وفى الموعظة
على الجبل ( مت 7 : 7 ) يقول رب المجد " اسألوا تُعطوا . اطلبوا تجدوا . اقرعوا
يُفتح لكم " . ولكن فى أماكن أخرى نجد أقوالاً عن الصلاة والطلبات
المستجابة بأن لها شروطاً لابد من إتباعها.وهـــى إضافة لابـــــــد منــــــــــــها
لإكمال الصورة الصحيحة عن الصلاة التى يستجيبها الله ، كالقول بضرورة اللجاجة فى
الصلاة ( لو 18 : 8 ) وأن تكون الطلبات بايمان . ( مت 21 : 21 ، 22 ) . وأن تقدم
إلى الآب باسم الابن ( المسيح ) . ( يو 14 : 13 ، 14 ) . وان تكون الطلبات بحسب
مشيئة الله .(يو5:14) . وان تكون الصلاة خالية من المعوقات.(1بط 3 : 7)
5- وفى ( يو 14
: 28 ) يقول الرب يسوع: " لأن
أبى أعظم منى " فاذا نزعنا هذه الآية من سياقها سيتكون لدينا مفهوم غير
صحيح هو أن الابن أقل من الآب . وهذه الآية هى التي استند عليها آريوس ، بعد أن
أغفل ذكر ما جاء قبلها ، فأنكر لاهوت المسيح . ولكن عندما نربطها بما قبلها ندرك
جيداً ماذا يعني المسيح بقوله هذا ، فهو يقول لتلاميذه :" لو كنتم تحبونني
لكنتم تفرحون ، لأنى قلت أمضي إلى الآب ، لأن أبي أعظم مني " بمعنى أن ذهابه
إلى الآب هو عودة إلى ما كان عليه قبل التجسد ، لأنه بتجسده قد أخلى نفسه ، أخذاً
صورة عبد ، صائراً فى شبه الناس .(فى2 : 7) وأيضاً قيل عنه انه صار فى وضع أقل من
الملائكة .(عب 2 :9) . ولذلك يدعو تلاميذه ان يفرحوا لعودته إلى الآب ، حيـــــــث
تنــــــتهي فتــــــــــــــــــرة إتضاعه وتجسده، وبعد مرحلة إتضاعه يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
عـــــــنـــــــه الـــــــــــــوحي: " ولكن الذى وُضع قليلاً
عن الملائكة : يسوع، نراه مكللاً بالمجد والكرامة " (عب2: 9)
6- وعندما نقرأ
ما جاء فى كلام يوحنا المعمدان عن المسيح ، الذى سوف يعمد أتباعه بالروح القدس
ونار.(مت 3: 11 ) فحتى نفهم المقصود بكلمة " نار " علينا أن نذهب
الى ما جاء فى ( أع 2 : 3 ) لنعرف أن النار التى ذكرها المعمدان هي في قول الكتاب "
وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم "
فالمقصود هنا هو معمودية الروح القدس ذات الخواص النارية. ويؤكد هذه الحقيقة أيضاً
ما جاء فى قول الرائى :" وأمام العرش سبعة مصابيح متقدة ، هي سبعة أرواح
الله " ( رؤ 4 : 5 )
هذه بعض
الأمثلة ، التى منها يتضح لنا ضرورة عدم الإكتفاء بآية واحدة أو نص واحد فى دراسة
أى موضوع ، لأن ذلك يعني أن تكون الحقائق مبتورة ناقصة ، ولذا اضع أمامك هنا، عزيزي
القاريء ، بعض النقاط السريعة التالية ، فهي تعاونك فى هذا الشأن :
* استعن
بالكتاب المقدس المشوهد ، لأن فيه إشارات إلى الأماكن المختلفة التى فيها
أقوال متعلقة بالموضوع الذى تريد الإلمام به كاملاً ..
* ممكن
الإستعانة بـ " كتاب الحياة " ، لأن به إيضاحات للعبارات والكلمات
التي يصعب فهمها فى الترجمة البيروتية ..
* ممكن
قراءة بعض المراجع ، وخاصة التي تتبع مبدأ الحياد والنزاهة ، ولا تنحاز لعقيدة
معينة. ..