القيامة وتأثيرها المفرح ..!
أسلم المسيح روحه فى يدى الآب. ورآه المحيطون به مجرد جسد معلق على الصليب! وبعدها قام يوسف الرامى ونيقوديموس بانزاله من فوق الصليب، ولفاه بالأكفان والأطياب، وحملاه إلى القبر الذى كان يوسف قد نحته لنفسه فى الصخر.. وقد وُضع حجر ضخم على باب القبر!
من كان يشاهد ما آل إليه أمر يسوع المسيح، ذاك الذى أجرى الآيات والمعجزات التى لم يكن لها نظير! ويراه الآن وقد أمسى جسداً هامداً، مسجى بالأكفان. ثم بعد ذلك موضوعاً داخل قبر عليه حجر ثقيل ومحاط بالحراس، إلا وتأخذه الحيرة، بل واليأس، وخيبة الأمل!.. وقد عبر عن هذه المشاعر اليائسة تلميذا عمواس بقولهما : "وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ" (لو21:24).
لقد كان التصور العام من أتباع يسوع، على أثر حادثة الصلب، وما تبعها من موت ودفن، أن كل شئ قد انتهى بل أن تلاميذه قد اختباؤا خلف الأبواب المغلقة، وهم فى حالة خوف وهلع، وهم يتخيلون أن أعداءهم من اليهود الذين استطاعوا صلب زعيمهم وقائدهم، فلابد انهم لن يتورعوا عن الإنقضاض عليهم والفتك بهم!.. نعم لقد كان الموقف عصيباً جداً على أتباع السيد، وهم واقعون تحت ضغط مشاعر ملؤها اليأس والإحباط والرعب!
ولكن أبشروا أيها البائسون الخائفون، لقد أشرق صباح الأحد، حاملاً البشرى العظمى، التى هى كفيلة بان تزيح الغم الجاثم على صدوركم، وتأتى لكم بالفرح الغامر!
لقد تبدل الحال تماماً، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ (يو20:20). وما الذى كان سيفرحهم، ويملأ قلوبهم بالسلام والطمأنينة، سوى رؤية الرب الحى، المنتصر على الموت وكل قوى الشر.. وذلك بعد أن كان ميتاً وموضوعاً فى قبر عليه حجر يصعب زحزحته، ومحاط بحراس أشداء؟!
إن أفراح القيامة هى الكفيلة بازاحة أية هموم وأحزان، من أى نوع.. ولذا فان كل خاطئ تسود عليه الخطية، وتجثم على صدره بثقلها المرير.. لن يزيح عن صدره أحزان وأثقال الخطية، إلا إختبار خلاص الرب يسوع القائم من بين الأموات، المنتصر على قوى الشر والظلام!
لقد اختبر الفرح الحقيقى، الناتج عن الخلاص كثيرون جداً.. ومنهم على سبيل المثال :-
* الخصى الحبشى : فبعد أن آمن بالرب يسوع، وقبله مخلصاً، وتم تعميده بواسطة فيلبس.. قيل عنه "وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا!" (أع39:8).
* سجان فيلبى مع أهل بيته : لقد قبلوا المسيح المخلص، واعتمدوا. وبعد ذلك قيل : "وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللهِ" (أع34:16).
وفى ذلك دلالة واضحة على أن قيامة ربنا يسوع المسيح لها تأثيرها المفرح لكل من يقبل عملها فى حياته..
إن يسوع المسيح الحى، الذى انتصر على الموت، هو وحده الذى يستطيع أن يخلص ويحيي الإنسان الخاطئ الميت بذنوبه وخطاياه، إذا ما جاء إليه مؤمناً تائباً، فيعطيه حياة أبدية،ويعطيه الفرح الحقيقي الذي قيل عنه "فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ" (1بط8:1). "ولا احد يستطيع نزع هذا الفرح" (يو22:16)
فيا أخى المؤمن .. يامن اختبرت قيامة الرب وتأثيرها المفرح فى حياتك .. لا ينبغى لك أن تحمل أى هم من هموم هذه الحياة، فذلك يبدد سلامك الداخلى ويعكر صفو أفراحك .. انظر الى ما قيل عن مؤمنى كنائس مكدونية : "... أَنَّهُ فِي اخْتِبَارِ ضِيقَةٍ شَدِيدَةٍ فَاضَ وُفُورُ فَرَحِهِمْ!" (2كو1:8). هذا هو المستوى الذى يريدنا الرب أن نكون عليه؛ فرح دائم فى الرب، رغم الظروف المختلفة. وكيف لا نفرح والرب يسوع الحى، قد محا خطايانا وبررنا ووهبنا حياة أبدية، على أساس موته وقيامته؟!.
وأنت يامن لم تقبل الرب يسوع مخلصاً إلى الآن .. أنت مسكين، بائس، وينطبق عليك الوصف الذى أطلقه الرسول بطرس على سيمون : "لأنى أراك فى مرارة المر، ورباط الظلم" ولن يفرحك أى شئ من ملاهى هذه الحياة، بل الفرح الحقيقى، والراحة الحقيقية تجدهما عند من نادى قائلاً : "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (مت28:11) تبارك اسمه .. فهل تأتى إليه ليريحك ويفرحك، ويملأ قلبك بالسلام ..؟
ثم أن قيامة المسيح قد أزالت مرارة الموت، وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ (1كو20:15). فالمؤمن لا يخشى الموت أو دخول القبر، لأنه إذا رقد سيكون ذلك على رجاء القيامة، حيث الرب سيأتى من السماء، ليقيم الراقدين، ويغير الأحياء، ويُخطفون جميعاً إلى السماء، مرددين هذه الانشودة الجميلة : "أين شوكتك ياموت؟ أين غلبتك يا هاوية؟!" وهناك مع المسيح يكون الفرح الغامر والدائم الذى لا تتخلله أية أحزان...
المحرر