حقيقة إخراج الشياطين
المحرر
إن سكنى الأرواح الشريرة
لأجساد البشر، وإخراجها منها باسم المسيح، وبقوة الروح القدس، هي حقيقة ثابتة
وواضحة يبرزها الإنجيل، ويثبتها الواقع .. وقد روى لنا كُتاب الإنجيل بالتفصيل
أحداث إخراج الشياطين، وكيف أن المسيح، تبارك اسمه، قـد أخرج هذه الأرواح الشريرة،
وأعطى تلاميذه سلطاناًعلى إخراجها.
ولكن هناك من ينكرون هذه
الحقيقة، وينشرون حولها إدعاءات باطلـة. وهم من فئات وتوجهات مختلفة، ونعرض هنا
أهم هذه الإدعاءات مع الرد عليها :
1-
البعض يقولون إن الأرواح النجسة لا يمكن أن تسكن أجساد البشر. وان ما يبدو وكأنه
سكنى لهذه الأرواح في بعض الناس، هي مجرد أمراض نفسية عصبية .. ويقولون بان ما قيل
عن المسيح بأنه أخرج الشياطين، وأعطى تلاميذه وأتباعه سلطانا على إخراجها، فذلك
كان مجاراة للناس فيما كانوا يعتقدون، في ذلك الزمان..!
معنى
هذا الكلام إن وحى الله المدون في الإنجيل بشان إخراج الشياطين هو مجرد ترديد
لمعتقدات وخرافات كانت سائدة. وفى ذلك اهانة بالغة لوحي الله الصادق ..
وإننا
نلاحظ دقة الوحي المقدس في تناوله لمعجزات المسيح، إذ يفرق كُتاب الإنجيل بين
معجزات الشفاء من الأمراض، وبين معجزات إخراج الشياطين .. ولنذكر علي سبيل المثال
ما جاء في إنجيل مرقس (34:1) "فشفى (المسيح) كثيرين كانوا مرضي بأمراض
مختلفة، واخرج شياطين كثيرة". ومن يطالع حادثة مجنون كورة الجدريين، والذي
أخرج المسيح منه لجيئون، سيجد محاورة جرت بين المسيح والأرواح الشريرة، ثم أمر
المسيح لها بالخروج من الرجل، ثم إذنه لها بالدخول في الخنازير، وهياج وغرق
الخنازير على إثر ذلك (مر1:5-20 ولو 36:8-39) .. وهذه أدلة قاطعة على حقيقة إخراج
الشياطين ..
2-
والبعض الآخر ينكرون استمرار إخراج الشياطين في زماننا. مدعين أن هذه المعجزة
انتهت بانتهاء زمن المسيح ورسله، لأن الشيطان الآن قد غير إستراتيجيته، فلم يعد
يسكن الجسم البشرى، بل يسيطر علي روح الإنسان وأفكاره ويوجهه الى فعل الشر..
وهذا
الكلام لا نصيب له من الصواب. ولا يوجد عند أصحابه ما يدللون به على صحته. بينما
لدينا في الإنجيل المقدس قول المسيح : "وهذه الآيات تتبع المؤمنين : يخرجون
الشياطين باسمي ! ويتكلمون بالسنة جديدة. يحملون حيات ، وان شـربـوا شيئاً مميتاً
لا يضرهم، ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون"(مر16:16-17).
نعم
الآيات (وفى مقدمتها إخراج الشياطين) تتبع المؤمنين، وليس الرسل فقط. وهذا ما حدث
بالفعل، على مر التاريخ، ولا يزال يحدث إلى الآن، ولا سبيل إلى إنكاره، أو التشكيك
في صحته ..
3-
وهناك من يقولون إن الشياطين يمكن لها أن تسكن أجساد البشر، ويمكن إخراجها باسم
المسيح.
ولكن
لا جدوى من ذلك، لأن الشخص المسكون بالروح النجس هو خاطئ على أى حال. وإذا خرج منه
هذا الروح، فهو سيظل كما هو خاطئاً .. هذا ما يقولونه .. ويا للعجب مما يقولونه..!
فاذا
كان الروح القدس قد أعطى موهبة روحية لأحد المؤمنين، لكي يتمجد بها اسم المسيح،
باعلان سلطانه على أرواح الشر.
فهل
نقف نحن البشر في وجه هذا العمل المبارك، وكأننا أحكم من الله؟.. حقاً انه
الاستحسان البشرى الذي له موقف مضاد من الخطة الإلهية التى تواجه نشاط ابليس وتهدم
أعماله الشريرة ..
4-
وفوق كل ما ُذكر، فهناك من يدعون بان إخراج الشياطين ما هو إلا عملية دجل وشعوذة!
هذه التهمة التي يحاولون إلصاقها بهذا العمل الإلهي، هي أبعد ما تكون عنه. وتبين
لنا كلمة الله إن هذه الممارسة الشيطانية يبغضها الرب جداً :
فقد
جاء في سفر التثنية قول الرب : "لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار،
ولا من يعرف عرافة. ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا من يرقى رقية ولا من يسأل
جاناً أو تابعاً"، وفى سفر أعمال الرسل (19:19) نجد أن السحرة الذين قبلوا
المسيح مخلصاً، قاموا بحرق كتب السحر .. ونجد فى ذلك دلالة على شىء مهم، وهو أنه
بمجرد دخول المسيح إلى حياة هؤلاء السحرة، أصبح السحر بالنسبة لـهـم عملا ً
بغيضاً، حتى أنهم جمعوا كتب السحر، وقاموا بحرقها، برغم إرتفاع ثمنها!!
ومعلوم
أن مهنة الدجل والشعوذة والسحر بوجه عام، هي وسيلة يتخذها أصحابها لكسب الرزق. وما
أبعد هذا عن إخراج الشياطين بالصلاة، وإعطاء الأمر باسم المسيح لطردها .. ولا يمكن
تقاضي أي أجر في مقابل ذلك عملا ً بقول المسيح : "مجاناً أخذتم مجاناً
اُعطوا".
ولكن ما هي الحكمة من وراء إخراج الشياطين؟!
لجواب علي ذلك هو : إن أحد
فروع النشاط الشيطاني هو إحتلال أجساد البشر. ومن هنا يظهر المسيح سلطانه،
مستخدماً في ذلك أتباعه المؤهلين روحياً للقيام بهذا العمل. واذ يأمرون باسم
المسيح وسلطانه الأرواح الشريرة بالخروج، فتخرج صارخة مذعورة..!! وفي ذلك نري إحدى
صور انتصار رب المجد على ابليس وجنوده.