مدن
الملجأ ..
جورج حنا خليل ..
منذ أن سقط الإنسان الأول في
الخطية، بدأ الله في إعداد الخلاص له، وذلك بدافع حبه الفائق للإنسان. لذا نرى
رموز الخلاص تملأ الكتاب المقدس، بداية بالذبيحة التي صنع منها الله غطاءً لآدم
وحواء لسترهما. (تك21:3) وختاماً بالمسيح الذبيحة الكفارية الحقيقية الكاملة،
ومروراً بكل رموز الخلاص، نجد أحد الرموز الرائعـة في (يش20) مدن الملجأ، وهي ست
مدن، يلجأ اليها كل من قتل نفس سهواً، بغير قصد.. وهذه رمز للمسيح الملجأ
والخلاص..
+ قادش : معناها مقدس.
+ شكيم : معناها كتف أو مركز قوة.
+ حبرون : معناها صداقة أو شركة.
+ باصر : معناها حصن.
+ راموت جلعاد : معناها المرتفع أو الممُجد..
+ جولان : معناها الغريب أو المسافر..
ونجد في مدن الملجأ مفهوم الخلاص الرائع الذي أراد
الله أن ندركه، فكل إنسان قتل، أخطأ ومستحق الموت "لأَنَّ أُجْرَةَ
الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ" (رو23:6) وقد ارتضى المسيح في محبته لنا أن ينوب عنا أمام الله،
فجاء في صورة إنسان، ومات على الصليب، وحمل أجرة الخطية. والآن كل من أخطأ، فعليه
الهروب الي المسيح والاحتماء فيه للنجاة من القضاء والدينونة.. وتقدم لنا مدن
الملجأ مفهوم الخلاص فيما يلي :
1- تحديد طريق الخلاص : لقد حدد الله المكان الذي يهرب اليه كل من قتل نفس
سهواً. وهو إحدى هذه المدن الست، يحتمي بها حتى لا تناله يد ولي الدم. تماما كما
حدد الله طريق الوصول اليه فقط من خلال يسوع المسيح "لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ
وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ
الْمَسِيحُ" (1تي5:2).
2- وضوح الخلاص : بُنيت مدن الملجأ علي أراضٍ مرتفعة نسبياً عن باقي
المدن، وكان هذا يتيح للهارب من ولي الدم، أن يرى المدينة الهارب اليها، من علي
بُعد. وحسب التقليد اليهودى، كان هناك مرشدون يقفون علي مواقع معينة، بطول الطريق،
ويرشدون الهارب، للطريق الأقرب للوصول للمدينة. وهكذا خلاص الله، الذى هو كالشمس
في وضوحه "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ" (أع 31:16).
3- سهولة الخلاص : كانت مدن الملجأ الست تقع ثلاث منها شرق الأردن،
والثلاث الأخرى غرب الأردن. وعلي مسافات متساوية من بعضها، لسهولة الوصول إلى أى
مدينة منها، سواء كان شرقاً أم غرباً أم شمالاً أم جنوباً.. ولا يختلف مطلقاً خلاص
المسيح عن مدن الملجأ في السهولة فقد وصفه الكتاب المقدس بـ "الالتفات"
"اِلْتَفِتُوا
إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ" (اش20:45).
4- سرعة الخلاص : لقد أمر الرب موسي بان يصلح الطرق المؤدية الى
مدن الملجأ (تث3:19) لكي يتمكن الهارب من الجري بأقصى سرعة، بلا معوقات للوصول
للملجأ، قبل أن يدركه ولي الدم. كما إن أبواب مدن الملجأ كانت مفتوحة، لا تغلق
نهاراً أو ليلاً، فلم يكن الهارب ينتظر أن يفتح له أحدهم لكنه بمجرد الوصول
للمدينة يخلص.. وخلاص الله مُقدم للخاطئ بمجرد الإيمان والإعتراف. "لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ
بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ
الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ" (رو9:10).