وصل إلى يدى كتاب بعنوان "الإنفصال" (وهو من إصدار بيت عنيا).. قمت بتصفح الكتاب لمعرفة الفكر الذى يتضمنه، فاذا بى أجد كلاماً صادماً!.. إذ هو دعوة للتفرقة والانقسام، بدلاً من الوحدة والتضامن.. وأدركت أن هذا هو النهج الذى يتبعه مؤلف الكتاب والجماعة التى ينتمى إليها، انه الانفصال وعدم التواصل مع أخوتهم من المذاهب الأخرى..وأعرض هنا خلاصة مما خرجت به من تصفحى للكتاب، ثم الرد على ذلك..
ان مؤلف الكتاب يقدم بعضاً من رجال الله الذين انفصلوا عن أوساطهم الشريرة، ليعيشوا فى عزلة تامة للرب، وهم : أخنوخ ونوح وابراهيم وداود.. وهؤلاء الرجال يجعل منهم المؤلف رموزاً وامثلة تُحتذى فى كيفية الخروج له ولجماعته من الجماعات أو الكنائس الأخرى التى لا تتبع فكر كنيسته (التى يرى انها وحدها التى أدركت الحق كاملاً، وما عداها فى ضلال مبين).. إذ يرى المؤلف ان المذاهب أو الكنائس الأخرى بها فساد تعليمى، فلا يجوز التعامل معها..
ويمضى المؤلف فى خط سيره الإنفصالى، فيذكر بعض الأشياء التى أصيبت بالنجاسة أو الفساد والضرر، وكيف انه يجب على الإنسان ان يتجنبها.. وهذه الأشياء يجعل منها رموزاً عن ضرورة الانفصال..
وسأذكر عينتين مما أورده :
* الخيمة التى بها ميت : يذكر الخيمة التى بها ميت، فيتسبب ذلك فى نجاستها. ويرى أن الخيمة تشير إلى الكنيسة، والميت يشير إلى نجاسة أو فساد التعليم داخل هذه الكنيسة، ولابد من الخروج منها بسبب فساد تعليمها..
* قدر اليشع : وهو القدر الذى وُضع فيه، بطريقة خطأ، يقطين برى سام!.. ويعلق صاحب دعوة الإنفصال قائلاً وماذا يمكن ان تأتى به الخدمة المشتركة مع من عندهم تعاليم فاسدة؟! ثم يضيف أيضاً : ولكن من بقوا مع اليشع صرخوا، فى القدر موت يارجل الله!
هكذا يشبه التعاليم الأخرى للمذاهب المسيحية المختلفة بانها يقطين سام، وان الخدمة المشتركة معهم، هى مشاركة فى تعاليمهم الفاسدة! وان الجماعة التى رفضت ما فى القدر من سموم، هى جماعته هو صاحبة التعاليم النقية وحدها!
واكتفى بهذا القدر، فهذا كاف للدلالة على ما تضمنه الكتاب من فكر هدام.. وللرد أقول :-
1- إن أولئك المنادين بالانفصال عن المذاهب المسيحية الأخرى وعدم التواصل معهم، بدعوى أن الانفصاليين وحدهم قد أدركوا الحق الإلهى المعلن فى كلمة الله، أما الباقون فهم فى ضلال، فهذه هى الروح الفريسية بعينها.. وكما نعلم كان الرب يسوع له موقف من هؤلاء الفريسيين، وكثيراً ما وبخهم على ريائهم وبرهم الذاتى.. وأننا لنذكر العبارة التى استهل بها البشير لوقا سرده لمثل "الفريسى والعشار" : "وقال (اى الرب يسوع) لقوم واثقين بأنفسهم انهم أبرار (بر ذاتى) ويحتقرون الآخرين.. إلخ (يعتبرون الآخرين خطاة مغضوب عليهم من الله) هاهى الروح الفريسية تتمثل أمامنا فى هذا التوجه الذى يمتدح ذاته، ويحتقر الآخرين..
2- اننا جميعاً كمذاهب مسيحية، تجمعنا أساسيات الايمان المسيحى، أو الإيمان الأقدس، ولكننا نختلف حول بعض القضايا والمفاهيم الأخرى.. وهذا لا يطعن فى وحدتنا.. والرب يقبلنا جميعاً رغم
اختلافنا حول هذه القضايا، أو المفاهيم التى هى فى الحقيقة فرعيات، وليست أساسيات.. تعالوا بنا نرى ما يقوله الرسول بولس، موجهاً كلامه إلى من يرفض ويدين أخاه المختلف معه : "لا يزدر من يأكل بمن لا يأكل، ولا يدن من يأكل من لا ياكل لأن الله قبله.. من أنت يامن تدين عبد غيرك، هو لمولاه يثبت أو يسقط. ولكنه سيثبت لأن الله قادر أن يثبته" (رو3:14-5) فلا ينبغى لأحد منا أن يدين أخاه المختلف معه، طالما هو مؤمن بالمسيح، ايماناً حقيقياً، ولا ينكر حقيقة من الحقائق الأساسية فى الإيمان المسيحى.. مطلوب أن نقبل بعضنا بعضاً، كما ان الله يقبلنا جميعاً..
3- ثم أن التعاليم المختلفة للمذاهب المسيحية، وضعها بشر مثلنا.. وأولئك هم مؤسسو المذاهب المختلفة.. وقد وضعوا هذه التعاليم بحسب ما وصلوا إليه من إدراك للحق، كما استخلصوه من كلمة الله. ولكن مهم جداً أن نعرف أن الحق نفسه أعظم من أن يحده مذهب أو تضمه عقيدة معينة! ويجب التسليم بهذه الحقيقة بدون مكابرة. فمن الخطأ الفادح أن يتصور أحدهم أن عقيدته وحدها قد حوت الحق الإلهى كاملاً.. لأن أى تعليم بشرى مهما كانت درجة نقاوته، فلا يمكن أن يصل إلى الكمال المطلق! ونحن كبشر قيل عنا : "لأننا فى أشياء كثيرة نعثر جميعاً" (يع2:3).
4- هل يتفق مبدأ الانفصال مع إرادة المسيح أن تكون كنيسته واحدة؟ لقد طلب، تبارك اسمه، من الآب فى صلاته الشفاعية، قبيل الصليب فقال : "ليكون الجميع (أى جميع أتباعه عبر العصور) واحداً فىّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا... ليكونوا واحداً كما اننا نحن واحد" (يو21:17-23) وهذه الوحدة هى على قياس وحدة الآب مع الأبن!.. هذا ما يريده رب المجد يسوع : أن نكون جميعاً كمؤمنين فى وحدة واحدة.. فهل تتفق الدعوة للإنفصال والتقوقع داخل اطار طائفى معين، مع الوحدة التى طلب من أجلها يسوع؟!
لماذا التمثل بالكورنثيين الذين كان بينهم انشقاقات، وصيروا كنيستهم أحزاباً، يتبع كل حزب منها زعيماً معيناً؟! ويقول لهم الرسول لائماً : "هل انقسم المسيح؟!!" انظر (1كو10:1-13) ولعل أحد الأحباء
يقول : نحن لا نتبع إلا المسيح، رأسنا الوحيد.. فأقول : ولكن تبعيتكم للمسيح هى من خلال شخص معين، هو واضع التعاليم التى تدعوكم للإنفصال عن محيطكم المسيحى، بينما ربنا يسوع يريد أن نكون جميعاً واحداً حتى مع تنوعنا كأعضاء فى جسده الواحد..
5- إن الدعوة للإنفصال ليست موجهة للمؤمنين ليتجنبوا أخوة لهم فى المسيح، بل بالأولى لينفصلوا عن الشر الذى فى العالم، وعن الاندماج مع الأشرار.. يقول الرسول بولس : "لذلك اخرجوا من وسطهم (أى الأشرار من أجل ما يحيط بهم من شر) واعتزلوا، يقول الرب، ولا تمسوا نجساً فأقبلكم" (2كو17:6).
إذاً هذا ما يجب أن تكون عليه حياتنا كمؤمنين، أن ننفصل عن الشر والأشرار، وليس عن أخوة لنا فى المسيح..
ليت كل متزمت ومتعصب، وكل داع إلى العزلة عن الآخرين من المذاهب المسيحية الأخرى، ليتهم يدركون أن هذا التوجه لا يتفق أو ينسجم مع ما أراده الرب يسوع لكنيسته وهو أن تكون واحدة، قوية متماسكة..
ان مؤلف الكتاب يقدم بعضاً من رجال الله الذين انفصلوا عن أوساطهم الشريرة، ليعيشوا فى عزلة تامة للرب، وهم : أخنوخ ونوح وابراهيم وداود.. وهؤلاء الرجال يجعل منهم المؤلف رموزاً وامثلة تُحتذى فى كيفية الخروج له ولجماعته من الجماعات أو الكنائس الأخرى التى لا تتبع فكر كنيسته (التى يرى انها وحدها التى أدركت الحق كاملاً، وما عداها فى ضلال مبين).. إذ يرى المؤلف ان المذاهب أو الكنائس الأخرى بها فساد تعليمى، فلا يجوز التعامل معها..
ويمضى المؤلف فى خط سيره الإنفصالى، فيذكر بعض الأشياء التى أصيبت بالنجاسة أو الفساد والضرر، وكيف انه يجب على الإنسان ان يتجنبها.. وهذه الأشياء يجعل منها رموزاً عن ضرورة الانفصال..
وسأذكر عينتين مما أورده :
* الخيمة التى بها ميت : يذكر الخيمة التى بها ميت، فيتسبب ذلك فى نجاستها. ويرى أن الخيمة تشير إلى الكنيسة، والميت يشير إلى نجاسة أو فساد التعليم داخل هذه الكنيسة، ولابد من الخروج منها بسبب فساد تعليمها..
* قدر اليشع : وهو القدر الذى وُضع فيه، بطريقة خطأ، يقطين برى سام!.. ويعلق صاحب دعوة الإنفصال قائلاً وماذا يمكن ان تأتى به الخدمة المشتركة مع من عندهم تعاليم فاسدة؟! ثم يضيف أيضاً : ولكن من بقوا مع اليشع صرخوا، فى القدر موت يارجل الله!
هكذا يشبه التعاليم الأخرى للمذاهب المسيحية المختلفة بانها يقطين سام، وان الخدمة المشتركة معهم، هى مشاركة فى تعاليمهم الفاسدة! وان الجماعة التى رفضت ما فى القدر من سموم، هى جماعته هو صاحبة التعاليم النقية وحدها!
واكتفى بهذا القدر، فهذا كاف للدلالة على ما تضمنه الكتاب من فكر هدام.. وللرد أقول :-
1- إن أولئك المنادين بالانفصال عن المذاهب المسيحية الأخرى وعدم التواصل معهم، بدعوى أن الانفصاليين وحدهم قد أدركوا الحق الإلهى المعلن فى كلمة الله، أما الباقون فهم فى ضلال، فهذه هى الروح الفريسية بعينها.. وكما نعلم كان الرب يسوع له موقف من هؤلاء الفريسيين، وكثيراً ما وبخهم على ريائهم وبرهم الذاتى.. وأننا لنذكر العبارة التى استهل بها البشير لوقا سرده لمثل "الفريسى والعشار" : "وقال (اى الرب يسوع) لقوم واثقين بأنفسهم انهم أبرار (بر ذاتى) ويحتقرون الآخرين.. إلخ (يعتبرون الآخرين خطاة مغضوب عليهم من الله) هاهى الروح الفريسية تتمثل أمامنا فى هذا التوجه الذى يمتدح ذاته، ويحتقر الآخرين..
2- اننا جميعاً كمذاهب مسيحية، تجمعنا أساسيات الايمان المسيحى، أو الإيمان الأقدس، ولكننا نختلف حول بعض القضايا والمفاهيم الأخرى.. وهذا لا يطعن فى وحدتنا.. والرب يقبلنا جميعاً رغم
اختلافنا حول هذه القضايا، أو المفاهيم التى هى فى الحقيقة فرعيات، وليست أساسيات.. تعالوا بنا نرى ما يقوله الرسول بولس، موجهاً كلامه إلى من يرفض ويدين أخاه المختلف معه : "لا يزدر من يأكل بمن لا يأكل، ولا يدن من يأكل من لا ياكل لأن الله قبله.. من أنت يامن تدين عبد غيرك، هو لمولاه يثبت أو يسقط. ولكنه سيثبت لأن الله قادر أن يثبته" (رو3:14-5) فلا ينبغى لأحد منا أن يدين أخاه المختلف معه، طالما هو مؤمن بالمسيح، ايماناً حقيقياً، ولا ينكر حقيقة من الحقائق الأساسية فى الإيمان المسيحى.. مطلوب أن نقبل بعضنا بعضاً، كما ان الله يقبلنا جميعاً..
3- ثم أن التعاليم المختلفة للمذاهب المسيحية، وضعها بشر مثلنا.. وأولئك هم مؤسسو المذاهب المختلفة.. وقد وضعوا هذه التعاليم بحسب ما وصلوا إليه من إدراك للحق، كما استخلصوه من كلمة الله. ولكن مهم جداً أن نعرف أن الحق نفسه أعظم من أن يحده مذهب أو تضمه عقيدة معينة! ويجب التسليم بهذه الحقيقة بدون مكابرة. فمن الخطأ الفادح أن يتصور أحدهم أن عقيدته وحدها قد حوت الحق الإلهى كاملاً.. لأن أى تعليم بشرى مهما كانت درجة نقاوته، فلا يمكن أن يصل إلى الكمال المطلق! ونحن كبشر قيل عنا : "لأننا فى أشياء كثيرة نعثر جميعاً" (يع2:3).
4- هل يتفق مبدأ الانفصال مع إرادة المسيح أن تكون كنيسته واحدة؟ لقد طلب، تبارك اسمه، من الآب فى صلاته الشفاعية، قبيل الصليب فقال : "ليكون الجميع (أى جميع أتباعه عبر العصور) واحداً فىّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا... ليكونوا واحداً كما اننا نحن واحد" (يو21:17-23) وهذه الوحدة هى على قياس وحدة الآب مع الأبن!.. هذا ما يريده رب المجد يسوع : أن نكون جميعاً كمؤمنين فى وحدة واحدة.. فهل تتفق الدعوة للإنفصال والتقوقع داخل اطار طائفى معين، مع الوحدة التى طلب من أجلها يسوع؟!
لماذا التمثل بالكورنثيين الذين كان بينهم انشقاقات، وصيروا كنيستهم أحزاباً، يتبع كل حزب منها زعيماً معيناً؟! ويقول لهم الرسول لائماً : "هل انقسم المسيح؟!!" انظر (1كو10:1-13) ولعل أحد الأحباء
يقول : نحن لا نتبع إلا المسيح، رأسنا الوحيد.. فأقول : ولكن تبعيتكم للمسيح هى من خلال شخص معين، هو واضع التعاليم التى تدعوكم للإنفصال عن محيطكم المسيحى، بينما ربنا يسوع يريد أن نكون جميعاً واحداً حتى مع تنوعنا كأعضاء فى جسده الواحد..
5- إن الدعوة للإنفصال ليست موجهة للمؤمنين ليتجنبوا أخوة لهم فى المسيح، بل بالأولى لينفصلوا عن الشر الذى فى العالم، وعن الاندماج مع الأشرار.. يقول الرسول بولس : "لذلك اخرجوا من وسطهم (أى الأشرار من أجل ما يحيط بهم من شر) واعتزلوا، يقول الرب، ولا تمسوا نجساً فأقبلكم" (2كو17:6).
إذاً هذا ما يجب أن تكون عليه حياتنا كمؤمنين، أن ننفصل عن الشر والأشرار، وليس عن أخوة لنا فى المسيح..
ليت كل متزمت ومتعصب، وكل داع إلى العزلة عن الآخرين من المذاهب المسيحية الأخرى، ليتهم يدركون أن هذا التوجه لا يتفق أو ينسجم مع ما أراده الرب يسوع لكنيسته وهو أن تكون واحدة، قوية متماسكة..
اسحق جاد اسحق