فى لحظة صدق تجلس فيها مع نفسك، وتسترجع ما فى حياتك، وتتأمل خطوات الماضى، وهى تتأرجح بك يميناً ويساراً، وتتأمل كل خطوة فلا ترى فيها إلا كل المرارة والعذاب. فتسخط على الدنيا وما فيها، وتدور التساؤلات فى داخلك، لماذا؟ لماذا أرى المرارة دائماً فى حياتى، تصحبها أناتى وآهاتى؟!
فمنذ بداية خطواتى أتعثر بالمتاهات، بل والأكثر من ذلك عند استرجاع الذكريات لا تجد إلا لحظات قليلة من السعادة، وسرعان ما يأتى وراءها الكثير من الأنين والكرب!ولكن عندما تسترجع الماضى ومافيه من أنات وآهات وأنين ودموع، وما إلى ذلك من أحزان. اعلم يقيناً انك فى تلك اللحظة لا تكون عيناك مليئتان برؤية الله.. لقد ملأ الشيطان كل حواسك باليأس، ووضع على عينيك النظارة السوداء التى يستخدمها الشيطان دائماً حينما يريد تحطيم نفسك، إذ يجعلك مستعبداً لليأس، فتقع كالفريسة الضعيفة بين شباك الصياد! ولا ينتج عن الروح اليائسة التى يكبل ابليس الإنسان بها إلا التدمير الحتمى! وحينئذ يكون ابليس قد نجح فى الحصول على الثغرة التى ينفذ منها إلى حياتك، لأنه يعلم جيداً أن الأساليب المعتادة له أصبحت معروفة مكشوفة، خاصة لدى أولاد الله..
والجلوس مع النفس شئ رائع! والأروع استرجاع ما مضى من الحياة بكل ما فيها، حتى يستطيع الإنسان أن يعرف كيف يقيّم حياته، ويعرف من أين بدأ، وما الذى وصل إليه، وما الذى يريد الوصول إليه، وما حققه من أهداف وضعها فى خططه من قبل؟!
لكن من الأفضل أن يفعل الإنسان ذلك برؤية كل الأشياء من خلال رب المجد يسوع، الذى به تتضح الرؤية الحقيقية للأشياء، ففى كثير من الأحيان نرى أن الظروف تسير عكس ما كنا نتمناه، ولا نسعد بذلك أبداً، ونتمنى أن تكون الأمور كلها حسب ما نرغب، ونجهل أن الله هو القائد الأعظم لكل الكون! وكل من يسلم له أمره يستطيع أن يسير بسفينة حياته كما يرى ما هو الأفضل له. فى حين أن العين البشرية لا تدرك ذلك فى كثير من الأحيان..
وعلينا أن ندرك أن الله يسمح لنا بالأزمات، ولكن سرعان ما يحولها الي خيرنا، بعد أن يكون تمم قصده من تلك الظروف التى سمح بها، بل ويحول الحزن إلى فرح والنوح إلى تهليل! واننا نلمس معاملات الرب فى الظروف الصعبة، كما حدث فى الظروف الصعبة التى مر بها يوسف، بداية من بيعه كعبد من أخوته إلى أن وُضع ظلماً فى السجن على الرغم من رفضه لفعل الشر، ولكن سمح الله ليوسف بكل ما جاء عليه من ظلم، ليعده للمنصب الجديد، الرجل الثانى بمصر!!
كما نجد حنة، وقد اجتازت، بمرارة شديدة، لكونها عاقراً. وتألمت كثيراً من ضرتها، لكن حول الله نوحها إلى رقص وتهليل، إذ أصبحت أم صموئيل النبى!
لذلك علينا أن نفرح ونبتهج حتى فى الظروف الصعبة لكوننا أولاد الله، ولنكن واثقين ان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدى!
جيهان فليمون...
صحفية بجريدة "النهر الجديد"
صحفية بجريدة "النهر الجديد"