وينسب البعض الآخر التعاليم الكتابية عن الشياطين إلى تخاريف وخزعبلات أناس سُذج بسطاء ونتاج حضارات وتقاليد مختلفة، ويرون أن هؤلاء الذين أخرج منهم يسوع شياطين، انما كانوا يعانون من أنواع مختلفة من التشويش والاختلال العقلى. وكل ما فعله يسوع انه تماشى معهم وكيف نفسه وفق خزعبلات!!
ولكننا نرفض كل تلك المحاولات، التى تحاول أن تجعل من حقيقة وجود أرواح شريرة مجرد خرافة أو أسطورة (demythologize).
ان الكتاب المقدس يقرر بكل وضوح الوجود الحرفى الحقيقى للشيطان كروح شرير فاعل بملائكته وأتباعه. وتأكيد الكتاب على أنهم أرواح يتكرر فى مواقع كثيرة، نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر!
- أرواح شريرة : ذُكرت فى العهد الجديد 6 مرات (لو21:7 ، 2:8 ، أع21:19-26). بالنظر إلى طابع الأذى والتدمير الذى تفعله فى من تسكن فيه.. ان رجلاً كان به روح شرير، وثب على سبعة رجال وغلبهم وقوى عليهم حتى هربوا من البيت عراة ومجروحين (أع19) ومجنون كورة الجدريين كان يمنع أى انسان يجتاز من تلك الطريق. ومن شدة خطورته رُبط كثيراً بسلاسل وقيود، فقطع السلاسل وكسر القيود (مت28:8)، (مر4:5) بل انه كان أيضاً "يجرح نفسه بالحجارة" (مر5:5)
- أرواح نجسة : أى قذرة، وقد ذُكرت فى العهد الجديد 23 مرة. منها : (مت1:10 ، مر13:5 ، أع16:5 ، رؤ13:16). وهى تملأ من تسكن فيه بالنجاسة شكلاً ومضموناً، فالرجل الذى سكن فيه اللجيئون، أو مجموعة الأرواح النجسة، كان يسكن القبور، مكان النجاسة، وكان يعيش عارياً، لا يلبس ثوباً. تمتلكه النجاسة بكل أبعادها. والإرتباط بين الروح الشرير والروح النجس واضح من القول : "أن خرج الروح النجس من الإنسان، يجتاز في أماكن ليست فيها ماء.. ثم يقول أرجع.. ثم يذهب ومعه سبعة أرواح أخر أشر منه" (مت43:12-45).
- روح كذب : (1مل22:22، 2،23 أخ21:18-23) وكانت تظهر بوضوح، وتمارس عملها فى الأنبياء الكذبة فى اسرائيل قديماً، وفى المعلمين الكذبة فى المسيحية الأسمية (2بط2:1،1يو1:4)، وفى أقوال الكذب والغش التى يمارسها ويعيش بها غير المؤمنين..
- أرواح مضلة : )1تى1:4) تنكر الحق الإلهى باعتبارها تابعة للشيطان المضل الأكبر (رؤ9:1) روح الضلال (1يو6:4). وهذه الأرواح تعاليمها تعجب بعض الناس وتشدهم ولاتعثرهم، لكنها فى الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالافعوان. انها تدمر حياتهم وأبديتهم مثلما صنعت مع حواء، ولوط، ومن أهلكهم الطوفان..
- روح أخرس : (مت32:9-33) يسبب للضحية عدم القدرة على النطق وعدم الرغبة فيه.. وكذلك روح أخرس أصم (مر25:9) يصيب الضحية، بالاضافة الى عدم الكلام، بعدم السمع، وأيضا قد يصيب بفقدان البصر (مت22:12).
- روح ضعف : (لو11:13) مثل هذا الروح الذى سبب للمرأة الإنحناء، وعدم قدرتها على الانتصاب. فأصبحت كالبهيمة نظرها متجه الى الأرض!
- روح عرافة : (أع16:16) يجعل الإنسان قادراً على الرؤيا من بعد، ومعرفة ما يحدث من على مسافة مئات الكيلو مترات، ويعرف اسم زائره، عند أول مقابلة معه!! إن كلمة Demon. ديمون . مشتقة من كلمة يونانية بمعنى المعرفة. ويمكن أن يحدث هذا لأن الشيطان أعظم وأسمى من الجنس البشرى فى المعرفة والقوة! ولكونه روحاً فهو قادر على الانتقال من مكان لآخر بسرعة فائقة، فيعرف الأمور قبل أن نعرفها، ومع أن الشيطان لا يمكنه التواجد فى أكثر من مكان فى وقت واحد، الا انه كرئيس مملكة شريرة روحية، وجنوده فى كل مكان، يعرف من خلالهم أشياء كثيرة جداً فى زمن محدود وقصير!!
- جان :Familiar spirit or Medium ذكرت كلمة الجان حوالى 16 مرة، كلها فى العهد القديم. وقد اختلف المفسرون فى تعريف كلمة الجان، فالبعض قال انهم مخلوقات روحية مستقلة وآخرون قالوا أرواح الموتى، ومنهم من قال انها أرواح شيطانية. والبعض قال انها صورة خيالية لا أساس لها فى الواقع. وظن غير المؤمنين انها تعرف الغيب، وتضر بالناس.. والكلمة العربية هى ترجمة للكلمة العبرية "أوب" ومعناها "أجوف" أو"اناء فارغ" لأنهم كانوا يعتقدون أن صوت الجان يأتى من بطن صاحب الجان! أو بالنسبة (للصوت الأجوف) الذى كان يتكلم به الشخص، وكأنه صادر من بطن الأرض! (أش4:29).
- روح غى : (أش14:19) يصيب الإنسان بالحيرة والارتباك، فتخرج تصرفاته متضاربة متناقضة.
- روح ردئ : (1صم15،14:16 وقض23:9) وهو يشبه الروح الشرير السابق ذكره، اذ يؤدى الى محاولة قتل الآخرين (1صم8:18-10) بل وأيضاً يدفع المسكون به الى الانتحار. (1صم4:31).
دكتور القس / صفاء داود فهمى