القس / عزيز مرجان..
رئيس المجمع الخمسينى بمصر
|
"ثم رأيت السماء مفتوحة، وإذا فرس أبيض والجالس
عليه يدعى أميناً وصادقاً، وبالعدل يحكم ويحارب" (رؤ 19 :
11) إن رؤية يوحنا للسماء المفتوحة، معناها أنها مكشوفة أمامه. لأن الجالس على
الفرس هو الرب يسوع الذي يدعى أميناً وصادقاً.. وهذا الفرس يختلف عن الفرس الأبيض
في (رؤ 6 : 2)، اختلافاً كلياً، لأن المسيح هنا يستعد للمعركة التي هي معركة
"هرمجدون" قبيل الملك الألفي.. ويقول عنه هنا "يدعى أميناً
وصادقاً". فهذا الاسم يدعى به الرب يسوع بحق. "وبالعدل يحكم
ويحارب" أي يملك ويتصرف بالعدل، ويحارب : فهنا يتحدث عن المعركة التي ستحدث
بينه وبين الوحش وأتباعه.. "وعيناه كلهيب نار، وعلى رأسه تيجان كثيرة، وله
اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو" (رؤ 19 : 12) وقد وصف الرب يسوع بأن عينيه
كلهيب، فهو يعرف بهما ما بداخل الإنسان، وما يختبئ عن الأنظار. فكل شئ عريان
ومكشوف قدامه..
أما القول : "على رأسه تيجان كثيرة" فهذا يعني العظمة الفائقة الوصف.. ويلاحظ هنا
أن الاسم المكتوب للرب قد أُخفي عن يوحنا.. وليست هذه أول مرة يخفي الرب اسمه عن
بعض القديسين، فقد أخفى الرب اسمه عن يعقوب. (تك 32 : 29)، وأيضاً أخفى الرب اسمه
عن منوح (قض13 : 18).
"وهو
متسربل بثوب مغموس بدم" (رؤ 19 : 13)
يصف الرائي الرب يسوع بكل هذه الصفات السابقة، التي تشير جميعها إلى العظمة والمجد
والانتصار، بتيجانه الكثيرة على رأسه وعيناه اللتان كلهيب نار، واسمه الذي لا
يعرفه أحد إلا هو. لكن لا ينسى الرائي منظر ثوبه المغموس بالدم. وهذا الدم المغموس
فيه الثوب هو دم المسيح، وليس دم الأعداء، لأن المسيح لم يكن قد دخل المعركة بعد،
لكن هذا الدم جعله صاحب حق في أن يعاقب كل الذين احتقروا دمه، فهو يذكرهم بهذا
الدم بما صنعه علي الصليب لأجلهم.. "ويدعى اسمه
: كلمة الله"، لقد دعي المسيح بعدة أسماء : "الأمين، والصادق، وصاحب اسم لا يعرفه أحد إلا هو.." هذه
الأسماء الثلاثة موجودة هنا. ولقد أُضيف أيضاً اسم "كلمة
الله" وهذا الاسم ذكره يوحنا في إنجيله. وهذا هو إيماننا
جميعاً. بالكلمة، الذي كان في البدء عند الله : والذي يعني المعادلة لله. وهذا
الاسم أيضاً ربط بين التنزيه والتشبيه. لأن التنزيه يقول : بأن الله منفصل تماماً
عن المادة، أما التشبيه فيعلن عن وجود الله في المادة وفي كل شئ. فجاء الحل في
الكلمة الأزلي، فتم التوازن بين التشبيه والتنزيه. ولذا فالأمور المتناقضة التي لا
يفهمها الناس، قد حُلت بواسطة "كلمة الله". وهذا الكلمة، غير كلمة الله
المكتوبة. لكن هذا الاسم يعلن عن ذاتيه الله، أي إعلان الله عن ذاته.
"ومن
فمه يخرج سيف ماض، لكي يضرب به الأمم. وهو سيرعاهم بعصاً من حديد، وهو يدوس معصرة
خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ" (رؤ 19 : 15).
إن السيف
الخارج من فمه، سيضرب به الأعداء، الذين تعاونوا مع الشيطان. فهذه المرحلة سيُصب
فيها الغضب على الوحش والنبي الكذاب، فيقُتلون بهذا السيف. أما عصا الرعاية
الموجودة في هذه الآية، فهي عصا تحطيم الأشرار (مز8:2-9). وسوف تتم هذه المعصرة على
الأرض بعد اختطاف الكنيسة، المشار إليها بالحصاد اليابس (رؤ14 :4 -5 1) "وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب : ملك الملوك، ورب الأرباب" (رؤ
19: 16).
كان المحارب
يلبس ثوبه الرسمي للحرب، وكان من عاداتهم، أن يكتب المحارب اسمه ورتبته على ظهره.
أما هذا المحارب، وهو الرب يسوع، فقد كتب أسمه العظيم كملك الملوك، ورب الأرباب.
الذي سينزع المْلك عن كل السلاطين. في كل العالم، ليرده إلى مكانه الأول، وإلى
صاحبه الأعلى الحقيقي، إنه ملك الملوك، الذي دُفع إليه كل سلطان، والذي يجب أن
يملك حتى يضع أعداءه موطئاً لقدميه. فلقد جاءت أزمنة رد كل شئ (أع 3 : 21) أما
الكتابة على الفخذ، فالفخذ إشارة إلى القوة، وإلى الحق، كما فعل إبراهيم مع عبده
اليعازر الدمشقي (تك2:24-9)، كما يشير الفخذ أيضاً إلى الاستقامة.. فكتابة الاسم
على الفخذ "ملك الملوك، ورب الأرباب"
أي أنه الملك الحقيقي الدائم القوي، الذي لا يزول عنه هذا الملك.. ويذكر كاتب
الرسالة إلى العبرانيين عنه هذا القول : "وأما
عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب استقامة قضيب ملكك" (عب
1 : ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)، ويكتب عنه دانيال هذا القول : "ملكوته
ملكوت أبدى، وسلطانه إلى دور فدور". هذا من جهة كتابة اسم "ملك الملوك ورب الأرباب" علي فخذه..