حياة
المؤمن
تبدأ حياة المؤمن الجديدة من لحظة الميلاد
الثاني ، الذي فيه يتم التغيير من النقيض إلى النقيض ، فمن إنسان خاطئ مذنب بالطبيعة
والفعل ، إلى إنسان آخر مبرر من كل ذنب ، ومحرر من كل سلطان الشيطان والخطية . ويبدو
التغيير واضحاً للناس فيما يلاحظونه من إتجاه جديد للإنسان الذي تم تجديده ... وتُجرى
عملية التجديد عندما يأتي الإنسان الخاطئ إلى المسيح المخلص ، مؤمناً به ، طالباً
منه الغفران لخطاياه . فتُغفر خطاياه على أساس عمل الفادي على الصليب . ثم تتم عملية
تجديد الخاطئ ، أو ولادته من فوق بعمل الروح القدس . ( يو 3 : 8 ) . حيث يقوم الروح
بخلق إنسان جديد في الداخل ,,. فتعالوا نتامل في بعض النقاط المتعلقة بحياة المؤمن
مع الرب :
أولاً : لا وجود للإنسان العتيق بعد التجديد ،
والأدلة هي :
( رو 7 : 6 ) .. إذاً فإنساننا العتيق حسب قول الرسول، قد صُلب ومات مع المسيح ، وهذا هو طريق قيامتنا معه بإنساننا الجديد . فلا قيامة مع المسيح الا بالموت معه . وهذا ما عناه الرسول بقوله : " لأنكم قد متم للناموس بجسد المسيح ، لكي تصيروا لآخر للذي أقيم من الأموات " ( رو 7 : 6 ) . فلا صحة للقول أن الإنسان العتيق يعيش بداخل كل مؤمن ، قد مات وقام مع المسيح . 2- اما قول أصحاب فكرة الحياة الازدواجية في المؤمن ، بأن المؤمن مادام غير معصوم من الخطأ ، فلابد من وجود الطبيعة القديمة بداخله كما هي . فأقول: إننا كمؤمنين فعلاً غير معصومين ،ولكن ليس لأن طبيعتنا القديمة لم تمت ، بل لأننا بشر نعيش بأجساد مادية . ونتفاعل مع العالم المحيط بنا . وهذا العالم قد وُضع في الشرير . فأجسادنا لها غرائز طبيعية خلقها الله فينا لإستعمالها في المجالات المخصصة لها . والشيطان يحاربنا , مستخدماً إياها محركاً فينا رغبات وشهوات مختلفة . ووسائله فى الحرب ضدنا تكون عن طريق حواسنا , فيعمل على إثارة هذه الحواس ( من نظر وسمع ولمس ) .. وإثارة هذه الحواس مرتبطة بأجسادنا المادية كبشر قد تعودنا على أفكار وأفعال أشياء خاطئة من طبيعتنا الموروثة من آدم , أو مايسمى أيضاً بــ " الإنسان العتيق " . وذلك كان قبل حدوث التجديد .. وعن هذا الأمر يقول الراحل القس / صموئيل مشرقي في كتابه " التقديس الحقيقي " صفحة 79 , ما يلي : " لاشك أن وجود الطبيعة الفاسدة في البشر , قد درب الطبيعة البشرية على الإنحراف للشر, واستخدام كل أعضاء الجسم فى فعل الخطية . فالفكر مثلاً قد تدرب على التصورات الباطلة التى تنجسه , والعين قد تدربت على النظر إلى المناظر الشريرة . وأصبحت كل أعضاء الجسم آلات إثم للخطية " (رو 6: 13) ثانياً: ضرورة الإمتلاء بالروح القدس: وهذا الإمتلاء يؤدي إلى الإنتصار على شهوات الجسد، فبالروح نستطيع أن نميت أعمال الجسد (رو 8 : 13 ) , وبالروح لا نجعل شهوة الجسد تكتمل ( غلا 5 : 16 ) . وبذلك يكون السلوك الروحي للمؤمن ظاهراً، متمثلاً في ثمر الروح بما فيه من فضائل وخصال طيبة .. وهذه هي الأعمال الصالحة المؤسسة على إيمان حقيقي ، والتي يراها الناس فيمجدوا الآب السماوي بسببها .. أنها القداسة العملية التي يحضنا الكتاب عليها في قوله : " بل نظير القدوس الذي دعاكم ، كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة " ( 1 بط 1 : 15 ) أنظر أيضاً ( عب 12 : 14 ) . وأننا يمكننا أن نعيش حياة التقديس التام ، الذي يدعونا اليه الكتاب المقدس ، اذا ما كنا ممتلئين من الروح القدس ، لابسين سلاح الله الكامل ، محاربين اشداء في ميدان الحرب الروحية ، بدون تراخِ في الجهاد الموضوع أمامنا . ( عب 12 : 1 )