خنفساء القطن!
دكتور القس عزت شاكر
في
قلب الشارع الرئيسي لمدينة أنتربرايس بولاية آلاباما الأمريكية،
يوجد واحد من أغرب النُصُب التذكارية في كل العالم، إنه نُصب محفور على الحجر لحشرة
ضارة، فما هي؟ وما هي قصتها؟
منذ أن
عرفت المدينة الزراعة وفلاحوها يبذلون قُصارى جهدهم لإنتاج القطن، فهو محصولهم
الرئيسي، فإذا إنهار أنهاروا معه، وإذا ازدهر اغتنوا وارتفع مستوى معيشتهم وزادت
رفاهيتهم. وذات عام حدث هجوم خطير على المحصول من حشرات خنفساء القطن. وكان الهجوم
شديداً للغاية حتى ضاع كل أمل في إنقاذ ولو جزء صغير من المحصول. وبدأ العلماء
يبحثون عن مخرج من هذه الأزمة. وأخيراً توصلوا إلى حل وهو زراعة الفول السوداني،
وبالفعل اقتلعوا أشجار القطن وزرعوا بدلاً منها الفول السوداني. وحدثت المفاجأة،
إذا تفوِّق عائد الفول على ما كان يجنيه القطن قبل ذلك من أرباح، بل صارت المنطقة
تعُرف بعد ذلك بـ " مركز الفول العالمي" وماذا كانت النتيجة؟ اغتنى سكان
المنطقة جداً، ولكنهم لم ينسوا فضل خنفساء القطن عليهم. لذلك شيدوا لها نُصباً تذكارياً
في أهم موقع بمدينتهم!!
عزيزي القارئ: هناك نوع من الآلام من هذا
الصنف، صنف خنفساء القطن يسمح الله بها، آلام تحرمنا من أشياء عزيزة علينا، لكن
بفضلها نتمتع بأمور أعظم، آلام يغلق بها الله أمامنا أبواباً معينة اعتدنا عليها
حتى نتجه إلى باب آخر ما كنا لنفكر فيه من قبل، وحين نتجه إليه يقودنا إلى الفرح
والشبع والنجاح بطريقة لم نكن نتوقعها. حقاً ما أعجب طرق الله. إن أغلق أمامنا
بابا، فهذا ليقودنا إلى باب آخر أرحب وأجمل . نعم كثيراً ما
يتصرف الله معنا تصرفات تبدو في ظاهرها غاية في القسوة ولكنها في الحقيقة هي منتهي
اللطف والتحنن، وهذا ما نكتشفه مع مرور الأيام " لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ
الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ» (يو7:13 )
صديقي: إن المر الذي يختاره لك الله أفضل من الحلو الذي تختاره لنفسك، فكم من الكوارث الرهيبة المفجعة تحولت إلى بركات كبيرة، بل إن الكثير من النعم ما كانت لتأتي إلا نتيجة لأحداث قاسية أليمة، ولكم فجَّرت الزلازل الرهيبة الكثير من الينابيع العذبة، ولكم أنضــــــــجت أشـــــعة الشمس
صديقي: إن المر الذي يختاره لك الله أفضل من الحلو الذي تختاره لنفسك، فكم من الكوارث الرهيبة المفجعة تحولت إلى بركات كبيرة، بل إن الكثير من النعم ما كانت لتأتي إلا نتيجة لأحداث قاسية أليمة، ولكم فجَّرت الزلازل الرهيبة الكثير من الينابيع العذبة، ولكم أنضــــــــجت أشـــــعة الشمس
- 25-
المحرقة الكثير من الثمار. ففي كثير من الأحيان
تكون الآلام هي الوسيلة الوحيدة التي تكشف عن معان عميقة للحياة.
*أقوال مأثورة:
*أقوال مأثورة:
- لا تنظر إلى ما يحدث معك الآن، فقد تراه
شراً، انتظر حتى تكتمل حلقات العناية الإلهية فستجده خيراً.
- الذين اختبروا الضيقة فقط ولم يختبروا المعونة الإلهية فهم قوم لم يفتحوا عيونهم جيداً على نعمة الله.
- يغلق الله الأبواب حولنا لكي نرفع أبصارنا إلى فوق.
- تأكد أنه بعد كل شتاء قارس هناك ربيع نابض، وبعد كل ليل حالك هناك فجر باسم.
- الذين اختبروا الضيقة فقط ولم يختبروا المعونة الإلهية فهم قوم لم يفتحوا عيونهم جيداً على نعمة الله.
- يغلق الله الأبواب حولنا لكي نرفع أبصارنا إلى فوق.
- تأكد أنه بعد كل شتاء قارس هناك ربيع نابض، وبعد كل ليل حالك هناك فجر باسم.
هل لا يمكن للغني أن يدخل ملكوت الله؟
" إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ! وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب
إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» (مت 19 :
23و24). هذه الكلمات التي نطق بها رب المجد، تضع أمامنا حقيقة مهمة جداً، وهي أن
صاحب الغنى والثروة هو في منطقة خطر الحرمان من دخول الملكوت، ويتمثل الخطر في كون
المال له بريق آخاذ به يستولى على قلب الإنسان تماماً. وله تأثير قوي تصعب
مقاومته، إنها " محبة المال " التي هي أصل كل الشرور!( 1تي6: 10) والشخص
الذي يُمسك بفخ محبة المال، فإنه يكرمه بدلاً من إكرامه لله. وطبعاً لا يمكن
للإنسان أن يخدم سيدين، إما الله وإما المال( مت6 : 24). وإذا كان المال هو السيد
المتسلط، وأخذ مكان الله، فالإنسان في هذه الحالة، يكون مهيئاً لعمل كل الشرور،
وغير ملتزم بتنفيذ أي مبدأ دينى أوأخلاقي..
فهل معنى هذا الكلام
أن الأغنياء لن يدخلوا الملكوت؟ لقد أجاب المسيح على هذا التساؤل الذي وجهه له
تلاميذه بقولهم " فمن يستطيع أن يخلص؟ " وكانت إجابته:«هذَا عِنْدَ
النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ» (مت
19 : 26). هذا هو الحل: "عند الله كل شئ مستطاع!" إنه عمل النعمة الغنية
التي عندما يمتلئ بها الشخص الغني لا يجعل المال يستعبده، بل بالحري يكون المال
آداة طيعة بين يديه يستخدمه في خدمة الرب ودعم عمله، ومساعدة اليتامى والأرامل والمعوزين..
إذاً إن كان المال له قوة كفيلة بإبعاد الإنسان عن ملكوت الله، فإن قوة
الله أعظم بكثير من قوة المال، فإذا سلم الإنسان نفسه لعمل هذه القوة فهي تغير
طبيعته تماماً، من النقيض للنقيض! وبدلاً من محبته للمال، يكون محباً للرب في عدم
فساد..
-
26-
- 26-