" والمستعدات دخلن معه إلى
العرس " ( مت 25 : 10 )
لم يكن العذارى أبداً مقصود بهن العروس ، هم فقط ، ومكافأة لهن من العريس على
استعدادهن ، سُمح لهن بالدخول إلى العرس .. أليس هذا ما يقول النص المقدس ؟! إن
بين العذارى الحكيمات والعروس فرق شاسع ، ومسافة كبيرة .. وتعالوا لنلق نظرة على
الرعوس : فبحسب ما جاء فى ( رؤيا 21 : 9 وما بعده من الآيات ، كان للعروس مجد الله
، كما كانت تلمح لمعاناً عظيماً . فليس الأمر مجرد مصابيح منيرة ، أو مُصلحة ، بل
كما يقول الكتاب عن العروس فى ( رؤ 21 : 11 ) " ولها مجد الله ولمعانها شبه
أكرم حجر كحجر يشب بلورى ".
إن كل واحد سيبقى فى الموضع الذى وصل اليه فى
جهاده بالنعمة ، ولن يتعداه , وعن هذا يقول الجامعة : " ففى الموضع حيث تقع
الشجرة هناك تكون "(جا 3 : ) ولا
مجال إطلاقاً لتغيير هذا ، فلقد أوصلت المصابيح المنيرة الحكيمات إلى حيث يمكنهن
أن يُقبلن فى زفة العُرس ، أو وليمته أن صح التعبير ، وليس أكثر من هذا ..
أما العروس فهى مجيدة ، لا دنس فيها ولا غضن ، بل تكون مقدسة وبلا عيب ..
سورها عظيم ، وأساساتها مزينة ، وأبوابها من اللؤلؤ . ووصفها كما جاء فى ( رؤيا 21
) كمدينة لن يدخلها شئ دنس ، ولا ما يصنع رجساً وكذباً .. وهى لن تضم أبداً إلا من
صار قلبه) نقياً يصلح لمعاينة الله . وأما من هم
دون ذلك ،فلهم موضع آخر انظر مثلاً ( رؤ 21 : 24 وقد
تسألنى عن الجاهلات ، وعن هذا يجيب العظيم بين القديسين فى ( أف 5 : 15 ـ 17 قائلاً : "
فأنظروا كيف تسلكون بالتدقيق ، لا كجهلاء ، بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الايام
شريرة . من أجل ذلك لا تكونوا ـغبياء ، بل فاهمين ما هى مشيئة الرب "
فكل مؤمن لا يسلك
بالتدقيق ، ولا يغتنم الفرص التى يدبرها له الله للخدمة ، وفعل الخير ، بل يكون
غبياً غير فاهم لمشيئة الله ، هو ضمن هذه الفئة " الجاهلات " فلم تكن
العذارى الجاهلات زانيات ـ لا سمح الله ـ وإلا لما أطلق عليهن الوحى صفة العذارى .
فالزانية لا يمكن أن تكون عذراء ، بل كن عذراوات لهن مصابيح . وقد خرجن من العالم للقاء العريس ،
وقمن عند سماع الصراخ فى نصف الليل : كما أنهم أحضرن الزيت . وقد اشترينه بعملة
مقبولة إلهياً ، وإلا كان زيتاً مغشوشاً ! أما المفاجأة فهى أنه فى آخر وصف لهن ،
ورغم رفضهن ، فقد رفع الوحى عنهن صفة الجهل إذ يقول فى ( مت 25 : 11 )
أخيراً جاءت بقية العذارى أيضاً قائلات : يا
سيد افتح لنا "ولكن رفض السيد طلبتهن ،لأن ما ندركه غصباً لا نكافأ عليه،كما
انه إدراك فى غير وقته،لا قيمة له فى صنع المصائر ..
عزيزى .. إن ما
واجه الجاهلات هو ما تنبأ به بولس حين قال : " إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معه
. إن كنا ننكره ، فهو أيضاً سينكرنا " ( 2 تى 2 : 12 ) .
فلقد أنكر السيد معرفته بالجاهلات ، كما تجاهل زيارة لوط قديماً ، رغم زيارته
لإبراهيم ، بل جاء الملاكان فقط ، ولم يدخلا بيت لوط إلا بعد إلحاح شديد ، فمعاينة
الله ليست للجميع . فقط أنقياء القلب لهم ذلك ..
لقد أدركت الجاهلات
، فى لحظة المصير ، أن شيئاً ما يمنعه من الدخول إلى العرس ، وحاولن إصلاحه ،
وبإجتهاد .بل ونجحن فى ذلك حتى أن الوحى رفع عنهن أخيراً لقب الجاهلات ، بقوله
عنهن بعد إحضار الزيت :" أخيراً جاءت بقية العذراى .. " ولكن هذا
الأدراك المتأخر ، لا فائدة منه . لأن لكل شئ زمان ، لكل عمل تحت السماء وقت
" (
جا
3 : 1) فلسوف يدرك كثيرون أن أموراً كثيرة غير مستقيمة فى حياتهم ،
كما سيدرك البعض فراغ حياتهم بالكامل . ولكنه إدراك فى غير موعده،ولا يغير شيئاً
بل سيكون سبباً فقط للخجل والنوم.وعن هذا يقول الحبيب يوحنا ناصحاً أولاد الله
بالقول :" والآن أيها الأولاد اثبتوا فيه ، حتى إذا أظهر يكون لنا ثقة ، ولا
نخجل منه فى مجيئه " (1 يو 2 : 28)
عزيزى .. يقول
الرسول بولس :" أركضوا لكى تناولا " ( 1 كو 9 : 14 )
. فلن ينال شيئاً من لم يركض ، لانه وإن كان الخلاص هبة ، فالاكليل ليست كذلك ..
ولن يجلس المخلصون معاً ، كما يتوهم المتوهمون ، بل سيكون ـ وكما فى أمر القيامة ـ
كل واحد فى رتبته . ( 1 كو 15 : 22 ، 23 )
. بل سيخسر بعض المؤمنين كل شئ ، وإن كانوا هم أنفسهم سيخلصون . ولكن كما بنار . (
1 كو 3 : 15 ) .. ففى بيت الآب منازل كثيرة . ولكن لا
يكلل أحداً إن لم يجاهد قانونياً . ولذا كانت النصيحة الرسولية لك ولى وللجميع :
" جاهد جهاد الإيمان الحسن " (
1 تى 6 : 12 )