"من ذا الآتي من آدوم، بثياب
حُمر من بُصرة ؟ هذا البهي بملابسه، المتعظم بكثرة قوته. " أنا المتكلم
بالبر، العظيم للخلاص ". مابال لباسك مُحمر، وثيابك كدائس المعصرة ؟ قد دُست
المعصرة وحدي، ومن الشعوب لم يكن معي أحد. فدستهم بغضبي ووطئتهم بغيظي. فرش عصيرهم
على ثيابي، فلطخت كل ملابسي " (إش 63: 1- 3 )
هذا النص الذي يأتي في شكل سؤال
وجواب بين النبي، وبين دائس المعصرة، والذي لا يختلف إثنان بشانه . فهو المسيح ولا
شك. يوجد إختلاف بشانه حول ماهية الموقعة التي دارت فيها المعركة، وخرج منها دائس
المعصرة منتصراً. فهناك من يقولون إن الموقعة هي خاصة بأحداث الصليب، وأن شخص
المصلوب قد سال دمه، فكان كدائس المعصرة !.. ولكن يوجد رأي آخر يقول: أن دائس
المعصرة كان خارجاً من صراعه مع أعدائه، وقد داسهم في معصرة الموقعة التي التقى
بهم فيها. فرُش عصيرهم ( أي رُش دمهم ) فلطخت دماؤهم ثيابه! وهذا هو الراي الصواب
بحسب ما نرى. ونورد بشانه الأدلة التالية :
1- أول ما يطالعنا المشهد هو لشخص
قيل عنه " هذا البهي بملابسه، المتعظم بكثرة قوته " فهذا المشهد هو لرب
المجد يسوع المحارب المنتصر، الذي أجرى النقمة على أعدائه، وكان منظره يدل على
العظمة والبهاء والقوة ! فهو الديان العادل في هذه الحالة. فاين هذا من مشهد
الصليب، الذي كان فيه شخصه المبارك يُعامل بكل احتقار وازدراء، فلم يكن في آلام
الصليب أي علامة تدل على العظمة والبهاء، بل تم فيه ما قيل باشعياء النبي: "
محتقر ومخذول من الناس " (إش 53 : 6)
2- إن دائس المعصرة يقول عن أعدائه انه داسهم بغضبه، فرُش عصيرهم ( أي دمهم
) على ثيابه.. لاحظ هنا ان الدماء التي سالت ولطخت ملابسه لم تكن دماؤه هو، بل
دماء أعدائه. أما على الصليب فقد سالت دماؤه الطاهرة، لأنه لم يكن دائساً بل
مداساً أو مسحوقاً، بحسب ما قاله إشعياء النبي: " أما الرب فسر بأن يسحقه
بالحزن " ( إ ش 53: 6 )
3- عندما نقرأ ما جاء في ( رؤ 14: 19) عن عناقيد
كرم الأرض ( عنب الديب ) وكيف أنها ديست حتى خرج الدم إلى لجُم الخيل، فهو وصف
لهذه المعركة التي نحن بصددها. فالمحارب القوي سيقضي على أعدائه الأشرار بسحقهم في
المعصرة. ونفس هذا الكلام تقريباً نجده في 0رؤ19: 15) حيث نجد الرب يسوع ، راكباً على فرس أبيض. وقيل
عنه : " وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ " . وله
على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب : " ملك الملوك ورب الأرباب " وهذا هو
القضاء النهائي الذي سيجريه الرب على أعدائه بسحقهم في معصرة غضبه !