يأتي لأجل قديسيه
مهندس فوزي تيموثاوس
هذا
التعبير نسمعه كثيراً من المعتقدين بالإحتطاف قبل الضيقة العظيمة، بأن المسيح سيأتي
قبل الضيقة لأجل قديسيه.. وهذا ما استنتجوه من قول
الرب
يسوع لتلاميذه: " أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ
وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ
أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ
وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ»(يو 14 : 2- 4) وهذا هو النص الوحيد الذي يعتمد عليه
أحباؤنا لإثبات كلامهم. وإذا افترضنا أن المقصود هنا هو مجئ الرب الثاني ( وهذا
يصعب اثباته من النص ) يكون هناك تعارض كبير مع ما سبق وتحققنا منه بالأدلة
القاطعة! لذا وجب علينا أن نمعن النظر في النص الكتابي، دون إخراجه بعيداً عن سياق
الحديث والحوار مع التلاميذ..
أولاً: نلاحظ قول الرب: " وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ
قُلْتُ لَكُمْ " وبحسب نص الترجمة العربية المبسطة: " ولو لم يكن الأمر
كذلك، لأخبرتكم " ففي بيت أبي منازل
كثيرة لا تحتاج إلى إعداد. ، وأيضاً الكلام الذي يليه: " وَتَعْلَمُونَ
حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ» من هنا نفهم أن المقصود من
الحديث هوالطريق ، وإعداد الطريق الحي، ليأخذنا إليه، وحيث يكون هو نكون
نحن أيضاً. وهذا يُفهم من رد توما قائلاً له: « يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ
أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» (يو 14 :
5) وأجابة الرب له: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ.
لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يو 14 : 6) ونقرأ في الرسالة إلى
العبرانيين هذا القول: " مُعْلِنًا الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهذَا أَنَّ طَرِيقَ
الأَقْدَاسِ لَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ، مَا دَامَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ لَهُ
إِقَامَةٌ "(عب 9 : 8) وهذا كان يتطلب موت الرب يسوع وقيامته وصعوده لأجلنا،
وبذلك أعد لنا الطريق! وهذا واضح جداً من النص التالي:« فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا
الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ، طَرِيقًا كَرَّسَهُ
لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ » (عب 10 : 19و 20)
ثانياً: في قول الرب يسوع : « لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ.
بَعْدَ قَلِيل لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي.
إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ
أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ » (يو 14 : 18 - 20)
فإذا كان القصد هنا هو مجيئه في نهاية الأيام لأخذهم إلى السماء، فهل سيتركهم كل
هذه السنين بدون المعزي؟ وأيضاً بلا معرفة «أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ
فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ
(يو 14 : 18 - 20) وما
هو هذا الوقت القليل الذي فيه لا يراه العالم، وهم فقط سيرونه؟! وفي قول يهوذا ليس الإسخريوطيَ :«يَا سَيِّدُ، مَاذَا حَدَثَ حَتَّى
إِنَّكَ مُزْمِعٌ أَنْ تُظْهِرَ ذَاتَكَ لَنَا وَلَيْسَ لِلْعَالَمِ؟» (يو 14 : 22) وكلمة " مزمع " تفيد قلة الزمن،
وهذا ما تحدث به التلاميذ بعضهم لبعض
«فقَالَ قَوْمٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«مَا هُوَ هذَا الَّذِي
يَقُولُهُ لَنَا: بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيل أَيْضًا ترَوْنَنِي، وَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى
الآبِ؟».فَقَالُوا:«مَا هُوَ هذَا الْقَلِيلُ الَّذِي يَقُولُ عَنْهُ؟ لَسْنَا
نَعْلَمُ بِمَاذَا يَتَكَلَّمُ!».فَعَلِمَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ
أَنْ يَسْأَلُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ: «أَعَنْ هذَا تَتَسَاءَلُونَ فِيمَا
بَيْنَكُمْ، لأَنِّي قُلْتُ: بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ
قَلِيل أَيْضًا تَرَوْنَنِي؟» (يو 16 : 16- 19)
وأيضاً حتى
نهاية الأصحاح الـ 16 في كلامه عن حزن المرأة المؤقت، وهي تلد! وحزنهم هم سيتحول
إلى فـرح! وأيضاً قوله: « وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ،
وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ » (يو 16 : 22) وأيضاً: « فِي ذلِكَ
الْيَوْمِ تَطْلُبُونَ بِاسْمِي» (يو 16 : 26) هل كل هذه الأمور سوف تتم في مجيئه
الثاني عندما يأتي ليأخذهم إليه " يأتي لأجل قديسيه ؟! " ويكون الطالبون
باسمه بلا إستجابة وبلا فرح، حتى يأتي إليهم في نهاية الزمان؟ أم أن كل هذه الأمور
قد حدثت بالفعل بعد موته وقيامته وصعوده، ومجيئه إليهم في يوم الخمسين بالروح
القدس، الروح المعزي، ولم يتركهم يتامى؟!.. آتي إليكم.. آخذكم إليّ.. أتوحد بكم..
تكونون لي جسداً.. أعضاء جسده..
وأخيراً إن كان المقصود هنا هو المجئ الثاني
للإختطاف " آخذكم إلىّ " فيأتي لأجل قديسيه، فأين الأموات الذين
سيقومون؟ وأين صوت البوق؟ وأين الهتاف؟! بالتأكيد إن الأمر ليس كذلك.. وهناك أقوال
للرب لمن يحبه ويحفظ كلامه: " وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي،
وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً " (يو 14 : 23) وأيضاً في قوله: " أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ (يو 14 :
28) فهل الإتيان هنا هو المجئ الثاني للإختطاف؟!.. ليت الرب يرحمنا من موروثاتنا
الخاطئة ولنفهم الحق كما هو دون تزييف، ولا نكون كالكثيرين غاشين كلمة الله، لكن
كما من إخلاص، بل كما من الله نتكلم أمام الله في المسيح ( 2كو2: 17، 4: 2 ) ومن
له ذهن روحي فليفهم الحق!! .