د / القس صفاء داود فهمى ..
يحاول الإنسان، فى مواجهته للعالم القوى وضغوطة الهائلة المتنوعة، وكائناته المخيفة المرعبة، أن يسيطر على هذا العالم ويتسيد عليه. وبتسيده على هذا العالم، يصبح الإنسان سيد مصيره وسيد قراره..
والسحر هو المحاولة الإنسانية للتأثير فى الناس، أو الأحداث بوسائل عديدة متنوعة. بعضها مشروع، وبعضها الآخر غير مشروع، لأن فيه استخدام لوسائل الخداع والشعوذة، أو بالتحالف مع قوى وقدرات شيطانية لإحداث أشياء غير عادية وخارقة للطبيعة..!
وتشير وتعرفنا كلمات الوحى المقدس أن السحر أستخدم فى مجالات واضحة، أهمها تحقيق منفعة أو رفع مضرة أو إيقاع أذى بالغير، جسدياً وروحياً، واستطلاع المستقبل والتعرف على الغيب. ومن المعروف أن السحر ممارسة عالمية، فى كل الأرض وبين كل الشعوب. ومنذ أقدم العصور وله صور متنوعة، فقد يكون بتوجيه اللعنات، أو بترديد التعاويذ، أو باستخدام التمائم والأحراز، أو بتحطيم نموذج اللعنات للعدو، مصنوع من الشمع أو الخشب أو الطين.. أو بقراءة الطالع، باستخدام الورق أو الكؤوس أو الكرات البللورية.. إلخ.
وتكشف كلمة الله أن العبرانيين كانوا على صلة بالمصريين والكلدانيين، الذين ينتشر بينهم السحر والعرافة وأعمال الحواة. وقد أشار الكتاب المقدس لهذه الممارسات، بإشارات واضحة..
يشير الوحى إشارة مبكرة لأعمال السحرة فى سفر الخروج من ص7 إلى ص9. ويقول أن فرعون، على سبيل المثال، عندما رأى العجيبة التى صنعها موسى وهارون بتحويل العصا إلى ثعبان يقول : "فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَيْضًا الْحُكَمَاءَ وَالسَّحَرَةَ، فَفَعَلَ عَرَّافُو مِصْرَ أَيْضًا بِسِحْرِهِمْ كَذلِكَ. 12 طَرَحُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَصَاهُ فَصَارَتِ الْعِصِيُّ ثَعَابِينَ. وَلكِنْ عَصَا هَارُونَ ابْتَلَعَتْ عِصِيَّهُمْ" (خر11:7-12).
ويشير الوحى أيضاً فى نبوة حزقيال إلى استخدام العُقد والأربطة (وهى خاصة بالسحر) حيث يقول : "وَيْلٌ لِلَّوَاتِي يَخُطْنَ وَسَائِدَ لِكُلِّ أَوْصَالِ الأَيْدِي، وَيَصْنَعْنَ مِخَدَّاتٍ لِرَأْسِ كُلِّ قَامَةٍ لاصْطِيَادِ النُّفُوسِ" (حز18:13).
ويقدم لنا سفر صموئيل الأول صورة تفصيلية عن إمرأة عّرافة ساكنة فى عين دور. وقد استعان بها شاول، عندما سأل الرب عن نصره فى مواجهة جيش الفلسطينيين، ولم يجبه. وتصف كلمة الله المرأة بأنها "امرأة صاحبة جان" (1صم7:28-9).