الحديث عن إخراج الشياطين أو طردهم وانتهارهم من جسد الإنسان، اقتراب من قضية حساسة للغاية.
فالحقل الروحى مشبع بالممارسات التى يدعى أصحابها أنها ممارسات كتابية.. ولما كان الهدف من هذا المقال هو إعطاء صورة دقيقة ومختصرة عن ما هو كتابى فقط، لهذا فإننا سنحاول أن نتعامل مع بعض الجوانب الكتابية التى تشرح لنا الموضوع كجماعة مؤمنين، وكيفية تحويل هذا الكائن الشرير الجبار (الشيطان) إلى كائن مهزوم، مقيد، ومسحوق أيضاً. لقد قدم لنا الله من الوسائل والوسائط ما يساعدنا على تحقيق النصرة العظيمة..
فبالرغم من مبالغة البعض فى تصوير قوة الشيطان، وتأثيرها على الأفراد، إلا أن الله يقدم للمؤمنين، الذين نجوا من ملكوت الظلمة، وعداً رائعاً واضحاً يقول : "وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا" (رو20:16) لا يقدم الله هذا الوعد للتشجيع فقط، بل يقدمه كحقيقة تتحقق فى حياة المؤمنين بإلههم على الدوام..
* اعرف عدوك جيداً :
الكلمة تعرفنا بتفاصيل كاملة ودقيقة عن منهج الشيطان وأسلوبه فى محاربة البشرية عامة، وأولاد الله خاصة.. كلمة الله تعرفنا بوضوح عن الشيطان وأسمائه وأعماله وطبيعته، وتأثيره على الجسد والعقل والروح، وعن مركزه ومملكته وجيوشه وخدامه، وتعرفنا كلمة الله أيضاً أنه محدود، مقيد ومهزوم، وكيف أن النار الأبدية هى مستقره الأخير، لأنها معدة "لإبليس وملائكته" (مت41:25).
* انتـــــهر الشيــــطان..
يقول البشير مرقس : "فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!» 26 فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ" (مر21:1-25). غير أن الجزء الأول لا يحظى كثيراً باهتمام المفسرين، أو يتهرب أغلب المفسرين من معالجته، تجنباً للخوض فى مشكلة تفسيرية تتعامل مع قضية انتهاك إبليس للعقل والنفس معاً، وهناك بعض المبادئ التى لابد أن تكون واضحة تماماً :
* الأرواح الشريرة لا تحتمل أبداً سماع أو تواجد الرب يسوع المسيح معلناً عنه ومعترفاً به وبسلطانه وسيادته على أفواه المؤمنين، بأية صورة من الصور العبادية الصادقة والمعروفة من صلوات وتسابيح. وهذا ما صرح به الشيطان، زعيم الشياطين التى كانت تسكن مجنون كورة الجدريين"فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ صَرَخَ وَخَرَّ لَهُ، وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!" (لو28:8).
* إن الشياطين حينما تسكن جسد غير المؤمن، لا ترغب بارادتها أن تفارق جسد الإنسان الذى سكنته، لهذا فالصلوات التى نصليها، لابد أن تكون مصحوبة بأمر وانتهار واضح وصريح وسلطان صادق ممنوح من الله لنا "اخرج منه" (مر25:1) و(لو29:8). لأنه ان لم يكن هذا الأمر صادراً من إنسان ممتلئ من روح الله وسلطانه القوى، فلن تصلح قوتنا البشرية وحدها لإرغام الروح النجس على الخروج من الجسد الساكن فيه. وهذا ما أوضحه السيد حينما قال : "وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ! 29 أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟" (مت29،28:12).
ونحن نفرح لأن روح الله الساكن فينا كجماعة مؤمنين، أعطانا الله هذا السلطان الذى ننتهر به الشيطان ونطرده! فهذا السلطان الذى أعطاه الرب يسوع لتلاميذه ورسله فى بداية خدمته "وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ... اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ" (مت1:10-8) أعطى أيضاً هذا السلطان لكل المؤمنين باسمه..
ويذكر البشير مرقس أن السيد بعد قيامته من الأموات، قال لتلاميذه، وهو يرسلهم إلى العالم أجمع، انه سيؤيدهم وجميع المؤمنين بآيات وعجائب قائلاً : "وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18 يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ" (مر17:16-18)..
أخيراً ان خروج الروح النجس من الجسد الذى يسكنه، امر شاق من الناحية الروحية والجسدية لاننا بانتهار الروح النجس، ننتزع إنسانا بالكامل من يد إبليس، ونخرجه جسداً وروحاً ونفساً. فالقديس مرقس يذكر أن الروح النجس صرع" الرجل قبل أن يفارقه.. استحواذ الروح النجس على الإنسان يفقده حريته وكرامته، وخروجه أيضاً قد يترك عاهة فى الجسد! والصوت العظيم الذى يصرخ به الروح النجس هو ضجيج الهزيمة والفشل أمام قوة الله العظيمة!
* الصلاة والصوم :
يكتب مفسر "الكنز الجليل" معلقاً على ما قاله الرب "وأما هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" قائلاً (ان اخراج الشياطين يحتاج إلى الشخص المؤمن إيمانا قوياً ... والايمان الضعيف يقوى بالصلاة والصوم... الصوم الذى فيه ينقطع الجسد عن كل طعام، مما يدعم الصلاة فيزيدها قوة وحرارة.. والصوم يساعد الذات على الامتناع عن الشهوات التى تمنع أعمال العبادة الروحية، حسبما قال الرسول بطرس "أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ" (1بط11:2).
إن المؤمن المكرس هو الذى يقدر أن يخوض المعركة، (ضد الأرواح الشريرة) وأن يقول بثقة : "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي" (فى12:4).
يبقى لنا ملاحظتان ختاميتان :
أولاً : كم هائل من الممارسات الفوضوية، تمارس تحت شعار (إخراج الشياطين). ولاشك أن هذه الممارسات عبثية، لا علاقة لها على الإطلاق بالحقيقة، التى تكشف فى مرات كثيرة عن انه لا يوجد شيطان يسكن الجسد، بل خلل كيميائي أو هرمونى فى الجسد أو المخ، أدى إلى الأعراض المرضية من صرع واكتئاب وهلاوس.. الخ..
تقرير الأمر وتمييزه يحتاج إلى صلوات وتكريس، حتى يكشف لنا الرب عن حقيقة الأمر..
ثانياً : لم يكن الرب يسوع المسيح له المجد، ممثلاً ومخادعاً عندما قال : «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا!» (مر25:9). أو ما ذكره فى (مر25:1) بنفس العبارة "اخرس واخرج منه" ولم يكن مخادعاً عندما قال لتلاميذه : "اذهبوا ... اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ" (مت8:10).
لا يحتاج يسوع إلى مناورة، أو تمثيلية ليقنعنا، أو ليعلمنا عن حقيقة جوهرية، لأن الرب يسوع لا يمارس أساليب الخداع أو المناورة على الإطلاق، انه يعنى كل كلمة يقولها، وكل كلمة يقولها محددة الملامح، وواضحة الاتجاه، صريحة المضمون أيضاً. والإدعاء بانه كان يجارى ما يحدث فى البيئة اليهودية فى ذلك الوقت، هو كلام غير مسئول، فيه تجديف واضح على الرب يسوع المسيح، وادعاء بعدم أمانته، ومحدودية سلطانه وقدرته..
المريض يحتاج إلى شفاء، والأبرص إلى تطهير، والميت إلى إقامة، وكذلك الشياطين تحتاج لمن يخرجها. فلماذا نقبل بعض الحقائق وننكر حقائق أخرى؟!
ولماذا نعتبرها قائمة فى حقبة زمنية، ونمحوها من حقبة زمنية أخرى؟ هل تغيرت طبيعة الإنسان؟ أم هل تغيرت أساليب تعاملات الله؟ هل تغير إبليس الزمن الماضى عن إبليس الزمن الحاضر؟ أم تغيرت الظروف والأحوال؟!.
فالحقل الروحى مشبع بالممارسات التى يدعى أصحابها أنها ممارسات كتابية.. ولما كان الهدف من هذا المقال هو إعطاء صورة دقيقة ومختصرة عن ما هو كتابى فقط، لهذا فإننا سنحاول أن نتعامل مع بعض الجوانب الكتابية التى تشرح لنا الموضوع كجماعة مؤمنين، وكيفية تحويل هذا الكائن الشرير الجبار (الشيطان) إلى كائن مهزوم، مقيد، ومسحوق أيضاً. لقد قدم لنا الله من الوسائل والوسائط ما يساعدنا على تحقيق النصرة العظيمة..
فبالرغم من مبالغة البعض فى تصوير قوة الشيطان، وتأثيرها على الأفراد، إلا أن الله يقدم للمؤمنين، الذين نجوا من ملكوت الظلمة، وعداً رائعاً واضحاً يقول : "وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا" (رو20:16) لا يقدم الله هذا الوعد للتشجيع فقط، بل يقدمه كحقيقة تتحقق فى حياة المؤمنين بإلههم على الدوام..
* اعرف عدوك جيداً :
الكلمة تعرفنا بتفاصيل كاملة ودقيقة عن منهج الشيطان وأسلوبه فى محاربة البشرية عامة، وأولاد الله خاصة.. كلمة الله تعرفنا بوضوح عن الشيطان وأسمائه وأعماله وطبيعته، وتأثيره على الجسد والعقل والروح، وعن مركزه ومملكته وجيوشه وخدامه، وتعرفنا كلمة الله أيضاً أنه محدود، مقيد ومهزوم، وكيف أن النار الأبدية هى مستقره الأخير، لأنها معدة "لإبليس وملائكته" (مت41:25).
* انتـــــهر الشيــــطان..
يقول البشير مرقس : "فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!» 26 فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ" (مر21:1-25). غير أن الجزء الأول لا يحظى كثيراً باهتمام المفسرين، أو يتهرب أغلب المفسرين من معالجته، تجنباً للخوض فى مشكلة تفسيرية تتعامل مع قضية انتهاك إبليس للعقل والنفس معاً، وهناك بعض المبادئ التى لابد أن تكون واضحة تماماً :
* الأرواح الشريرة لا تحتمل أبداً سماع أو تواجد الرب يسوع المسيح معلناً عنه ومعترفاً به وبسلطانه وسيادته على أفواه المؤمنين، بأية صورة من الصور العبادية الصادقة والمعروفة من صلوات وتسابيح. وهذا ما صرح به الشيطان، زعيم الشياطين التى كانت تسكن مجنون كورة الجدريين"فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ صَرَخَ وَخَرَّ لَهُ، وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!" (لو28:8).
* إن الشياطين حينما تسكن جسد غير المؤمن، لا ترغب بارادتها أن تفارق جسد الإنسان الذى سكنته، لهذا فالصلوات التى نصليها، لابد أن تكون مصحوبة بأمر وانتهار واضح وصريح وسلطان صادق ممنوح من الله لنا "اخرج منه" (مر25:1) و(لو29:8). لأنه ان لم يكن هذا الأمر صادراً من إنسان ممتلئ من روح الله وسلطانه القوى، فلن تصلح قوتنا البشرية وحدها لإرغام الروح النجس على الخروج من الجسد الساكن فيه. وهذا ما أوضحه السيد حينما قال : "وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ! 29 أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟" (مت29،28:12).
ونحن نفرح لأن روح الله الساكن فينا كجماعة مؤمنين، أعطانا الله هذا السلطان الذى ننتهر به الشيطان ونطرده! فهذا السلطان الذى أعطاه الرب يسوع لتلاميذه ورسله فى بداية خدمته "وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ... اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ" (مت1:10-8) أعطى أيضاً هذا السلطان لكل المؤمنين باسمه..
ويذكر البشير مرقس أن السيد بعد قيامته من الأموات، قال لتلاميذه، وهو يرسلهم إلى العالم أجمع، انه سيؤيدهم وجميع المؤمنين بآيات وعجائب قائلاً : "وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18 يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ" (مر17:16-18)..
أخيراً ان خروج الروح النجس من الجسد الذى يسكنه، امر شاق من الناحية الروحية والجسدية لاننا بانتهار الروح النجس، ننتزع إنسانا بالكامل من يد إبليس، ونخرجه جسداً وروحاً ونفساً. فالقديس مرقس يذكر أن الروح النجس صرع" الرجل قبل أن يفارقه.. استحواذ الروح النجس على الإنسان يفقده حريته وكرامته، وخروجه أيضاً قد يترك عاهة فى الجسد! والصوت العظيم الذى يصرخ به الروح النجس هو ضجيج الهزيمة والفشل أمام قوة الله العظيمة!
* الصلاة والصوم :
يكتب مفسر "الكنز الجليل" معلقاً على ما قاله الرب "وأما هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" قائلاً (ان اخراج الشياطين يحتاج إلى الشخص المؤمن إيمانا قوياً ... والايمان الضعيف يقوى بالصلاة والصوم... الصوم الذى فيه ينقطع الجسد عن كل طعام، مما يدعم الصلاة فيزيدها قوة وحرارة.. والصوم يساعد الذات على الامتناع عن الشهوات التى تمنع أعمال العبادة الروحية، حسبما قال الرسول بطرس "أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ" (1بط11:2).
إن المؤمن المكرس هو الذى يقدر أن يخوض المعركة، (ضد الأرواح الشريرة) وأن يقول بثقة : "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي" (فى12:4).
يبقى لنا ملاحظتان ختاميتان :
أولاً : كم هائل من الممارسات الفوضوية، تمارس تحت شعار (إخراج الشياطين). ولاشك أن هذه الممارسات عبثية، لا علاقة لها على الإطلاق بالحقيقة، التى تكشف فى مرات كثيرة عن انه لا يوجد شيطان يسكن الجسد، بل خلل كيميائي أو هرمونى فى الجسد أو المخ، أدى إلى الأعراض المرضية من صرع واكتئاب وهلاوس.. الخ..
تقرير الأمر وتمييزه يحتاج إلى صلوات وتكريس، حتى يكشف لنا الرب عن حقيقة الأمر..
ثانياً : لم يكن الرب يسوع المسيح له المجد، ممثلاً ومخادعاً عندما قال : «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا!» (مر25:9). أو ما ذكره فى (مر25:1) بنفس العبارة "اخرس واخرج منه" ولم يكن مخادعاً عندما قال لتلاميذه : "اذهبوا ... اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ" (مت8:10).
لا يحتاج يسوع إلى مناورة، أو تمثيلية ليقنعنا، أو ليعلمنا عن حقيقة جوهرية، لأن الرب يسوع لا يمارس أساليب الخداع أو المناورة على الإطلاق، انه يعنى كل كلمة يقولها، وكل كلمة يقولها محددة الملامح، وواضحة الاتجاه، صريحة المضمون أيضاً. والإدعاء بانه كان يجارى ما يحدث فى البيئة اليهودية فى ذلك الوقت، هو كلام غير مسئول، فيه تجديف واضح على الرب يسوع المسيح، وادعاء بعدم أمانته، ومحدودية سلطانه وقدرته..
المريض يحتاج إلى شفاء، والأبرص إلى تطهير، والميت إلى إقامة، وكذلك الشياطين تحتاج لمن يخرجها. فلماذا نقبل بعض الحقائق وننكر حقائق أخرى؟!
ولماذا نعتبرها قائمة فى حقبة زمنية، ونمحوها من حقبة زمنية أخرى؟ هل تغيرت طبيعة الإنسان؟ أم هل تغيرت أساليب تعاملات الله؟ هل تغير إبليس الزمن الماضى عن إبليس الزمن الحاضر؟ أم تغيرت الظروف والأحوال؟!.
الدكتور القس / صفاء داود فهمى..