د. مارسيل اسحق فرج
أدركت
مريم إنه لا راحة ولا سعادة إلا عند قدمي الحبيب، فأسرعت لتقدم أثمن العطور :
"طيب ناردين" ودهنت به قدمى الرب يسوع. (يو3:12) ولمّ لا؟ لقد جلست بحب
وإصغاء عند قدمى يسوع لتسمع وتتعلم منه، بل اختارته نصيباً
صالحاً لا ينزع منها.. لقد أيقنت أن الحاجة إلى واحد ؛ هو يسوع المسيح، لذلك لم
تتأخر، ولم تقدم أعذاراً، ولم تقدم له أشياء بلا قيمة، بل قدمت أثمن وأغلى ما
تملكه، طيب ناردين..!
وهناك
مشهد آخر لإمرأة خاطئة، أتت بكل تواضع وخضوع، لتبل قدمى يسوع بدموع توبتها، طالبة
الغفران لخطاياها، ومسحت قدميه بشعر رأسها. ياللروعة..!، فتاج رأسها طرحته عند
قدمي الحبيب، لتتوجه هو على حياتها، بل
دهنت قدميه بطيب ناردين. (لو36:7-48). جاءت بقارورة طيب، وانحنت عند قدميه، من
ورائه باكية، وابتدأت تبل قدميه بالدموع، وكانت تمسحهما بشعر رأسها، وتقبل قدميه
وتدهنهما بالطيب.. قد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً. والذى يُغفر له
قليلاً يحب قليلاً. ثم قال لها المسيح : "مغفورة لك خطاياك".
وهذا
رجل أبرص، مرفوض من الناس. جاء عند قدمى يسوع ليقدم له الشكر والإمتنان، عندما حصل
على الشفاء من يسوع المسيح، (لو11:17-16) : "اذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة".
وفيما كانوا ذاهبين، طهروا. فلما رأى واحد منهم أنه قد طهر، عاد وهو يمجد الله
بصوت عظيم، وخر على وجهه عند قدميه، مقدماً له الشكر. وكان هذا سامرياً.. واحد فقط
من العشرة جاء وشكر..
وعند
قدمى يسوع نرى مرضى ومطروحين، لا طبيب لهم ولا دواء، نالوا الشفاء، لما أتوا عند
قدميه.. وعند قدمى يسوع المكتوب عنهما : "ساقاه عمودا رخام مؤسستان على
قاعدتين من إبريز" (نش15:5) رمز القوة والثبات.. نجد الراحة والسلام، نجد
الحب والوئام، نجد المعرفة والعشرة والسعادة مع شخصه الحبيب! ولماذا عند قدمى يسوع؟
انه المكان الأمثل لتقديم السجود والتعبد والخضوع..
عند
قدمى يسوع ينكس العابد رأسه ليحظى بالراحة ويلقى السلام.. وعند قدمى يسوع يرى
الإنسان آثار المسامير فيتذكر الصليب، ليكون مصدراً لغفران الخطايا، ويشعر بسعادة
الغفران، وعند قدمى يسوع يقدم العابد أغلى الأطياب، لتفوح فى كل مكان، تعلن أن
الرب هو أغلى نصيب..
وعند قدمى يسوع يجد العابد كل الشفاء، فيهرب المرض
والداء.. وعند قدمى يسوع نأخذ منه التعليم الروحى، فنتمسك بخطواته، ولا تزل
أقدامنا.. وعند قدمى يسوع نجد المرساة لنفوسنا التائهة، فنحظى بسلامه العجيب..
سيدى يسوع المسيح، يا من خلقتنى لأحيا لك.. سأظل طيلة عمرى عند قدميك فى المكان
الأروع، لراحتى وسلامى.. سأقبلهما بقبلات الحب، وأدهنهما بطيب الشكر والعرفان،
وأمسحهما بتاج رأسى.. نعم وإلى الأبد..