د. القس / صفاء
داود فهمى
إذا امتحنت نفسك جيداً، وكشف
لك الروح القدس خطايا وشهوات وخصام وعثرات، فهل يجب أن تتقدم للتناول من مائدة
الرب أم تنسحب ولا تتناول لئلا تكون مجرماً فى جسد الرب ودمه؟
من المهم جداً أن نعرف
المعنى الدقيق لما قصده الرسول بولس بقوله : "إذاً أى من أكل هذا الخبز، أو
شرب كأس الرب، بدون استحقاق، يكون مجرماً فى جسد الرب ودمه" (1كو27:11) .. إن
إدراكنا الدقيق لمعنى هذه العبارة يساعدنا كثيراً على التقدم لمائدة الرب والتناول
منها بشكر وفرح.
المعنى الأول : يقصد الرسول بهذه
العبارة توجيه التحذير للمستخفين واللامبالين، لا منع الضعيف الإيمان أو المتواضع
القلب. فالأكل والشرب "بدون استحقاق" هو إتيان الإنسان إلى مائدة الرب
بلا إهتمام ولا وقار ولا إيمان ولا توبة ولا تواضع، ولا يدرك ما تشير اليه هذه
الرموز المقدسة، ودون فهم الإلتزام المفروض تجاهها..
المعنى الثانى : الواضح أيضاً أن
أعضاء كنيسة كورنثوس أكلوا وشربوا بدون إستحقاق، وبدون تمييز لجسد الرب ودمه، فقد
جعلوا مائدة الرب مائدة لهم، ولم يميزوا بين عشاء الرب وعشائهم العادى السابق
لعشاء الرب، والذى كان ينبغى أن يكون وليمة محبة. يمكننا القول إن كل ممارساتهم
كانت تتم بلا مبالاة، وبلا أدنى إهتمام
المعنى الثالث : التحذير هنا
موجه لهولاء الذين بسبب إنشقاقاتهم وكبريائهم الطبقى، مزقوا الكنيسة ووحدتها. إن
الشخص الذى ياكل ويشرب بدون إستحقاق، هو الشخص الذى لا يدرك ان كل الكنيسة هى جسد
المسيح، فلا ينبغى إذن التقدم إلى هذه المائدة، وفى داخل القلب إنقسام أو روح خصام
أو كراهية أو حقد أو مرارة، أو إحتقار للأخ "الأصغر" فى الكنيسة..
المعنى الرابع : يظن بعض المؤمنين
أن هذه الآية تغلق الباب أمام الذين يخطئون، بعد أن قبلوا المسيح مخلصاً شخصياً
لهم. ويبدو أن فهمنا للآية جاء فهماً معكوساً. فالرسول يطالبنا، بعد امتحان النفس
وفحصها، أن نتقدم و"نأكل من الخبز ونشرب من الكأس" إن الرسول يطالب من
يقر بخطاياه أن يتقدم ولا يمتنع. ان المبدأ الكتابى الثابت هو ما يعلنه الحكيم
قائلاً "من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يقر بها ويتركها يُرحم" (أم13:28) إن
التمتع بمائدة الرب وفوائدها الروحية، مرتبط اساساً باعترافنا بخطايانا، وإدراكنا
الواعى لما صنعه المسيح لأجلنا.