المرأة في فكر الله .. (2)
ايفيت يني جبرائيل ..
أعزائي القراء.. تناولنا في العدد الماضي بعض النقاط التي تؤخذ كذريعة للانتقاص من قدرالمرأة، مع الرد عليها وتفنيدها. وكانت النقاط هي :- المرأة سبب دخول الخطية إلي العالم.. الفكر اليهودي وتأثره بالفكر الوثني.. الاستناد ألي رأى سليمان في زوجاته.. وفي هذا العدد نستكمل باقي النقاط، ونرد على الاعتراضات مثل :
* المرأة تخضع تماماً للرجل، لأنه الرأس :
وهذا المفهوم مبنى على قول الرسول : "أيها النساء اخضعن لرجالكن كما يليق في الرب" (كو18:3) لاحظ عبارة "كما يليق في الرب" وقارنها بعبارة "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" وفي ضوء هذا المفهوم، ترى هل يجب أن تطيع الزوجة زوجها إذا طلب منها أن تسرق أو تكذب ؟! ماذا عن أبيجايل التي تصرفت بحكمة وأنقذت حياة زوجها؟ فلو كانت استشارت زوجها، هل كان سيوافقها؟ وإذا عدنا إلي قاعدة الخلفية التاريخية، وهي احدي قواعد التفسير لكلمة الله، نجد أن الرسول بولس كان يعالج مشكلة علاقة الزوجة المؤمنة، الآتية من خلفية وثنية، بالزوج غير المؤمن. كما أن الرسول لم يقل، أيها الرجال اخضعوا زوجاتكم، أي انه لم يرد للنساء أن يخضعن جبراً.. فمعنى خضوع المرأة هنا هو طواعية، وبكامل إرادتها. وبحسب قاعدة الوحدة في التفسير نعود للآية التي تقول : "اخضعوا بعضكم لبعض في خوف الله" وبذلك يؤكد الرسول على ضرورة الخضوع المتبادل : فالزوج ينبغي أن يعرف أن زوجته شريكته في الحياة، وأيضاً في اتخاذ القرارات المصيرية.. وكم من قرارات انفرد بها الزوج وكانت كارثة!
أما كلمة "الرأس" التي استخدمها بولس هنا، فهي "كيفالي" Kephale . ومعناها في اليونانية ليس التسلط، بل"مصدر حياة" أي يحب ويرعى..
وإذا كان يوجد إصرار لدى البعض على أن مفهوم الرأس هو السيادة أو المكانة الأعلى. فما رأيهم في قول الرسول : "وأما رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله" (1كو3:11) فهل تفسر هذه الآية على أن الرجل أعلى مقاماً من المرأة، فيكون بذلك الله (أو الآب) أعلى مقاماً من المسيح؟! هل يقبل أى مسيحي أن يكون الابن أقل من الآب؟
وجدير بالذكر أن التسلط من جانب الرجل، نتج من اختلال في العلاقة التي كانت تعنى المساواة والاحترام المتبادل بين آدم وحواء، بسبب السقوط.. فإذا سلمنا بأن المسيح استرد كل ما سُلب منا في الصليب، فلماذا لا نعترف باسترداد مكانة المرأة أيضاً؟!
* صمت النساء في الكنائس، ماذا يعنى؟
عندما يقول الرسول "لتصمت نساؤكم في الكنائس الخ" (1كو34:14) فهذه العبارة لا يجب أن تفسر حرفياً، أو تنزع من سياقها.. فقد كان في كنيسة كورنثوس ظاهرة جعلت الرسول يوصى بمعالجتها، وهي أن النساء كن يسألن بصوت عال أثناء تقديم الوعظ أو التعليم، فأراد الرسول أن يصحح هذا الخطأ.ولذا أكمل بعد ذلك قائلاً : "ولكن أن أردن أن يتعلمن شيئاً فليسألن رجالهن في البيت" هذا هو المقصود بالقول "لتصمت نساؤكم" انه الصمت عن توجيه الأسئلة، أثناء الاجتماع.. بينما نجد في (1كو11: 5) الرسول يجيز للمرأة أن تصلى وتتنبأ، تماماً كالرجل، بشرط أن تغطى رأسها..
أما قول الرسول "لتتعلم المرأة بسكوت" (1تى11:2) فان المعنى في الأصل اليوناني. (هيسوشيا Hesuchia) أي يحصلن على التعاليم في هدوء..
* ما معنى قول الرسول : "ولكن لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل؟" (1تى12:2).
كلمة تعلم هنا (أوثنتين authentien). وكانت مصاحبة للعبادة الوثنية. ومعناها ينطوي على طقوس جنسية! وكان الرسول هنا يعالج مشاكل خاصة بالمؤمنين الآتين من المجتمع الوثني، إذ كانوا متأثرين ببعض التقاليد الوثنية .. فقد كانت الكاهنات في الهياكل والمعابد الوثنية يقمن بالتعليم للرجال، وكان الزنا من أهم الطقوس عندهم!! وكان قصد الرسول هو منع هذا النوع من التعليم في الكنيسة على يد بعض النسوة اللائي لم ينضج إيمانهن بعد، ولم يكن لهن دراية كافية بالتعاليم اللاهوتية!
إذاً الهدف من كلام الرسول بولس هنا، هو منع بعض النساء، من خلفيات وثنية، من القيام بالتعليم، في الكنيسة، على غرار ما كان يحدث في الوثنية..