يحرره : جورج اسحق ..
جلست امام الكمبيوتر اتصفح البريد الالكتروني الخاص بي, فلي أكثر من عشرين يوما لم أقترب منه, أذهلني عدد الرسائل به! وبدأت أحذف ما لا أريده وما لا يفيدني. واستوقفتني هذه الرسالة بعنوان "العواصف". بدأت بقرائتها. وللحقيقة انبهرت بما رأت عيناي. حيث أن هذه الزاوية, لرؤية مشهد الصليب, قليلون من ينظرون منها, واقل من يتطرقون لفتح هذا الموضوع من هذه الزاوية. وعليه رأيت أن أترك الموضوع لكم لقرائته, وهو للشاعر الكبير جبران خليل جبران..
العواصف :
الانسانية تري يسوع الناصري مولوداً كالفقراء, وعائشا كالمساكين، مهانا كالضعفاء, مصلوبا كالمجرمين .. فنبكيه ونرثيه ونندبه. وهذا كل ما نفعله لتكريمه..
منذ تسعة عشر قرناً والبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع. ويسوع كان قويا, ولكنهم لا يفهمون معني القوة الحقيقية.
ما عاش يسوع مسكينا خائفاً, ولم يمت شاكياً متوجعاً! بل عاش ثائراً, وصلب متمرداً ومات جباراً!
لم يكن يسوع طائراً مكسور الجناحين بل كان عاصفة هوجاء, تكسر بهبوها جميع الآجنحة المعوجة!
لم يجئ يسوع من وراء الشفق الازرق ليجعل الالم رمزا للحياة, بل جاء ليجعل الحياة رمزاً للحق والحرية..
لم يخف يسوع مضطهديه, ولم يخش اعداءه, ولم يتوجع أمام قاتليه!
لم يهبط يسوع من دائرة النور الاعلي, ليهدم المنازل, ويبني من حجارتها الأديرة والصوامع, ويستهوي الرجال الأشداء ليقودهم قساوسة ورهبانا .. لم يجئ يسوع ليعلم الناس بناء الكنائس الشاهقة, والمعابد الضخمة في جوار الاكواخ الحقيرة, والمنازل الباردة المظلمة! بل جاء ليجعل قلب الانسان هيكلاً, ونفسه مذبحاً وعقله كاهنا!
هذا ما صنعه يسوع الناصري, وهذه هي المبادئ التي صلب لأجلها باختياره الكامل وباصرار تام .. ولو عقل البشر لوقفوا اليوم فرحين متهللين منشدين أهازيج الغلبة والانتصار!
إن اكليل الشوك علي رأسك هو أجلّ وأجمل من تاج بهرام والمسمار في كفك أسمى وأفخم من صولجان المشتري, وقطرات الدماء علي قدميك أسني لمعاناً من قلائد عشتروث!!
فسامح ياسيد هؤلاء الضعفاء الذين ينوحون عليك, لا يدرون كيف ينوحون علي نفوسهم, وأغفر لهم لأنهم لا يعلمون انك :
صرعت الموت بالموت، ووهبت الحياة لمن في القبور!