الجمع الكثير الخارج من الضيقة العظيمة..
القس / عزيز مرجان ..
رئيس المجمع الخمسينيى بمصر..
"بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ" (رؤيا9:7).
بعد رؤيا الأسباط المختومين، وهي الجماعةالأولى التقية ، نظر يوحنا جماعة أخرى. فهو يقول : "جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ" فلا يقدر أحد أن يحصى عدداً معيناً لهذا الجمع..
إن كان يوحنا نفسه قد رأى فى (ص16:9)جيشاً قوامه مئتاالف الف, وذكر عدده، ولكن هنا لم يستطع أحد أن يذكر تعداد هذا الجمع، لا يوحنا ولا غيره. وذلك دلالة على الكثرة الرهيبة! فهل نصدق أو يقبل العقل أن هذا الجمع الكثير، الذى لم يستطع أحد ذكر عدده، أن يكون هو الأمة اليهودية التى قال عنها الكتاب "البقية التقية التى ستخلص؟" بالطبع لا.. والسبب الآخر فى كون هذا الجمع ليس الأمة اليهودية، هو أن الجمع من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة.. وهل الأمة اليهودية مشكلّة من أمم وقبائل وشعوب والسنة، أم هى أمة واحدة؟ إذاً ليسوا هم الأمة اليهودية.. وقول الرائى : "واقفون أمام العرش وأمام الخروف" فهذا دليل قاطع على أنهم الكنيسة، هم المؤمنون الذين سيحضرون الضيقة، ويخرجون منها، ويقفون أمام العرش، وأمام الخروف وهم متسربلون بثياب بيض، لأنهم اغتسلوا بدم الخروف. ونلاحظ أن الأمة اليهودية ليس لها نصيب فى دم الخروف، أما المؤمنون بالمسيح فهم الذين لهم دم الخروف، ومكانهم فى السماء، أما سعف النخل الذى بأيديهم فهذا علامة الهتاف والفرح والانتصار، إذ انتصروا على الوحش وسط الضيقة، وهم يحّيون الخروف الذى أعطاهم الغلبة.. وأرجو أن تعرف - عزيزى القارئ - أنهم دخلوا الضيقة العظيمة زمن وجود الوحش..
وهذه الجماعة تختلف عن جماعة فيلادلفيا (ص10:3) إذ يقول الرب لملاك هذه الكنيسة : "لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِي، أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ" أى أدخلك إلى التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله، وهى الضيقة العظيمة. فتوجد فئة الغالبين , وهم الباكورة الذين لن يكونوا موجودين ساعة التجربة (الضيقة العظيمة) أما هذا الجمع الكثير، الذى نحن بصدده، فيقول الشيخ ليوحنا: أنهم أتوا من الضيقة العظيمة، أى حضروا هذه الضيقة وخرجوا منها قبل نهايتها، ووصلوا إلى عرش الله غالبين، بعد أن كانوا فى الضيقة، وصلوا إلى مستوى الغالبين. لقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الخروف. أى أن هؤلاء كانت ثيابهم متسخة، وكانت شهادتهم ملامة أمام الله، وأمام الناس، فبيضوها بدم الخروف. لأنه لا يليق بسكان السماء أن يلبسوا ثياباً متسخة. بل يقول : "يمشون بثياب بيض" فأوصانا أن تكون ثيابنا بيضاء، وأوصانا أن نحافظ عليها. والوسيلة للغسل والتبييض هى دم الخروف.
فهذا الجمع هو الكنيسة، ولا يمكن أن يكون الأمة اليهودية كما يقول البعض، لأن الأمة اليهودية ستحضر الضيقة كلها، لأنها تسمى "ضيقة يعقوب" وسيعرف اليهود ملكهم الحقيقى عند بدء الملك الألفى فقط، بعد زمن ملء الأمم، وملء الأزمنة. ويذكر عنهم فى (زك10:12) "وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ (أنا) الَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ" وأيضاً فى (رؤ7:1) "هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ" فهم سوف يستفيقون عندما يروه بالعيان. فهم لا يخرجون من الضيقة..
أما هؤلاء، أى الجمع الكثير، فقد أتوا من الضيقة، بعد أن غسلوا ثيابهم وبيضوها فى دم الخروف.. فيا للعجب.. أن نرى الرب فى وسط الضيقة، قد أعطى فرصة للمغلوب، ليصبح غالباً!!