شريعة المرأة المسبية ..
د / شهدي جاد ..
الحق الكتابى الصريح لا يحتاج إلى مساندة أو مساعدة، ولا إلى قص أو تلزيق.. ومن يجروء على ذلك؟! وهناك تحذير شديد من الإضافة أو الحذف، ناهيك عن الضرر الجسيم من إدخال نار غريبة فى عمل الله؟ لأجل ذلك ليس أمامنا خيار آخر غير الطاعة الكاملة والخضوع المطلق لسيد الخلق أجمعين.. وأعلنها صراحة وبفخر أننا تذوقنا حلاوة كلمة الله، فضلاً عن أن بها كل ما نحتاجه فى أيام غربتنا من تعزية وتشجيع وإرشاد. ولهذا فقد فشل العدو، فشلاً ذريعاً فى إجراء صفقة متبادلة فى أن ننكر الحق، ولا ندافع عنه. وبهذا نتجنب الألم، وحمل العار، والسباحة ضد التيار..
وفى المقابل إرضاء الناس والسير فى موكبهم. ومن ثم لقاء مصيرهم.. فالشهرة.. ومسح الجوخ.. ناهيك عن المناصرة والتأييد أصبحت من السلع المسعّرة، والتى تلقى رواجاً كريماً وشهيراً بين خلق الله.. وفى الأخير لا يهمهم مصيرهم المحتوم، ونهايتهم المخجلة، طالما أن السير مع التيار مريح ومربح، ويجلب لهم الأفراح بدل الأتراح، والثراء السريع، بدلاً من انتظار المجد العتيد!
ونعود ونكرر: أنه لا ندم فى السير معك يا سيدى، حتى لو الطريق كرب، والباب ضيق، والخسارة الزمنية فادحة! فلا ننسى إطلاقاً أنك أنت الأمان، وأنت الضمان.. ومن أوضح التعاليم التى كشفها لنا الروح القدس على سطور الوحى : هى مسئولية المؤمن المباشرة فى تحديد مصيره الأبدى من حيث المكانة والمنزلة (يو2:14) والرتبة (1كو23:15) والميزة (1كو41:15) والنوعية (2تى20:2).. مع الأخذ فى الاعتبار (لكى لا نفهم خطأ) أن المؤمن الحقيقى، المولود من الله، لا يمكن أن يهلك (يو28:10).
ولكن يا سادة، كلمة الله النقية تحرض كل المؤمنين على حياة القداسة، وحمل الصليب، والترفع عن كل ما هو عالمى، مع التحذير الشديد لكل من يتهاون فى هذا الأمر. وكل هذه التحريضات، لكى تقود المؤمن ليكون أخيراً على مستوى العروس..
وأقولها صراحة وبشجاعة : إن موضوع الرفض من هذه الميزة واضح وضوح الشمس، فى العهدين. فمثلاً يحذر الرب بطرس قائلاً : «إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَليْسَ لكَ مَعي نصِيبٌ». (يو8:13) وبولس يحذر نفسه قائلاً : "حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا" (1كو27:9). ومرة أخرى يقول : "إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا" (2تى12:2)
وعلى الرغم من أننا تعلمنا منذ الصغر أن كل المؤمنين، شرعاً، سيكونون من العروس بمجرد الإيمان فقط، مهما تكن الحالة الأدبية، بحجة أن الرب نفسه هو المسئول عن أن يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة بلا عيب (أف27:5) ولكن هذا يا سادة يا كرام، نصف الحقيقة، لأننا نتكلم دائماً عن ما فعله الرب، ولكن نتغاضى ونغض الطرف، بقصد أو غير قصد عن مسئوليتنا نحن، بغية الهروب، والتملص منها، رغم قول الكتاب : "وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا" (رؤ7:19) وإذا سألتنى : معقول، مؤمن بعد الإيمان لا يستحق أن يكون من العروس، ويفقد هذه الميزة العظيمة، ويصبح فقط مجرد شخص أخذ حياة ولن يهلك؟ هذا ما وجدناه فى كلمة الله وبمنتهى الوضوح..
فى (سفر التثنية10:21) يتكلم عن الشروط والمسئوليات التى توجد فى المرأة المسببة لتصلح أن تكون زوجة للشخص الذى سباها، ويريد أن يأخذها له زوجة. ومن المعروف أنها تشير إلى شعب الله الذى سباه المسيح من مملكة إبليس. وأصبحوا مرتبطين به شرعاً. ولكن حتى يستمر هذا الارتباط، ويتحقق كلية وبالكامل، لابد أن تقوم المرأة بعمل خمسة أمور :
* تحلق رأسها : التنازل عن الأمجاد العالمية (1كو15:11).
* تقلم أظافرها : القضاء على أعمال الجسد (2كو1:7).
* تنزع ثياب سبيها : خلع كل القديم (رؤ12:13وأف22:4).
* تقعد فى بيتك : استمرار الوجود فى محضر الله (مز4:27ولو37:2).
* تبكى أباها شهراً من الزمان : نسيان العلاقات القديمة (مز10:45ولو29:18).
وأخيراً يقول : إن لم تسر بها.. أطلقها لنفسها.. لا تبعها، بيع فضة، ولا تسترقها، من أجل أنك قد أذللتها.. هذه المرأة يا سادة لا تصلح أن تكون زوجة لأنه لم يسر بها.. معقول؟! اقرأ كويس القصة..
لاحظ أنها لن ترجع مرة أخرى للعبودية، ولا إلى أهلها. ولكن سيطلقها حرة، لأن عطاياه بلا ندامة. لكن فشلت فى أن تكون زوجة، لأنها لم تنفذ المسئولية الكاملة، ولم تسر قلبه، ولم تهيئ نفسها له.. ما رأيكم يا سادة يا أفاضل فى هذه القصة التى قرأناها عشرات المرات؟ وهل هى كُتبت للتسلية، أم لتعليمنا وإنذارنا؟ هل بعد ذلك نتجرأ ونقول : أن المؤمن الذى لا يسر قلب الله، يصلح أن يكون من العروس؟ ونضرب هذه الأمثلة والآيات بعرض الحائط؟ ثم ما الفائدة من هذا التمرد على كلمة الله، وما هو الضرر من هذه التعاليم الصافية الصادقة؟ أظن أن ليس لها أى ضرر، بل بالعكس ستقودنى إلى الانضباط والاتزان والصراع المقدس مع الذات، والجهاد المستمر المتواصل، والسباحة ضد التيار.. وإذا قلت يا عزيزى : إلا تقودنى هذه التعاليم إلى الخوف المستمر، ومن ثم القلق؟.. أقول : وما هو الضرر من هذا النوع من الخوف، ألم يقل الكتاب "تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" (فى12:2) و"فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ" (1بط17:1) و"مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ" (2كو1:7) و"اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ" (مز11:2) و"خـَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فـِي خَوْفِ اللهِ" (أف21:5) والعكس تماماً.. عكس هذه التعاليم يقودنى إلى التسبب، وفعل الخطية بدم بارد. طالما أعرف فى قرارة نفسى أنه لا مسئولية علىّ تذكر، طالما المكان محجوز مسبقاً. ولماذا حياة القداسة إذا كنت أمتلك كل المواعيد بمجرد الإيمان فقط، وأصبح الكتاب بآياته ليس له أدنى تأثير، بل مجرد قراءات مشجعة.
أخيراً عزيزى : إذا كنت تشعر بالعجز أمام الآيات التى تضعك على خط النار فى حرب بلا هوادة.. لا تفشل، لا تهرب، لا تستسلم. ما زالت الفرصة أمامك، والرب مستعد أن يذيقك حلاوة الانتصار، ومتعة الغلبة، وراحة الضمير. بشرط أن تكون مخلصاً..
د. شهدي جاد ibrhimisaac@yahoo.com
م/ 0101274765