الأب / باسيليوس
راعى كنيسة الكاثوليك بالمنيا
قدمنا فى العدد الماضى لجناب الأب باسيليوس الحلقة الأولى من العدو الأعظم المتمثل فى والقلب وفى هذا العدد نقدم الحلقة الثانية من العدو الأعظم المتمثل فى الذهن ..
قارئي الحبيب ...
" كثير من المشاكل التى نتعرض لها ترجع لفكرة خاطئة زرعت فى ذهنك عن طريق ما ، ولم تحاربها وشجعتها وتركتها تنمو وتثمر حتى أصبحت تتحكم فى ردود أفعالك وتقود حياتك .
فعندما تزرع فى ذهنك فكرة خاطئة عن شخص ما وتتركها تنمو ، وتسمح لكلمات الناس السلبية أن تكون المياه التى تساعدها على النمو سوف تصل لمرحلة عدم القدرة على التعامل مع هذا الشخص ليس لأنه سئ لكن بسبب فكرتك السيئة عنه .. هذا يحدث أيضا فى علاقتك مع الله ، وعندما تسمع و تفهم تعليماً خاطئاً عنه أو تقرأ بعض الآيات فى الكتاب المقدس ولا تفسرها تفسيراً سليماً فلن تستطيع ان تتعامل معه ، بل ستلوم الله على الأشياء السلبية التى تتعرض لها فى حياتك لكن الكلمة تعلن " تغيروا عن شكلكم .
بتجديد أذهانكم ، لتختبروا ما هى إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ( رو 12 : 2 ) حينئذ تستطيع أن تنظر للأمور برؤية جديدة ونظرة سليمة .
قارئ الحبيب ..
قد يكون ذهنك أيضا هو عدوك الأعظم ، فاحذر هذه الأنواع من الأذهان التى تعد باباً يدخل منه إبليس .
( 1 ) الذهن الممتلئ بالظنون .
هذا الذهن يمتلئ دائما بالأوهام أو ما يتخيله انه حقيقة فيفتح ثغرة يدخل منها الشيطان ..
تذكر معى يعقوب عندما حزن اثنين وعشرين سنة لأنه كان يعتقد ان ابنه يوسف مات هذا ما أوهمه به أبناؤه وفى الوقت نفسه كان يوسف حياً ويحتل مكانه عظيمة فى مصر .
احذر قارئ الحبيب ..
عندما يكون ذهنك معملاً للظنون السيئة سوف يستخدمه الشيطان لكى يدمر حياتك .. كثيرا ما نظن أن الآخرين يسيئون إلينا دون ان نرى شيئا على ارض الواقع فهى مجرد أوهام لكن الكتاب يقول " منطقوا احقاء ذهنكم " ( 1بط 1 : 13 ) عندما تبدأ الظنون فى مهاجمتك حاربها وأوقفها ولا تعطها الفرصة لتمتلك عليك ..
( 2 ) الذهـن الأعمـى :
وهو الذهن الذى يرى الأمور من وجهة نظره هو فقط ولا يعطى فرصة لنفسه أن يرى كيف يفكر الآخرون ولا يسمع لهم لكنه دائما يرى انه على حق .. إذا كنت تفكر بهذه الطريقة اعلم انك تفتح الباب للشيطان لكى يدخل حياتك .. عندما تنظر لإنسان هل ترى صفاته السلبية فقط ؟ وحينئذ تشعر انك غير قادر ان تتعامل معه بينما إذا نظرت إليه نظرة ايجابية ستكتشف صفته الحسنة ووقتها ستختلف الأمور
وعندما تنظر الى نفسك نظرة سيئة لأنك لم تحقق تقدما فى جانب من جوانب حياتك ستعيش تعيساً لكن الحياة لها زوايا أخرى كثيرة تعلم ان الأمور بأكثر من زوايه ولا تنظر فقط للجزء الفارغ من الكوب..
( 3 ) الذهن الذى يحلل كل شئ :
كم منا هذا النوع يحلل كل شئ ؟
كم منا دائما يريد ان يعرف كيف ؟ متى ؟ أين ؟ لماذا ؟
مع ان هناك من الأمور لا يمكن فهمها فى الوقت ذاته ..! ولا تستطيع أن نمتلك الفهم الكامل .. والمعرفة التامة لمشيئة الله فى كل الأمور ، كذلك ليست كل كلمات الناس تحمل معانى سيئة وليس كل ما يقال يجب تحليله فالعديد من العبارات والألفاظ التى نسمعها قد لا يقصد بها شئ بعينه .. فهناك من يسمع كلمات الناس ، ويبدأ فى تحليلها ويرى دائما أن لها معنى وقصد .. دائما يبحث ويحلل كل شئ لكن احذر .. الذهن الذى يحلل كل شئ ليس فى صالحك لكنه عدوك .. ! فعندما تبحث وتحلل كل تعطى فرصة الشيطان لكى يحلل معك ويعطيك التفسير الخطأ .. فإذا كانت مشاعرك متعبة أو تمر بظروف صعبة سوف تحلل كل شئ فى الاتجاه السلبى ،
الشيطان يستخدم مشاعرك الحزينة والمجروحة ويدفعك للتحليل الخطأ للأمور . على سبيل المثال إذا كنت تمتلئ بالمرارة وسألك احدهم عن حال عملك وأسرتك فسوف تجيب كل الإجابات السيئة والسلبية ، لأنك تحلل الأمور من الجانب السيئ ومن خلال نفسيتك المتعبة ..
والآن قارئ الحبيب ...
انتبه فقد يكون عدوك الأعظم ليس بعيداً عنك لكنه داخلك ..
وهل تحمل بعض الأفكار الخاطئة او بعض الظنون السيئة عن الآخرين ، أو يساورك الشك تجاه بعض الناس أو لديك أفكار خاطئة عن الله ؟؟
إذا كنت تحمل فى قلبك كراهية لأحدهم لأنك تعرضت للإساءة منه سوف تعيش مقيداً بهذه الكراهية ..
تعلم أن تغفر له ، لكى تصبح حراً .. الحب شفاء وحرية