د. شهدي جاد
ليسمح لي القارئ الكريم أن أوضح نقطة في غاية الأهمية وهي أن بعض القراء فهموا خطأ أننا نقصدهم ونحاربهم ونشوش على معتقداتهم ولا بد أن نهدئ من لهجتنا ونحترم مشاعر الآخرين ولكنني بكل حب أعلنها صراحة أننا لا نقصد إطلاقا شخصا أو كنائس ولكننا نقصد تعاليم خاطئة قادت الناس لفترة طويلة إلى الانتهازية واستباحة الشر والاتكال على المواعيد دون الانضباط في السلوك ثم نسعى جاهدين لقيادة الناس إلى كلمة الله النقية والخضوع لها والبحث المستمر فيها دون توقف مع الأخذ في الاعتبار أننا سنظل نحترم الجميع بلا استثناء لأنهم أخوة لنا في المسيح ولا مكان فيه للافتخار على أحد .
ومن أغرب التفسيرات التي سمعناها طوال حياتنا هي تلك القائلة أن كل مؤمني العهد القديم الأجلاء ما هم إلا أصدقاء العريس ولهذا سيكون ميراثهم أرضيا وليس سماويا وكل العظماء منهم ابتدءاً بأخنوخ مرورا بإبراهيم وموسى وإيليا وانتهاء بالمعمدان كلهم على حد سواء أصدقاء العريس وذلك بشهادة المعمدان آخر الأنبياء والمرسلين في العهد القديم ويترتب على ذلك أن هذه الكوكبة العظيمة المضيئة من أتقياء وأنبياء العهد القديم مساكين وغير محظوظين مثلنا لأن المفسرين عباقرة هذا الزمان قرروا من خلال تفسيراتهم الموروثة أن يحرموهم من الميراث السماوي ليصبحوا في نهاية المطاف من سكان الأرض الجديدة ...
فأخنوخ الذي سار مع الله واختطف إلى السماء سيعود عنوة إلى الأرض وإيليا تعطلت مركباته النارية وتغير مسارها ويكفيها أن تحط على الأرض الجديدة وإبراهيم الذي كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات فجأة قرر هؤلاء المشاهير والذين يسكنون القصور ويلهثون في البحث عن الشهرة عبر الفضائيات والطيران حول الأرض من أدناها إلى أقصاها وهم يرتدون أفخم الثياب ويمتلكون أرصدة كبيرة من المال ويرفضون إنكار الذات جملة وتفصيلا قرروا وأصدروا أحكاما على إبراهيم ساكن الخيام وباني المذبح أن يتحول مصيره إلى ميراث أرضي أما هم فبكل بجاحة وبدون خجل سوف يتبوأون العرش السماوي عن يمين الابـن ،
لأنهم الأجدر والأحسن والأوفر حظا غير واضعين في الحسبان كلمات الرب عن إبراهيم والتي تقول " سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون في حضن إبراهيم" ناهيك عن موسى الذي حسب عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر إلى المجازاة ، نعم لقد أعلنوا النتيجة وأصبحت المجازاة هذه ما هي إلى أنه من أصدقاء العريس وميراثه أرضي باختصار شديد هم يقولون كلاما والكتاب العظيم يقول كتابا آخر فوا أسفاه . ! هم يقولون أن ميراث هؤلاء أرضي ويا للحسرة ، والكتاب يقول أن ميراثهم سماوي ويا للنصرة .
ألم تقع أبصارهم على كلمات الوحي المضيئة كالشمس بأنهم " كانوا يبتغون وطنا أفضل أي سماويا لذلك لا يستحي الله أن يدعى إلههم لأنه أعد لهم مدينة " (عب 16:11) هذه هي المكافأة يا أعزائي أعد لهم المدينة التي هي أورشليم السماوية .
ثم أن هناك فتوى كبرى محفوظة عن ظهر قلب ويرددونها في اجتماعاتهم دون مراجعة وهي أن الكنيسة لم يعلن عنها الكتاب في العهد القديم بحجة أنها سر مكتوم وأن أول إعلان عنها كان في تاريخ ميلادها وهو يوم الخمسين..
وإلى جانب أن العهد القديم يمتليء بالرموز الكثيرة عن الكنيسة فهناك أيضا الكلام المباشر عنها مثل مز 22:22 أخبر بإسمك أخوتي وفي وسط الجماعة أسبحك والجماعة هي الكنيسة التي جاء في عب 12:2 هذا إلى جانب ما جاء في مز 45 والذي يتكلم عن إبنة الملك ومن الغريب أن نجدهم يتكلمون بكل صراحة عن إبنة الملك بأنها الكنيسة وإذا سألتهم هل أشار الكتاب إلى الكنيسة في العهد القديم يقولون ولا مرة يا للهول .
ولا ننس سفر النشيد وخصوصا كلماته عنها (إي الكنيسة) أنها واحدة هي حبيبتي فهل ستكون غير الكنيسة ؟ وإن كانت الأمة اليهودية هي المقصودة
إذ ليس غيرها على الإطلاق لأنها كما قيل واحدة ثم ألم يقل اسطفانوس عن الكنيسة في أع 38:7 هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية مع الملاك الذي كان يكلمه في جبل سيناء ، لكن هناك سؤالا أخير لماذا بنى هؤلاء القوم تعاليمهم هذه وما هي أدلتهم على أن مؤمني العهد القديم ليسوا من الكنيسة بل مجرد " أصدقاء العريس " ؟ لقد اعتمدوا على اية واحدة قالها المعمدان فى (يو 3 : 29 ) وهى أن صديق العريس يفرح.. وفرحى الآن قد كمل ..
ولكن لنرجع إلى الخلفية التاريخية والنبوية لهذه الآية : ففى أيام المعمدان كان لكل عريس صديق يعد له الطريق للارتباط بعروسه ويوحنا المعمدان هو الشخص الوحيد بين كل أنبياء العهد القديم الذى قام بهذا الدور اذا اعد الطريق أمام الرب وهيأ له المناخ العام ليتحول الناس من جو العهد القديم ، لاستقبال العريس المبارك ليؤسس كنيسة العهد الجديد .
ولقد تنبأ اشعياء النبى انه صوت صارخ فى البرية " أعدوا طريق الرب " ولذلك قام المعمدان بهذا الدور لاعداد الشعب للملكوت الجديد ولذلك قال بعد إتمام مهمته " ينبغى أن ذاك يزيد ، وانى انا انقص " ولهذا لقب نفسه بـ " صديق العريس " وليست هذه قاعدة تطبق على كل مؤمنى العهد القديم ، وإلا لأخبرنا الكتاب بأنهم :" أصدقاء العريس " ولكن هذه الجملة لم ترد إطلاقاً كلمة أصدقاء لا وجود لها فقط كلمة صديق وعن المعمدان فقط .
وحقاً من اجل الفهم الخاطئ لهذه الآية اضطر هؤلاء للتضحية بالأم لأجل الجنين ..! فلقد ضحوا بكل تعاليم الكتاب لأجل هذا الإعلان الغير مفهوم لهم ، فتحول ميراث مؤمنى العهد القديم من سماوى إلى أرضى ، وبدلاً من أن يكونوا هم الأصل فى البركات ، أصبحنا نحن الأصل ولكن لو قرءوا ( رو11 : 17 ) لوجدوا العكس ، فقد جاء فيه " فان كان قطع بعض الأغصان وأنت زيتونة برية طعمت فيها فصرت شريكاً فى أصل الزيتونة ودسمها ، فلا تفتخر على الأغصان " هم الأصل والأساس ، ونحن الشركاء ، نحن الذين نكمل عددهم وليس العكس ، فلن يكملوا بدوننا ( عب 11 : 40 ) فلن ننفصل نحن فى السماء وهم فى الأرض .. هذا كلام فارغ
أخيراً أقول : لقد اعتاد هؤلاء على الدفاع عن موروثات ولا يهمهم توقف العقل بحجة ان المسيح يريد ان يكون لنا الفكر الواحد ، ولا نريد الاختلاف .
ولكن أنا شخصياً أرحب بهذا الاختلاف الذى يقودنى إلى البحث المخلص ويكفى هذا التراث العقيم والذى توارثناه ورددناه دون مراجعة .
د . شهدى جاد 0101274765