القس / ثروت ثابت
وهبه
راعى الكنيسة الإنجيلية
بالعباسيةــ القاهرة
كتب الرسول
بطرس لجماعة من المؤمنين من أصل يهودى وأممى ، والذين بسبب إيمانهم الجديد بالرب
يسوع المسيح تعرضوا للضيق والألم الشديد ، فتشتتوا فى خمس مدن متفرقة فى آسيا
الصغرى ( بنتس ، غلاطية ، كبدوكية ، آسيا ، بيثنية ) .. فى الإصحاح الأول شجعه
بالقول إنكم مختارون من الله فأن كان العالم رفضكم ، لكن الله أختاركم ، وأعطاكم
حياة جديدة ، ميراث لا بفنى . وإن كانت التجارب كثيرة ومتنوعة ، فنعمة الله متنوعة
، والله حى وموجود ومسيطر على كل الأمور .. ثم دعاهم لحياة القداسة والمحبة .. أما
نحن نقترب من الأصحاح الثانى ، من الرسالة الأولى ، فنجد الرسول بطرس ، بوحى الروح
القدس ، يرسم لهم ملامح الكنيسة ، ووظيفتها الأساسية .. فتعالوا بنا نرى ما يلى :
1ـ مستقلة ومتميزة : والإستقلال لا يعنى الإنعزال عن المجتمع الذى نحيا فيه
، حتى وإن كان يضطهدنا ويكرهنا . لكن التعامل دون تلوث أو تأثير . ولقد كان
المجتمع الرومانى فى ذلك الوقت به أمراض روحية ومجتمعية كثيرة . لذا طالبهم الرسول
بطرس بطرحها بعيداً عنهم ، كما يطرح العامل ملابسه الملوثة بعد عودته من العمل .
من ضمن تلك الأمراض : الخبث . وهو أم الخطايا ، ويعنى الرغبة فى إيذاء الغير .
فالخبث هو من يفكر باستمرار فى ايذاء غيره . عكس
الخباثة : البساطة ، فالبسيط هو من لا يفكر
فى ضرر وأذية غيره . المكر : أى الخداع . والمكار هو من يخفى جانب معين من حياته ،
لينجو من موقف ما ، أو ليأخذ شيئاً ما . الرياء :
هو إدعاء ما ليس فيك ، وأن تظهر عكس ما تبطن . وهذا لن يوصلك لشئ ، لذا
فالأفضل الإعتراف بالحقيقة مهما كانت مرة . الحسد : هو الغيرة والغضب الشديد لأجل
حصول غيرى على شئ لم أحصل عليه ، فأتمنى زواله : المذمة : هى الإفتراء على الناس
واختلاق قصص كاذبة عنهم لم تحدث ( شائعات ) يمكن أن تدمرهم وتفتك بهم ..
ب ـ
مشتهية لكلمة الله : شبه الرسول بطرس الكلمة باللبن العقلى العديم الغش
( أى غير المخلوط بتعاليم أخرى ، كتعاليم
التهوديين أو العنوسيين ) وشبه المؤمن بطفل حديث الولادة ، يشتهى هذا اللبن لكى
ينمو . وهذا حق ، فكلمة الله لبن ، أى صالحة لحديثى الإيمان ، وهى خبز أيضاً صالحة
للبالغين . هى سلاح المؤمن للدفاع والهجوم على عدو الخير وحروبه المتعددة ، وهى
دليله فى بحر الحياة حتى لا يضل أو يتوه كما أنها مرآته تكشف له ذاته دون خداع أو
تزييف ، فيصحح ويعدل من نفسه ، كما أنها مصدر الحكمة والفطنة . " أكثر من
الشيوخ فطنت ، لأنى حفظت وصاياك " ( مز 119 : 100 ) ، وسر انتعاش وفرح المؤمن
مهما كانت ظروفه ." وجد كلامك فأكلته ، فكان لى للفرح ولبهجة قلبى " ( إر
15 : 16 ) ، وسر التشجيع ، فوعود الله فى كلمته سر قوتنا وسلامنا ..
وما سجل فى الكتاب من أحداث تاريخية تشجعنا ، فالتاريخ يثبت أن له سيد
ومدبر عظيم هو الرب إلهنا وسيدنا . فكما هو إله العبادة ، هو اله التاريخ أيضاً .
ما أجمل وما أروع أن نكون كأفراد وككنيسة مشتهين كلمة الله ، فنقرأها ونتأملها وندرسها ونفهمها
لنطبقها . إنها سر قوة المؤمن مهما كان الضيق والألم من حوله . لا أمل فى تقدم
ونمو أى فرد أو كنيسة تهمل التعليم الصحيح من كلمة الله .. فترى هلى تشتاق أن تقرأ
كلمة الله لتنمو روحياً ؟
ج ـ متمثلة بالمسيح : المسيح كما وصفه بطرس هنا،هو حجر الأساس ، الصخر
القوى
الذى بُنيت عليه الكنيسة ، فعلى إعلان
بطرس أن المسيح ابن الله المخلص ، بُنيت الكنيسة وتأسست(مت 16 : 18).هو حجر عثرة
وصدمة لمن لا يقبلونه ، لكنه حجر الزواية لكل الذين قبلوه ، كما أنه حجر حى ، أى
له فاعلية وتأثير وسط شعبه ، يشعر ويحس بنا كما أنه حجر كريم وثمين وغالٍ ، مختار من الله منذ الأزل،( اش 42 : 1) . ورغم ذلك مرفوض من الناس
"جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله "( يو 1 : 11)
الكنيسة الحقيقية يجب أن تكون متمثلة بالمسيح، فكل مؤمن يكون بمثابة حجر حى
يشعر بإخوته ويسندهم ، ويلتصق بهم ، فلا يحيا بمفرده منفصلاً عنهم . يجب على كل
عضو فى الكنيسة أن يدرك أنه كريم جداً فى
نظر الله وغالٍ مجلة المنير الخمسينى .. العدد العشرون .. ديسمبر 2013
، حتى أن
الله اختارنا فى المسيح منذ الأزل ( أف
1 : 4 ). لكن علينا أن نتوقع انه كما رفض العالم المسيح يرفض الكنيسة ويضطهدها .
عندما نتمثل بالمسيح وننظر اليه ، مهما كان الألم والإضطهاد والضيق ، نتشجع ونتقوى
، ولا نتعجب مما يحدث لنا كما قال الرسول يوحنا :" لا تتعجبوا يا أخوتى إن
كان العالم يبغضكم " ( 1 يو 3 : 13 ) وكما قال رب المجد :" طوبى لكم إذا
عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين ، افرحوا وتهللوا لأن
أجركم عظيم فى السموات " ( مت 5 : 11 )
د ـ متماسكة
ومترابطة :يوصى الرسول بطرس الكنيسة المضطهدة المتألمة ، أن تكون
مترابطة ومتماسكة "كونوا أنتم مبنيين كحجارة حية
بيتاً روحياً كهنوتاً مقدساً ، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح
".إن جماعة المؤمنين حتى وإن كانوا متفرقين فى العالم ، ومقسمين إلى طوائف
ومذاهب متعددة، ولكل جماعة رأيها وفكرها ،لكنهم بناء واحد، بيت روحى واحد أساسه
واحد هو الرب يسوع المسيح ، وإيماننا واحد
، ورجاؤنا واحد ، وكلنا لنا مركز واحد أمام الله ، فكلنا كهنة للرب ، ومقدسون فى
المسيح ، أى مخصصون ومفرزون له . وكلنا لنا وظيفة واحدة وعمل واحد ، طالما كنا هنا
على الأرض : تقديم الذبائح الروحية ( العبادة ) والإخبار بفضائل الذى دعانا من
الظلمة إلى نوره العجيب ( الشهادة ) . وهذا يقودنى للنقطة الثانية فى حديثنا ، وهى
وظيفة الكنيسة . موضوع المرة القادمة ، والرب معنا ويباركنا لنكون كنيسة متميزة ،
مشتهية لكلمة الله ، ممتلئة بالمسيح متماسكة مترابطة..