القس : عزيز مرجان
" وسأعطى لشاهدىّ ، فينبأن ألفاً
ومئتين وستين يوماً لابسين مسوحاً " ( رؤ 11 : 3 )
تصور معى أن
فى هذه الأيام الصعبة ، أيام الضيقة ، يوجد من هم للشهادة والنبوة . ولا يمكن أن
تكون نبوة إلا بالروح القدس . معنى ذلك انه سيكون الروح القدس ما يزال على الأرض ،
لأن البعض يقولون إنه فى هذه الأيام سيرفع الروح القدس . وهنا تظهر الحقيقة بنبوة
هذين النبين ، وشهادتهما بالروح القدس ..
" هذا هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب
الأرض ( رؤ 11 : 4 ) .
هذا التشبيه
نجده أيضاً فى ( زك 4 : 2 ـ 6و 11 ـ 14 ) . لقد شبها ( أى الشاهدان ) بالزيتونتين والمنارتين إشارة إلى الزيت
الدائم ، والكلمة المنيرة فى شهادتهما إثناء الضيقة . اما بالنسبة
لوضعهما قائمين أمام رب الأرض فذلك يذكرنا بالغالبين فى عدة أماكن ومنها : ما جاء
فى ( رؤ 3 :12 ) " من يغلب فسأجعله عموداً فى هيكل إلهى ، ولا يعود
يخرج إلى خارج " . أى يكون أمام الله باستمرار . وفى( رؤ 3 : 20) " من
يغلب سأعطيه أن يجلس معى فى عرشى ، كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبى فى عرشه
" فليس بغريب أن يوجد هذان الشاهدان أمام الله . وهما سيقدمان الشهادة فى
أيام الضيقة العظيمة . فهما إثنان من الغالبين موجودين لهذه المهمة ..
" وإن
كان أحد يريد أن يؤذيهما ، تخرج نار من فمهما وتأكل أعداءهما وان كان أحد يريد أن
يؤذيهما ، فهكذا لابد أن يُقتل " ( رؤ 11 : 5 )
هذا النبيان
آخذين حصانة من الله وحفظ ، لأن خدمتهما فى وسط وعر . لذلك فإن أراد أحد أن
يؤذيهنا فسيموت بطريقة فى اللحظة التى فيها ينوى على أذيتهما . وقد تكون حراسة
ملائكية مشددة عليهما تحفظهما من أى خطر ليكملا أيام الشهادة ، ولا تنقص يوماً ولا
ساعة ، ولا تقدر قوة الوحش وأتباعه أن تمنعهما عن الشهادة ..
" هذان
لهما السلطان أن يغلقا السماء حتى لا تمطر مطراً فى أيام نبوتهما ، ولهما سلطان
على المياه أن يحولاها إلى دم ، وأن يضربا الأرض بكل ضربة
كلما أرادا " ( رؤ 11 : 6 )
لقد أعطى
لهما سلطاناً مثلثاً . ولابد أن ندرك أن هذا السلطان المثلث للإثنين معاً .
السلطان الأول أن يغلقا السماء حتى لا تمطر . وهذا كلام واضح ، إذ أن الوحش له
سلطان أن يأتى بنار من السماء ( رؤ 13 : 13 ) ويصنع آيات عظيمة . فهذان الشاهدان لابد أن يكونا هما
القوة الرادعة ، فيكون سلطانهما على السماء .. والسلطان الثانى : على المياه حتى
يحولاهما إلى دم كلما أرادا . أى حسب رأيهما . لأننا نعلم من ( رؤ 8 : 8 ) أن بوق الملاك الثانى سيجعل ثلث البحر دماً . وفى ( 16 : 3 ، 4 ) أن الجامة الثانية حولت مياه البحر دماً ، وأيضاً الجامة الثالثة حولت
الأنهار والينابيع دماً ، فتوجد مناطق يكون فيها أتباع الوحش ..
فهذا
النبيان يقومان بتحويل المياه إلى دم ، إذ أن الله أعطاهما سلطان التصرف كلما أراد
، أى كلما لوم الأمر .. والسلطان الثالث : هو أن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا
، ليحدا من قوة الوحش وسطوته .
وهنا نقف
وقفة فالبعض قال أن هذين الشاهدين هما موسى وايليا ، عندما ذُكرت الضربتان ،
الأول : الدم كما فعل موسى بالمصريين ، والثانية: غلق
السماء عن المطر ، كما فعل ايليا فى أيام أخاب . ونحن لا نقر بهذا الكلام ..
هل خلت الأرض من الشهود الأمناء حتى يرسل الله إثنين من السماء ليتم بهما خدمة مثل هذه ؟! كلا لأن الله عنده شهود أمناء فى كل مكان وزمان ،لكن معجزة غلق السماء وتحويل المياه إلى دم هى للإثنين معاً ، وليس لكل واحد على حدة كما كان موسى وايليا . فموسى لم يغلق السماء ، فلا ينطبق عليه هذا الوصف ، ولا ايليا حول الماء إلى دم .. لكن هذان الشاهدان لهما سلطان معاً أن يغلقا هما الإثنان السماء ، ويحولا المياه إلى دم هما الإثنان أيضاً ، وأن يضربا الأرض بكل ضربة معاً ..
هل خلت الأرض من الشهود الأمناء حتى يرسل الله إثنين من السماء ليتم بهما خدمة مثل هذه ؟! كلا لأن الله عنده شهود أمناء فى كل مكان وزمان ،لكن معجزة غلق السماء وتحويل المياه إلى دم هى للإثنين معاً ، وليس لكل واحد على حدة كما كان موسى وايليا . فموسى لم يغلق السماء ، فلا ينطبق عليه هذا الوصف ، ولا ايليا حول الماء إلى دم .. لكن هذان الشاهدان لهما سلطان معاً أن يغلقا هما الإثنان السماء ، ويحولا المياه إلى دم هما الإثنان أيضاً ، وأن يضربا الأرض بكل ضربة معاً ..
أما القول
" فى أيام نبوتهما " أى فى الألف والمائتين والستين يوماً المحددة لأيام
الضيقة العظيمة ، كما سبقت الإشارة . وأيام النبوة هى أيام الضيقة ، وليست أيام نبوة
موسى وإيليا كما يقول البعض . وهل قرأنا فى الكتاب مرة واحدة إن شخصاً عاد للخدمة
مرة أخرى بعد أن إنتقل من الأرض ، حتى وأن كان إيليا أو موسى ؟! .. ولماذا يعدان
للخدمة فى ذلك الزمن ، هل لا يقدر الله أن يقيم من الحجارة أولاد لإبراهيم ؟! ..
نحن نرى أن هذين الشاهدين هما بطلان قويان . وفى مستوى الباكورة ، ولكنهما إثناء
صعود الباكورة كان يعوزهما شئ ليكملا وينضجا ، وقد وجدا على الأرض للقيام بهذه
الخدمة ..
" ومتى
تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من
الهاوية سيصنع معهما حرباً ويغلبهما ويقتلهما " ( رؤ 11 : 7 )
الهاوية سيصنع معهما حرباً ويغلبهما ويقتلهما " ( رؤ 11 : 7 )
" متى
تمما شهادتهما " أى كمات . 126 يوماً . وهما قد أتما الخدمة بجدارة فيسمع
الله بقتلهما من الوحش الصاعد من الهاوية . أى من البحر ، كما قيل فى ( رؤ 13 : 1 ) عن هذا الوحش الصاعد من البحر .. " وتكون جثتماهما
على شارع المدينة التى تدعى روحياً سدوم ومصر ، حيث صُلب ربنا أيضاً " ( رؤ 11 : 8 )
إن مكان
القتل هو عند المدينة العظيمة التى هى اورشليم الأرضية . لأن الوحش سينصب خيمته
حول هذه الأرض المقدسة .. أما قوله " تدعى روحياً سدوم ومصر " ، فكلمة
" سدوم " تذكرنا بسدوم وعمورة . وسدوم هى مدينة خاطئة وكثر شرها . ومصر
إشارة إلى الكبرياء . لكن الوحى لا يتركنا نحتار فقال : " حيث صُلب ربنا
أيضاً ، أى المدينة التى صُلب فيها الرب يسوع . ونحن نعلم أن الصلب كان خارج
المدينة فى الجلجثة ..
" وينظر
أناس من الشعوب والقبائل والألسنة والأمم جثتيهما ثلاثة أيام ونصفاً ، ولا يدعون
جثتيهما توضعان فى قبور " ( رؤ 11 : 9 )
توجد شعوب
كثيرة مختلفة ستكون فى هذه الأيام فى ذلك المكان حول أورشليم ، فيأتون ليروا جثتى
النبيين ، ولم يسمح الوحش بوضعهما فى قبور ، تشفياً وشماتة وإهانة لهما ..
" ويشمت
بهما الساكنون على الأرض ويتهللون ، ويرسلون هدايا بعضهم لبعض ، لأن هذين النبيين كانا
قد عذبا الساكنين على الأرض ( رؤ 11 : 10
) من عظمة الفرحة التى غمرت قلوب الناس بموت النبيين ،
فرحوا وتهللوا . وهؤلاء الذين فرحوا
فيهما كانوا أشراراً وخطاة .. وقد أذيع الخبر ووصل إلى كل مكان ، وأرسل هؤلاء هدايا
كل للآخر ، لأن هذين النبيين كانا قد عذبا جميع الساكنين على الأرض ، والعذاب هذا هو المذكور
فى عددى ( 5 ، 6 ) حيث تخرج من
فمهما نار وتأكل من يريد أن يؤذيهما ، بالاضافة إلى أنهما كانا فى استطاعتهما أن
يغلقا السماء حتى لا تمطر ، ويحولان المياه إلى دم ، ويضربا بالأرض كل ضربة ..
" ثم بعد الثلاثة أيام والنصف دخل فيهما روح حياة من الله،فوقفا على ارجلهما.ووقع
خوف عظيم على الذين كانوا ينظرونهما "(رؤ 11: 11)
حقاً لقد
صدق الرب عندما قال " فرح الفاجر إلى لحظة " . فلم يتمتع هؤلاء الأشرار
بفرحتهم لموت هذين النبيين . ولقد دخل فيهما روح حياة من الله ، فعاشا مرة ثانية
ووقفا على ارجلهما . فالغريب أن الشامتين كانوا ينظرون اليهما . وقد عادت اليهما
الحياة مرة أخرى ، وأخذوا قوة القيامة التى تكلم عنها بولس : " لأعرفه وقوة
قيامته " . ووقع على هؤلاء الأشرار خوف ورعب من هول المنظر !!
" وسمعوا
صوتاً عظيماً من السماء قائلاً لهما : إصعدا إلى ههنا ، فصعدا إلى السماء فى
السحابة ونظرهما أعداؤهما " (رؤ 11: 12 )
لقد اكتمل
الرعب والخوف أكثر عندما سمع الناس صوتاً مقبلاً من السماء يأمر هذين النبيين
بالصعود إلى هناك فى السحابة . وكان أعداؤهما واقفين ينظرونهما صاعدين .. تصور معى
حالة هؤلاء الأعداء فى هذه اللحظة ، وقد باءت خططهم بالفشل..