دكتور القس / صفاء داود فهمى
وردت هذه الآية فى الرسالة الأولى إلى
أهل كورنثوس ، الأصحاح الخامس عشر ، حيث يقول الرسول : " وإلا فماذا يصنع
الذين يعتمدون من أجل الأموات ؟ إن كان الموتى لا يقومون البتة ، فلماذا يتعمدون
من أجل الأموات ؟ ( 1 كو 15 : 29 )
لا شك أننا نواجه فى هذه الآيه أمراً من
الأمور التى يصعب تفسيرها . فعشرات المفسرين وقفوا عاجزين عن القطع فى تفسيرهم لما
تعنيه عبارة " يتعمدون من أجل الأموات !" فكلمة " لأجل " تعنى
فى اللغة اليونانية :
أ ـ تعنى (
فوق ) وهو تعبير يشير إلى الأشياء ..
ب ـ تعنى (
بدلاً من ) أو ( نيابة عن ).
قد يعاون
تعرفنا على هذين المعنين على تفسير هذه العبارة ، فاذا فسرناها بمعنى(فوق) فسوف
تشير إلى أولئك الذين كانوا يعتمدون فوق قبور الشهداء ، على إعتبار أنها أرض مقدسة
، أرض السحابة غير المنظورة من الشهود المحيطة بالمكان . أما إذا أستخدمت بمعنى (
بدلاً من )أو( نيابة عن ) ، فأنها ستشير إلى أشياء عديدة أهمها :
أ ـ الإعتماد لشغل الأماكن التى خلت فى الكنيسة بسبب
وفاة
بعض الأفراد ..
ب ـ الإعتماد نيابة عن إنسان مات قبل أن يتمتع
بممارسة فريضة المعمودية ، والتمتع بمميزاتها وبركاتها . وقد ظن المعتمدون
بالنيابة أن غير المعمدين سيكونون على مسافة
أبعد من الرب فى السماء بعكس المعمدين ..
ج ـ لضمان السعادة لأجل
المخلصين التائبين ، الذين كانوا يستعدون للإنضمام لعضوية الكنيسة ، لكنهم ماتوا
قبل أن يتم ذلك.
د ـ الإعتماد نيابة عن الذين أستشهدوا بسبب
تمسكهم بإيمانهم ، ولم يتمكنوا من الاعتماد ، حتى لا يخسروا مكافأة استشهادهم .
و ـ المراد بالاعتماد من أجل الأموات ، هو
إعتراف كل مؤمن عند موته بأن قيامة الأموات من ضروريات الإيمان ، وأن الراغب فى
الاعتماد لابد أنه يؤكد هذا
لذا إعتاد
المعمدون أن يسألوا طالبى الإعتماد : " هل تؤمن بقيامة الموتى ، وهل تعتمد
معترفاً بذلك ؟ "
وعلى ما يبدوا
أن سؤال الرسول هنا مقدم فى صيغة إستنكارية تعنى : كيف يُسمح لكم أن تعتمدوا
معترفين بقايمة الأموات . وأنتم تنكرونها ؟ أو كيف يُسمح لكم أن تعتمدوا بدلاً من
الشهداء ، وتقبلون أن تقفوا مكانهم ، وتعانوا مصيرهم ، وأنتم لا تقبلون بحقيقة
قيامة الأموات ؟ أى تفسير ستفد موته لمن يسألكم عن سبب هذه المخاطرة ؟
وعلى الرغم
من كل المحاولات ، فهو نص لن يتوقف البحث فيه . ولكل قادر على البحث أن يدلى بدلوه
..