د. شهدي جاد
ونحن الآن فى الفصل الأخير من الأحداث
النبوية ، والمسرح العالمى يتهيأ لإستقبال آخر فصول التاريخ البشرى ، والذى دائماً
يصب فى قالب النبوة .. والمطلوب والملح من أى وقت مضى أن تكحل الكنيسة عينها بكحل
لكى تبصر جيداً ..
دراستنا هذه المرة عن الباكورة والغالبين ،
مما جاء فى كلمة الله . وفى اعلان من أقوى الإعلانات عن هذا التعليم العظيم . وهو
ما جاء فى ( رؤيا أصحاح 12 ) هذا الاصحاح بالذات به عدة محطات لابد أن نتوقف عندها
، وندرسها بنزاهة شديدة . فلا داعى لتفويت الفرصة لكى نتعلم درساً جديداً فى كلمة
الله ..
سنتعرف على ـ المرأة المتسربلة ـ الابن الذكر ـ باقى نسل المرأة ـ الحرب
التى فى السماء ـ هذا الى جانب الوحش الذى سيصنع حرباً مع باقى نسل المرأة .
اولاً : المرأة المتسربلة : سنطرح أماك ، عزيزى القارئ كل أقوال المفسرين .
ولك مطلق الحرية أن تقبل أى فكر بشرط أن تستريح له ..
الرأى الأول : إن المرأة المتسربلة هى الأمة الإسرائيلية ، ويستند هذا
الرأى فى تفسيره على حلم يوسف ، والذى رأى فيه الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً
ساجدين له .. ويقول أصحاب هذا الرأى : إن هذه المرة هى الأمة اليهودية . ونفس
الصفات المذكورة عنها فى نفس هذا الاصحاح ، موضوع الدراسة ..
ولكن هذا الرأى مطعون فيه فى النقاط التالية :
أولاً : إن هذه الآيه ظهرت فى السماء . والأمة اليهودية مركزها أرضى وليس
سماوياً ..
ثانياً : هلى هذا المنظر من شمس وقمر واثنى عشر كوكباً ، هل هو حال هذه
الأمة ، والتى لا تزال فى أيام " لوعمى "(هو1 : 9) فهى التى صلبت ربنا ،
وهى لاتزال فى أيام القساوة الجزئية ( رو 11 : 25 ) حتى بعد أن يشفى الرب ارتدادها
كأمة..وفى(14: 4) لن يكون مجدها أكثر من أنها تزهر كالسوسن ، وتمتد خراعيبها ،
ويكون بهاؤها كالزيتونة ، ولها رائحة لبنان . فلن ترتقى أبداً إلى مستوى إنها
تتسربل كالشمس والقمر تحت رجليها !!
ثالثاً: يقال عن هذه المرأة أنها متمخضة ومتوجعة لتلد : وأين تمخضت أمة
إسرائيل وتوجعت حتى تلد أبنها الذكر ، الذى هو المسيح ، حسب رأيهم ..
فالتمخض دائماً مرتبط بالكنيسة : حسب قول بولس :" يا اولادى الذين
اتمخض بهم إلى أن يتصور المسيح فيكم "
الرأى الثانى : المرأة المتسربلة هى العذراء مريم ، والابن الذكر هو المسيح
. ولكن ابن كاتب قيصر ، وهو مفسر ارثوذكسى ، يعترض على ذلك ، خاصة من جهة هروب
المرأة 126 يوماً . وأعطائها جناحى النسر العظيم . وأين هو باقى نسل المرأة ، رغم
أن أصحاب هذا الرأى لا يؤمنون أن للعذراء نسلاً آخر غير المسيح ، ونحن لا نختلف
معهم على ذلك .. ولم يذكر الكتاب عن ولادة المسيح من العذراء إنها تمخضت وتوجعت
اثناء الولادة فالمسيح فى (مز 22) يقول :" لانك جذبتنى من البطن .. عليك
أُلقيت من الرحم " ..
الرأى الثالث : إن المرأة المتسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها ، هى الكنيسة
، والابن الذكر يمثل جماعة المؤمنين الغالبين ، والذين خرجوا من رحم الكنيسة بعد
الآم مبرحة ، وولادة صعبة ، الى أن تصور المسيح فيهم ، وأصبحوا يسلكون سلوكاً
ويحملون صفاته .. وباقى نسل المرأة هم جماعة مؤمنين أيضاً ، ولكن بسبب بعض
التجاوزات وعدم التدقيق فى حياتهم ، فقدوا بكوريتهم . ولهذا سيدخلون الضيقة
ليقاسوا من ضرباتها ، ويهربوا الى البرية . ولن يتركهم الرب ، ولكن سيعولهم ،
ويعطيهم جناحى النسر العظيم ( رؤ 12 : 14 )
البعض يعترض على القول بأن الكنيسة إمرأة بحجة أن الكنيسة عذراء . ولكنهم
تناسوا أنها ذُكرت عدة مرات مباشرة أنها إمرأة ، مثل :" عُرس الخروف قد جاء
وامرأته قد هيأت نفسها "( رؤ 19 : 7 ) و " هلم فأريك العروس امرأة
الخروف "( رؤ 21 : 9 ) وهنا ذُكرت امرأة لأن لها ابن ذكر ، ولها باقى النسل
..
والمرأة المتسربلة بالشمس . أى المسيح . والقمر تحت رجليها . أى كلمة الله
التى قيل عنها انها سراج . ( مز 119 : 105 )
وقد يقول معترض : اذا كانت الكنيسة هى جماعة المؤمنين ، كيف يكون لها أولاد
، ومن هم هؤلاء الأولاد ؟ . ليس غريباً أن تكون الكنيسة ، وهى من جماعة المؤمنين ،
لها أولاد من المؤمنين ، بدليل قول بولس :" يا أولادى الذين اتمخض بهم "
. وأيضاً قيل عن الكنيسة إنها أم لكل المؤمنين ." أورشليم العليا التى هى أمنا جميعاً "(
غلا 4 : 26 )
أما القائلون بأن الابن الذكر هو المسيح ، فتعترضهم عدة مشكلات :
+ عند ولادته أختطف الى الله ، والى عرشه . فهل المسيح صعد مباشرة بعد
ولادته ؟ وأين الـ 33 سنة على الأرض ، وأين الآمه وموته وقيامته ؟
+ لم يحدث أيضاً أنه بعد صعوده ، حدثت معركة فى السماء بين ابليس
وبين ميخائيل رئيس الملائكة ..
+ سفر الرؤيا لا يروى لنا أحداثاً حدثت فى الماضى ، وهى ولادة المسيح
وصعوده ،ولكن هى
نبوات مستقبلية " ما لابد أن يكون بعد هذا " ( رؤ 4 : 1 )
+ إن صعود المسيح إلى الآب ، لا لكى ينجيه من
هيرودس الذى يريد أن يبتلعه ، هذه معلومة غير صحيحة . فالمسيح لم يهرب أبداً من
أرض المعركة ، ولم يخطفه الله لكى ينقذه من الوحش . المسيح سحق رأس الشيطان ، وجرد
الرياسات على الصليب ، وقام منتصراً من الأموات ..
+ أخيراً كلمة " اختطف " ولدها إلى
الله وإلى عرشه ، وأنا أسأل ما سأله القس / بطرس لبيب فى كتابه " مختار
التعليم الخمسينى " " هل المسيح أختطف يا قوم ؟ حاشا أن يُقال عنه هذا
اللفظ ، فهو لا يتناسب معه جملة وتفصيلاً " . المسيح
يُقال عنه " صعد " وليس أُختطف
. ( أنظر مر 16 : 19 ولو 24 : 51 ، و يو 20 : 17 )
إذاً من يكون الابن الذكر ؟ الابن الذكر يمثل جماعة المؤمنين الغلبين
والفئة الممتازة ، والتى عاشت كما عاش سيدها ، فهم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب
، وفى أفواههم لم يوجد غش ، لأنهم بلا عيب قدام عرش الله .(رؤ 14 : 1) . وهم
بالطبع سُيخطفون كما أختطف أخنوخ قبل الطوفان ، وتُرك نوح ليجتاز الطوفان ،
محفوظاً بداخل الفلك . والكتاب يحدد الميعاد بالضبط ( فى وسط الأسبوع ) . وبعده
ستذهب الكنيسة بباقى نسلها إلى البرية لتعال من الله ( كما نوح فى الفلك ) 260
يوماً ..
ويذكر القس/صموئيل مشرقى فى كتابه " الباكورة والإختطاف الباكر "
خمسة شهود يؤيدون الباكورة : وهم كما يلى :
1ـ مايربيرلمان الرسولى : فى كتابه " صدق كلمة اله " ص 225 ،
شروط اختطاف الباكورة هو : السهر ـ الأمانة ـ الحكمة ـ النشاط ـ البساطة ـ التضرع
ـ الثبات فى المسيح ـ الامتلاء المتواصل من الروح القدس .. هذه الشروط تؤهل المؤمن
ليكون من الباكورة . وان جانبته يترك ليجتاز الضيقة " 2ـ فى كتابه الأيام الأخيرة ، للعلامه داسايس
" إن جماعة المكرسين الساهرين المنتظرين لرجوع الرب ، وهم يؤخذون أولاً ،
بينما يُترك الآخرون ليجتازوا الضيقة . ويشهد عنهم فى ( رؤ 14 : 1 ـ 5 ) "
إنهم اشتروا من بين الناس باكورة "
3ـ فى مجلة " كوكب الصبح " وهى لسان حال الرسوليين فى عدد مارس
1927 :" ان الأبن الذكر ، الذى ولدته المرأة المتسربلة بالشمس هو الباكورة ،
وهو يمثل الأقلية من المسيحيين الساهرين "
4ـ فى نبذة" علامة المنتهى" للباحث الشهير " بمبر " ص
5 : " إن الأصحاحين 12 و 14 من سفر الرؤيا يعلنان ذلك الحق ، وهو أن الباكورة
من أمناء الكنيسة على الأرض ، ستخطف الى الله وإلى عرشه قبل أن يُطرح الشيطان إلى
الأرض "
5ـ القس إبراهيم سعيد رئيس الطائفة الإنجيلية الأسبق فى كتابه " فتح
السفر المختوم " ص 7 يقول : " يعتقد فريق من المفسرين أنه من رحمة الله
على الكنيسة أن لا يسمح بمرورها فى الضيقة العظيمة . وفريق آخر يعتقد أن إختطاف
الكنيسة لا يكون جامعاً ، بل يختطف منها المستعدون للقائه المجيد ( الباكورة ) ، أما غير المستعدين فسيبقون فى العالم لتصهرهم نيران
الضيقة ! .. وهذا رأيى أنا "
عزيزى القارئ الكريم .. امامك كل الحقائق ، فلا تستهن بالحق الكتابى ..
اقرأ جيداً .. وصل بحرارة . لن تخسر شيئاً إذا لأطعت الإنجيل .. الخسارة فى العناد
، وصم الأذان . والربح فى الطاعة ، وكره العصيان .. خذ قرارك واتبع الهك ..
إلى اللقاء ..