من
يغلب يرث كل شئ ( رؤ 21: 7)
القس
/ عطية كامل
لا توجد غلبة في دائرة الموت، ولا يدعو
الله أبداً المأسورين لسلطان هذا الموت
إلى كسر أغلالهم، بل هو بنفسه – تبارك اسمه – يعطي الحياة للموتى، ويكسر قيود كل
منهزم. وحينئذاك تبدأ أجراس الحق تقرع مسامعهم، وتدعوهم نداءات الغلبة للدخول إلى
هذه الحلبة المباركة التي يسعى كل من فيها نحو الغرض ( في 3: 10).
وبنعمة من الله يجاهدون جهاد الإيمان الحسن ممسكين
بالحياة الأبدية (1تي 6: 12)..عالمين أيضاً أنه إن كان أحد يجاهد لايكلل إن لم
يجاهد قانونياً (2تي2: 5 ) وهو جهاد في
محبة صادقة لله والناس، جهاد ضد الشهوة
وكل وشر، وسهر يغلب الأنانية والذات. ولقد دخل صادقاً رجل الله بولس إلى
دائرة الأتعاب هذه، وها صوته مدوياً وهو يقارن نفسه بالرسل الآخرين قائلاً : "
... أنا تعبت أكثر منهم جميعهم.. " (اقرأ1كو 15: 9- 11 ). كما أنه دعا
الجميع إلى الغلبة والجهاد بقوله: "... اركضوا لكي تنالوا " (1كو
9: 24 ). بشرط أن كل
من يجاهد يضبط نفسه وفي كل شئ
(1كو9: 25 ) ولأجل هذا مكتوب( ولا يمكن أن يُنقض المكتوب ) في ( رؤ21: 7 )
" من يغلب يرث كل شئ، وأكون له إلهاً وهو يكون لي ابناً " وهو قول
إلهي صادم، لأنه جعل البنوية والوراثة حكراً على الغالبين. وهذا عدل، فلن يرث من
أحب العالم الحاضر، شيئاً سماوياً، ولا يمكن أن يدعو الله الزاني في كورنثوس ابناً
له. وهنا قد يسأل أحدهم قائلاً: "ألا يمكن أن يتناقض هذا مع ما جاء في
(يو1: 12) وهو أن الذين قبلوا المسيح صاروا أولاد الله ؟ والجواب هو: كلا.. وذلك لأن الولادة من الله تضعني على الطـــــــــــريق
إلى وراثة كل شئ، ولكنها لا تضمن لي
ذلك ، لأنه ما دام الوارث قاصراً ( أو طفلاً، حسب الكتاب المقدس بالشواهد ) فهو لا
يفرق شيئاً عن العبد. ( غل 4: 1) ولا وراثة لعبد أو لطفل، كما أن قصد الله هو أن
ينموا أطفاله في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. (2بط 3: 18 ) مع (
1بط 2: 1، 2 ). لكي يكونوا مشابهين صورة ابنه. ( رو 8: 29 ). بعد أن يتصور المسيح
فيهم ( غل4: 19) من خلال سهر وجهاد ومخاض وتعب ليس بقليل !!
إن الله حينما يقصر الميراث والبنوية على الغالبين فقط فهو بهذا يصنع
عدلاً، لأنه إن كان كل شئ للجميع فأين هي مكانة السهر والجهاد، بل ماهي مكافأة
الأمانة والتعب ؟!. إن الله يحب ابنه ربنا يسوع المسيح، وسيتبنى فقط من سيشبهونه
ليكون هو بكراً بين أخوة كثيرين. وأما الباقون فلهم فقط هبة الخلاص والحياة، ولكن
خلاص بعضهم سيكون كما بنار. وهو أيضاً قول صعب ولكنه وحي صادق من إله عادل !!
ولكنه صادم لمن وسعٍّوا طريقاً أراده الله ضيقاً.. ويا ويل لكل من يفعل هذا!!..
وإذ عرف بولس الرسول هذا كتب يقول:
" بل أقمع
جسدي وأستعبده، حتى بعد ما
كرزت للآخرين
لا أصير أنا نفسي مرفوضاً "
( 1كو9: 27 )
فهو وقدعلم أن الرفض سيكون مصير المتراخين، قرر أن يكرس طاقاته كلها لقمع طبيعته
العتيقة وإستعبادها، حتى يضمن لنفسه مكاناً بين من سيعترف بهم المسيح قدام ملائكة
الله كأبناء له. ( لو12: 8، 9).. يقول القديس جيروم: " لو أننا جميعاً
نكون متساوين في السماء، فباطلاً نتضع هنا لنصير عظماء هناك"
أعزائي..
الآن نحن أولاد الله، وعلينا أن نسلك وفق هذا، ونشعل مصابيحنا، ونكنز لنا كنزاً في
السماء، وأن نسلك كما يحق لإنجيل المسيح، فتمتلئ أوعيتنا زيتاً، ولا نتعرض للخجل
عند مجيئه (1يو 2 : 28 ). نعم من يغلب يرث كل شئ يقول الرب: " وأكون له
إلهاً وهو يكون لي ابناً " ( رؤ21: 7 ) وهو وعد إلهي مشروط جعل البنوة
والوراثة قاصرة على من يغلب، وهو كلام الله ولا يحتاج إلى تفسير، فوضوحه المتوهج
ينبغي أن يُسكت الجميع، كما أن السفسطة والهروب هي دائماً نكبة المصائر، وآفة
المساكين، وطريق الجاهل لنطح الحقائق، ولكن الحقيقة دائماً تكسر خائفيها وتهزم
أعداءها. وتظـــــــــــــــــــل هي دائماً صامدة يرجع البشر إليها، ولا تنكسر
لهم أبداً !
لذا أصلي أن ينير الله أذهاننا، فنعرف الحق
والحق سيحررنا. ولأن المقامرة بالمصير أمر خطير!! فدعونا نفحص ونيحث في الكتب كل
يوم، ولنكن كأهل بيرية الشرفاء الذين قبلوا الكلمة بكل نشاط ، فاحصين الكتب كل يوم
هل هذه الأمور هكذا؟ (أع17: 11 ) والرب معكم .
ق. عطية كامل.